تصاعدت أزمة بيع الوقف المسيحي في القدس المحتلة، لإسرائيل، مع ردود فعل شعبية وبرلمانية، تدين ما وصفته بالـ «الصفقة المشبوهة» التي طالت أكثر من 500 دونم، من قبل بطريرك الروم الأرثوذكس «ثيوفلوس»، في وقت اصدرت البطريركية بيانا دافعت فيه عن موقفها، مؤكدة انها «لم تبع أرضا» كانت في حوزتها بل هي أرض استولت عليها إسرائيل منذ العام 1951، وبهدف «انقاذ» حق البطريركية المالي واستخدامه للحفاظ على وجودها. التفريط ولو بجزء من تراب فلسطين خيانة عظمى وأصدر نحو 40 نائبا أردنيا، بيانا، هاجموا فيه موقف البطريركية الارثوذكسية تجاه املاكها بفلسطين، وطالبوا بوقف ما اسموه «الإستهتار بالوقف المسيحي الأرثوذكسي في القدس» معتبرين أن هذا الوقف «يتعرض للتفريط والبيع، وأنه في أيد غير أمينة وخاصة البطريرك ثيوفلوس وأعوانه من اليونانيين » وطالب المجلس المركزي والشباب العربي الأرثوذكسي في عمّان، بضرورة «تدخل الحكومتين الأردنية والفلسطينية للضغط على ثيوفلوس وأعوانه لإلغاء صفقة بيع ما يزيد على 500 دونم من الوقف المسيحي الأرثوذكسي لمستثمرين صهاينة دون وازع من ضمير، وضاربا بعرض الحائط كل التعهدات والالتزامات التي قطعها سابقا على نفسه وأمام جهات اعتبارية موزونة .. وتأكيدا على الثوابت الوطنية الفلسطينية فإن محاولة التفريط ولو بجزء من تراب فلسطين لصالح الصهاينة يشكل خيانة عظمى للوطن ولقضية شعب ما زال يقاوم المحتل الغاصب لنيل استقلاله وحريته» الصفقة الصادمة والخطيرة ومن جانبه حذر الكاتب والمحلل السياسي الفلسطيني، محمد خروب، من الصفقة الصادمة والخطيرة، والتي تستدعي تحركاً سريعاً للوقوف على حقيقته، وكشفه للجمهور الفلسطيني والعربي، ومعرفة ما اذا كانت الكنيسة الأرثوذكسية قد تورّطت في صفقة بالغة الخطورة كهذه، أو أن الأمور سيجري الطمس عليها وإسدال ستار التشكيك والنفي غير الموثق والمحمول على اتهامات وتنديدات ومزايدة سياسية، والغمز من قناة النشطاء والحركات الوطنية التي تقوم بالكشف عن مخططات مشبوه يجري تنفيذها بصبر وأناة، ووفق أجندة زمنية محددة، تستهدف بيع كل الأراضي ذات مساحات كبيرة واستراتيجية في مختلف أنحاء فلسطين التاريخية خصوصاً في القدس، التي شهدت صفقات عديدة تم فيها بيع املاك الكنيسة الارثوذكسية، انتهى الجدل والرفض الشعبي حيالها، الى أن أصبحت مُلكاً لدولة الاحتلال, وضاعت كل الجهود التي بُذِلَت من اجل إبطال تلك العقود، وخصوصاً التي تمت في عهد البطريرك الحالي ثيوفيلوس الثالث. وقال «خروب» : إن الأرض المُباعة في صفقة خطيرة كهذه، هي آراض ساحلية، قسم منها أرض بناء وقسم منها منطقة صناعية، ونحو 14 دونماً منها شوارع والقسم الأكبر منها منطقة تاريخية، فيها مدرّج روماني وكنيسة قديمة ومناطق أثرية جدا، تُباع بمبلغ سخيف (بافتراض حسن النية وبافتراض أن المسألة مسألة نقود، إلاّ أنها ليست كذلك، بل هي جزء من صراع ممتد بين أصحاب الحقوق والمستعمِرين الصهاينة ومَنْ يؤيد مشروعهم الكولينالي الإحلالي). الصراع على الأرض وأضاف: ثمة من قد يجادل بأن هذه أملاك للكنيسة ولها حرية التصرف فيها، إلاّ أن منطقاً متهافتاً كهذا لا يمكن التسليم به أو قبوله، يمكن أن يُقبَل في دولة أخرى وفي مكان آخر من العالم… إلاّ في فلسطين، لأن الصراع بدأ وسينتهي على «الأرض»، التي كانت بداية المشروع الصهيوني تحت شعار «متر من هنا ومتر من هناك نبني الدولة» وما يزال قائماً، وما يحدث في الضفة الغربية المحتلة من استيلاء على الاراضي واقامة المستوطنات عليها خير دليل. تبرير الكنيسة الأرثوذكية من جهتها، اعتبرت بطريركية الروم الأرثوذكس أنها «لم تقم ببيع اراض أو عقارات كانت بحوزتها أو تحت تصرفها في الأراضي المحتلة»، موضحة أن « الحديث يدور عن 528 دونم أرض كانت تملكها البطريركية وتم الاستحواذ عليها العام 1951 فور قيام إسرائيل العام 1948، وهي موزعة على عدة مناطق وتم تنظيم السواد الأعظم من هذه الاراضي من قبل السلطات الإسرائيلية مرافق عامة وحدائق للبلدية، وشوارع ومقابر ومسار لسكة الحديد وعلى جزء آخر منها اقام الإسرائيليون عليها ابنية سكنية، كما أقيم على بعض تلك الأراضي مبنى الكنيست الإسرائيلي والمحكمة العليا والمكاتب الحكومية واحياء سكنية اخرى، وأن كل ما قامت به البطريركية اليوم هو انقاذ حقها المالي واستخدامه للحفاظ على وجودها من اجل خدمة وحماية اراضيها وممتلكاتها ومقدساتها الدينية في البلدة القديمة ومناطق 67 التي تهددها يوميا المؤامرات الشرسة والضغوطات والضرائب الباهظة المفروضة عليها من قبل اسرائيل وذلك قبل فوات الاوان». سوابق «فضائح» بيع أراضي الكنيسة الأرثذوكسية بيانات الكنيسة الأرذوكسية، لم تنطل على القوى السياسية والشعبية داخل فلسطين المحتلة، والتي ربطت بين فضيحة بيع كنيسة كاثوليكية أراضي فلسطينية لإسرائيليين قبل عامين ( ملكية أرض قيساريا بالكامل ، بما تحويه من معالم أثرية وكنوز تاريخية، والتي تبلغ مساحتها 834 دونماً مقابل مليون دولار، وذلك بعد صفقة سوق الدير المركزي بجانب دوار الساعة في يافا)، وبين الـ«صفقة المشبوهة» بين الكنيسة الأرثوذكسية اليونانية وشركة «نايوت»، تقضي ببيع الأولى حقوقها بملكية الأراضي في منطقتي «الطالبية» و«الرحفية» غرب القدس المحتلة، لشركة إسرائيلية ترأسها عائلة بن ديفيد..وبموجب الصفقة السرية فإن الكنيسة قد باعت ما يقرب من 500 دونم من أراضي غرب القدس، ونحو 1200 وحدة سكنية، وممتلكات أخرى تابعة لها، للشركة «الإسرائيلية» سراً على شكل عقود إيجار. مخطط خطير الناشط في ملاحقة عمليات بيع أملاك الكنيسة، وعضو المجلس الأرثوذوكسي في الأراضي المقدسة، عدي بجالي، أكد أن فعل الكنيسة الأرثوذكسية يأتي ضمن «مخطط خطير» لتسليم المدينة المقدسة لإسرائيل، معتبراً أنها تخالف كل القوانين..واتهم «بجالي» الكنيسة بالسعي إلى تسليم أماكن حساسة ومهمة للاحتلال الإسرائيلي عبر صفقات بيع سرية، داعياً إلى التصدي لمثل هذا المؤشر الخطير. وكشف عضو المجلس الأرثوذوكسي في الأراضي المقدسة، عن جهود يقف وراءها القائمون على الكنيسة لتصفية أملاكها في الداخل الفلسطيني المحتل وبيعها بصفقات سرية لشركات أو عائلات يهودية، موضحاً أن ذلك يجري «دون أي رقيب أو ضغط من المعنيين» .. وناشد «بجالي» الفلسطينيين من الطائفة المسيحية بضرورة التصدي لمخططات البطريرك اليوناني ثيوفيلوس الثالث، والمتعاونين معه، في بيع أملاك المسيحيين الفلسطينيين. البيع بثمن بخس !! ويتواصل مسلسل الفضائح الرامية إلى تهويد الأرض الفلسطينية وتشجيع الانتشار الاستيطاني، عبر صفقات بيع سرية لممتلكات وأراضٍ فلسطينية لشركات وعائلات «إسرائيلية» .. وهذه الأرض باعتها الكنيسة مؤخراً لجهة «غريبة»، شركة عنوانها في دولة اسمها (سانت فينسنت والغرينادين) الواقعة في منطقة البحر الكاريبي، ويمثلها مكتب محاماة من «رمات هشارون»، وبالاضافة الى كل الخطورة التي تكمن بقيام الكنيسة ببيع أراضي الوقف، وأرض عليها آثار عريقة جداً وقديمة وعظيمة، وأن ما يزيد الأمور صعوبة وشبهات وخطورة، أن هذه المساحة التي تصل الى 834 دونماً و935 متراً مربعاً، تم بيعها «كُلّها» بمبلغ مليون دولار فقط.. أي بسعر دونم أرض «واحد» في مدينة الناصرة أو أي مدينة فلسطينية أخرى !! ويطرح المحلل السياسي الفلسطيني، محمد خروب، ملاحظة تبعث على السخرية أو الغضب، حيث أن «الدولة» التي تقع فيها الشركة التي اشترت الأملاك الكنسية (اي الألف دونم تقريباً) وهي دولة / جزيرة (سانت فينسنت والغرينادين) تبلغ مساحتها فقط 389 دونم.. أي أصغر من تلك التي تم بيعها في هذه الصفقة بثلاث مرات.. ولنا أن نتساءل: كيف تجري الأمور بهذه الطريقة الخبيثة، علما أن الشركة نفسها هي التي اشترت املاكاً في يافا بجانب برج الساعة، قبل عام من الآن، وقامت بتأجيرها الى اسرائيل!! كنيسة الروم الأرثوذكس يذكر أن عدد أتباع الكنيسة الأرثوذكسية في فلسطين اليوم نحو 60 ألف نسمة. ويجب أن يكون البطريرك يوناني الأصل، حاملاً الجنسية الأردنية، وعضواً في جمعية القبر المقدس، يساعده في إدارة الكنيسة مطران في الناصرة، وآخر في عمّان، بالإضافة إلى المجمع المقدس أو السينودس المكوّن من ثمانية عشر عضواً كلهم من رجال الدين برتبة أسقف أو أرشمندريت، والمجلس المختلط لمدة ثلاث سنوات. وفي دار البطريركية في القدس محكمة كنيسة تنظر في شؤون الرعايا الأرثوذكس بموجب قانون الأحوال الشخصية، ومدرسة لاهوت تأسست عام 1855، وجميع طلابها من اليونان.
مشاركة :