تقنية الفيديو تتسبب فعليا في تقليل هيبة الحكم وسيادته في الملعب، لأنه من الوارد أن يحتسب الحكم قرارا ثم يتراجع عنه بعد مشاهدة الفيديو وهو أمر مرفوض من قبل الجماهير.العرب عماد أنور [نُشر في 2017/07/04، العدد: 10681، ص(12)]لكل ذي حق حقه في بطولة كأس العالم التي استضافتها ألمانيا عام 2006، هناك مشهد شهير حفظه متابعو كرة القدم على مستوى العالم عن ظهر قلب، وعُرف ذلك المشهد بـ“نطحة زيدان”، فقد تلقى المدافع الإيطالي ماركو ماتيرازي ضربة قوية برأس قائد المنتخب الفرنسي وقتها زين الدين زيدان، وهي الضربة التي لم يرها حكم المباراة، لكن الحكم الرابع شاهدها في الإعادة ليخبر الحكم ثم يتلقى زيدان البطاقة الحمراء. وقتها لم يكن الاتحاد الدولي لكرة القدم “فيفا” راضيا عما حدث، معللا ذلك بأن قرار الحكم لا يجب أن تؤثر عليه مشاهدة إعادة لأي لقطة في المباراة، وهو ما كان سببا في منع إعادة أي كرة على شاشات العرض الكبيرة في ملاعب المباريات، لكن الوقت أثبت أن إعادة اللقطات أنسب وسيلة لاتخاذ القرار المناسب. لأن حكم مباراة كرة القدم ما هو إلا بشر قد يصيب وقد يخطئ، فإنه أكثر شخص معرض للهجوم في المنظومة الكروية، خصوصا وأنه يتخذ القرار في جزء من الثانية، ويحصد أحد الفريقين المتباريين نتائج سلبية جراء هذا القرار، لذلك كان من الأفضل مساعدة الحكم بعيون أخرى تخرجه من مأزق الخطأ. ليس أفضل من التكنولوجيا أن تكون هي العين الأخرى التي لا تكذب أو تتجمل أو حتى تخطئ، من هنا كان قرار الاتحاد الدولي لكرة القدم “فيفا” بإدخال تقنية حكم الفيديو المساعد، قرارا صائبا، يقلل من الأخطاء التحكيمية وحدة الهجوم على الحكام التي ازدادت بشدة خلال الفترة الأخيرة.الأهداف غير الشرعية تحديدا تحتاج إلى تدخل تقنية الفيديو، لأن الحكم يحسم قراره بناء على لقطة معادة، تعرض أمامه على شاشة تلفزيونية بزاوية رؤية أكثر وضوحا ليس كما يتصور البعض أن هذه التقنية تلغي وجود حكم المباراة في الاحتكاكات المؤثرة أو ضربات الجزاء، لأن الحكم وحده من يملك القرار النهائي، حتى بعد مشاهدة اللعبة المثيرة للجدل عبر شاشة الفيديو، وطالما عانت أندية ومنتخبات وودعت بطولات كبرى بسبب الأخطاء التحكيمية، التي يحدث معظمها بسبب اتخاذ الحكم، دون عمد، زاوية رؤية غير مناسبة. لعل أبرز المشاهد هو الهدف الذي أحرزه النجم الأرجنتيني دييغو أرماندو مارادونا، بيده في مرمى المنتخب الإنكليزي بالدور قبل النهائي لبطولة كأس العالم 1986، وأطاح به من البطولة، ومع التطور التكنولوجي، تحتاج كرة القدم للاستفادة منه لتقليل العبء عن الحكام، وهو ما أقره غياني إنفانتينو رئيس الفيفا، وسعى إلى تطبيق القرار بقوة. قبل نحو 31 عاما، كان المنتخب الإنكليزي أحوج ما يكون لتطبيق تقنية الفيديو، لاتخاذ القرار الصائب، لأنه مهما كان الحكم في حالة يقظة تامة، سوف يخونه التقدير هو ومعاونوه في لعبة ما، بالأخص تلك التي تحدث وسط حالة من الزحام في منطقة المرمى، التي يستغلها اللاعبون كثيرا في جذب منافس أو إحراز هدف غير صحيح. الأهداف غير الشرعية تحديدا تحتاج إلى تدخل تقنية الفيديو، لأن الحكم يحسم قراره بناء على لقطة معادة، تعرض أمامه على شاشة تلفزيونية بزاوية رؤية أكثر وضوحا، وتمثل هذه التجربة نجاحا كبيرا يحسب للاتحاد الدولي، حتى وإن كانت هناك حاجة للمزيد من التطوير بشأن سرعة اتخاذ القرار، لأن من جاء القرار على غير أهوائهم، يتخذون عامل الوقت تحديدا نقطة سلبية ضد القرار. التجربة لا تزال في بداياتها، فقد أطلقت للمرة الأولى قبل نحو سبعة أشهر، في بطولة كأس العالم للأندية، في ديسمبر من العام الماضي، وسبق هذه الانطلاقة تدريب مكثف، ولا يزال التطوير يتواصل من أجل تحقيق مستوى أفضل، قد يكون الرد الأمثل على المعترضين أو المشككين. هناك دليل دامغ على الفائدة الكبيرة من تطبيق التجربة، وهو ما حدث في بطولة كأس العالم للقارات التي استضافتها روسيا، لأن تقنية الفيديو أنقذت الحكام من عدة أخطاء مصيرية، من دونها كان الأمر مختلفا، ومرت البطولة التي انتهت الأحد دون مشاكل على أرضية الملعب. قد يقول البعض إن طاقم التحكيم يصل إلى خمسة حكام في المباراة الواحدة، في وجود حكمي المرميين، وهو عدد كفيل بتغطية كافة زوايا الرؤية المختلفة في الملعب، لكن الحكام الخمسة قد تغيب عنهم تفصيلة دقيقة في حالة اشتباك بين لاعبين. في هذه الحالة تعتبر تقنية الفيديو هي المنقذ الوحيد، وهي لا تستخدم إلا في الأمور الضرورية، وهو ما أكد عليه رئيس لجنة الحكام بالفيفا، السويسري ماسيمو بوسكا، عندما قال إن تقنية حكم الفيديو تحد من الأخطاء الواضحة التي تبقى في الأذهان وليس الوقائع التي يتم نسيانها في اليوم التالي. مع كل ذلك يعترف الجميع بأن هذه التقنية يمكن أن تقضي على الكثير من الأخطاء في ملاعب الكرة، لذلك هي تجربة لا بد منها حتى وإن استغرق الأمر وقتا طويلا حتى تجني اللعبة ثمارها الجيدة.
مشاركة :