يظل بعض الأشخاص وعلى مر السنين كما هم، لديهم قناعة بأنهم ليسوا بحاجة إلى أي تعديل أو تغيير في أفكارهم وسلوكياتهم وعاداتهم، والمقصود هنا التغيير الإيجابي، وموقفهم هذا ينطلق من مبدأ أنهم أفضل من غيرهم، ولا يهمهم رأي الآخرين لأنهم يعتقدون أنهم يسيرون في حياتهم على الطريق الصحيح، وليس هناك ما يجبرهم على تغيير نمط التفكير والحياة التي يعيشونها بالرغم من أن القريب منهم لا يشعر أنهم سعداء بخياراتهم، أو متسامحون مع أنفسهم، أو راضون عن حياتهم. هؤلاء الأشخاص ممكن أن يكونوا من أفراد الأسرة أو من الأقارب أو الأصدقاء أو من زملاء العمل أو من الرؤساء. أهمية أن يعيد الإنسان النظر في أفكاره وعاداته وأن ينفتح على رؤى وتجارب وقراءات جديدة لا تنبع من أن التغيير مطلب من الآخرين بقدر ما سيجلبه التغيير من سعادة وسلام للشخص نفسه وقدرة على تحقيق الأفضل في الحياة. أعرف أشخاصاً قلما تهمهم صورتهم عند الغير، وفي الوقت نفسه يتعطشون لسماع كلمة مديح وإطراء على أي شيء، وهو موقف يعبر عن الغرور واللامبالاة أكثر مما يعبر عن الثقة في النفس والاهتمام بالآخرين، لذلك تجدهم مستمرين في ردود أفعالهم التي غالبا ما تسبب لهم الكثير من الخسائر على صعيد العمل والعلاقات. وإذا حصل أي تغير طفيف في مواقفهم وسلوكهم ولم يتلقوا اعترافا سريعا وتقديرا لذلك فإنهم سرعان ما يعودون إلى سابق عهدهم، غير مدركين أن التغيير يتطلب صبرا ومثابرة ليتحول إلى طبع وسجية، وسيكون أثره إيجابيا عليهم قبل غيرهم. يقال في العامية (أبو طبيع ما يغير طبعه) وهو خلاصة تجربة بشرية طويلة لاشك في ذلك، ولكن هل التغيير مستحيل؟ لا يعتقد الخبراء ذلك، فالمثل يحكي حالة الشخص الذي لا يرى حقيقته، ولايدرك نقاط ضعفه وقوته وكيف يراه الناس، ويصر على لوم الآخر، ولكن بشيء من الصدق مع النفس، والتأمل في علاقاته مع من حوله، وردود أفعالهم تجاهه يمكنه أن يبدأ الخطوة الأولى في التغيير. مسألة الصدق مهمة في التغيير، لأن الصفة المشتركة بين هؤلاء المتشبثين بطباعهم هي الكذب على النفس وعلى الآخرين، ربما دون أن يشعروا أو يتعمدوا، فهم يستسهلون بعض الأكاذيب والادعاءات لأنها تساعدهم في بعض المواقف، ولكن مع الأيام تؤثر تلك الأكاذيب حتى البسيطة منها في علاقاتهم لأنها تفقدهم ثقة الآخرين واحترامهم وتظهر ضعفهم وحساسيتهم، وبالمقابل فإنهم يجفلون ممن يصدقهم القول والفعل لأنهم يرفضون مواجهة الواقع الذي يفرض عليهم التغيير. يقول الأديب الروسي تولستوي "كل واحد يفكر في تغيير العالم، ولكن لا أحد يفكر في تغيير نفسه".
مشاركة :