الجمع بين المال والشهرة، والترابط الأسري مسألة ليست سهلة، وتنشئة الأبناء في هذا الزمن على الاستقلالية وقيم العائلة، على المثابرة والانضباط، على حب العلم والعمل رغم الثراء، حالة نادرة ولكنها ممكنة. دونالد ترامب أحد ملوك المال يعد حسب ما يقال ويكتب عنه وما يحكيه أبناؤه نموذجا لمثل هذه الحالة، تقول ابنته التي تعمل معه بعد أن دربها في مجالات عمل متعددة، بجانب عملها المستقل في مجال الأزياء والتصميم: إن أكثر الناجحين الذين تعرفهم يقضون وقتا أطول في توجيه الأسئلة لمن حولهم أكثر من الإجابة عن أسئلة الآخرين، وهي ترى أن نجاحها في شغلها يعود إلى قيم العمل التي اكتسبتها من والديها، وإلى استعدادها للعمل ساعات طويلة بلا كلل ولا تذمر، وتؤكد أن والدها ينتظر الأداء المتميز من كل من يعمل معه بمن فيهم أبناؤه، ومع أن نشأة الأبناء في بيت أب ناجح مثله قد يشكل ضغطا عليهم إلا أنه لم يكن هناك إحساس ملح لإثبات النفس بسبب الثقة التي يشعرون بها، وفي إحدى المقابلات التي أجريت معها ذكرت أن أباها كان ينفق في صباها على احتياجاتها الأساسية فقط. الجد في العمل قيمة عليا في دول الغرب، وولادة إنسان وملعقة الذهب في فمه كما يقال لا تعني أنه سيكون ثرياً في المستقبل إذا لم يعمل ويجد، وقد قرأت مؤخرا عن تخوف عدد من مشاهير وأغنياء العالم من العصاميين أمثال (بيل غيتس) مؤسس مايكروسوفت، و(تيد تيرنر) مؤسس CNN و(جورج لوكاس) مخرج ومنتج سلسلة أفلام حرب النجوم، و(وارن بافيت) عملاق الاستثمار، من منح المال الكثير للأبناء لأنه يفسدهم ويهدم قيم العمل لديهم، لذلك قرر الأول التبرع بمعظم ماله للأعمال الخيرية وترك جزءا منه لأبنائه، لأن توريثهم ثروة كبيرة ليس في مصلحتهم، وتبرع الثاني بمبلغ بليون دولار للأمم المتحدة، ولم يعد لديه الكثير ليعطيه لأبنائه، أما الثالث فهو لا يخطط لترك الكثير من ماله لأنه ينوي تكريس معظم ثروته لتطوير التعليم فهو يرى أن التعليم أساس بقاء البشرية، وقال ابن الرابع إن أباه أورثه القيم لا الثروة !! وقد سر الثري (ستيفن هيوارث)لأن ابنته ستعمل خلال إحدى العطل الصيفية في متجر للملابس فهو يريدها أن تتعلم قيمة الدولار!! جميل أن نسمع في مجتمعاتنا عن أثرياء أعطوا الأولوية لعائلاتهم، وربوا أبناءهم على الجد والتواضع واحترام الآخرين، وعلى تسيير أمورهم الحياتية بالاعتماد على أنفسهم وجهودهم، وعلى الاعتزاز بما حققوه لا بما ورثوه.
مشاركة :