أين اختفت الداعشية الشقراء؟! - مقالات

  • 7/2/2017
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

كانت تتحلى بطابع اجتماعي وتشارك في الحياة العامة، شغوفة بالتعلم والتعليم ومحبة للدفاع عن حقوق النساء اللاتي اخترن ارتداء الحجاب ويعانين من التمييز في أوروبا.شاركت بنشاط محموم في الحملة المناوئة لحظر الحجاب في الأماكن العامة في منطقة تشينو حيث كانت تقطن.شابة سويسرية شقراء من عائلة مثقفة اعتنقت الإسلام بقناعة وعمرها 24 عاماً، بدأت تتعلمه وتطبقه حسب قدرتها.مريم هو الاسم الذي اختارته بعد إسلامها، ومشاركتها في الحلقات العلمية لتعليم المرأة الإسلام.ومع جهودها في الدعوة إلى الإسلام والمدافعة عن حقوق المرأة المسلمة في الغرب اتضح أن هناك جانباً غامضاً في حياتها، لم تتكشف حقيقته إلا بعد عام من الحملة ضد الحجاب 2013.فقد تزوجت مريم من مسلم أفريقي يعيش في سويسرا لكنها لم تكن قادرة على الانسجام معه. هي مسلمة تمارس شعائرها بانتظام وهو غارق في الخطايا، حيث اكتشفت أنه مدمن على تعاطي الحشيش وغير حريص على العبادة، فهو مسلم بالاسم فقط وهي مسلمة مقبلة على دينها وفيها من حماس التدين ما يدفعها للصبر على زوجها آملة أن يتغير، لكن حاله البائس دام وقتا طويلا جدا دون بوادر أمل بالتوبة أو الصلاح، فكانت وزوجها يعيشان حياتين مختلفتين تماماً. حبها للإسلام دفعها للبحث عن وسيلة للانخراط مع منظمة إسلامية في سويسرا، لتصبح جزءاً من مشروع لتربية وتعليم الأطفال، فتلقت عرضاً من إحدى أكبر المنظمات الإسلامية في سويسرا، حيث أخبروها أن بإمكانها الانخراط معهم في العمل مع بداية العام 2014. لكنها قبل أيام من بدء العمل معهم أرسلت رسالة عبر البريد الإلكتروني إلى أمين عام المنظمة تعتذر فيها عن عدم العمل معهم، وأنها مؤهلة للعمل بوظيفة أخرى في منظمة إنسانية تدعم بناء البنى التحتية في بلد زوجها بأفريقيا. وكان هذا القرار مفاجئاً وغير متوقع، لكن القصة في الرسالة بدت مقنعة.بعد أسابيع تصل رسالة إلكترونية أخرى إلى صديقة مريم، تصف فيها سعادتها وانبهارها بالمكان حيث تعمل في أفريقيا، وبدت راضية ومتأثرة بالتشدد في تطبيق القيم الإسلامية في هذه البلاد، والفصل التام بين الرجال والنساء وانتشار الحجاب بين النساء. محتوى الرسالة مفاجئ ومثير للتساؤلات، لأن ذلك الوصف لا ينطبق على افريقيا أو بالضبط على المكان الذي زعمت أنها تتواجد فيه. بدأ فضول صديقتها يتحرك بطرحها تساؤلات عن المكان والوصف والصور فلم يكن عند مريم أي إجابة.بل تركت ملاحظة صغيرة لكنها مستغربة: شبكة النت سيئة لدرجة لا تمكنها من الرد على رسائل البريد الإلكتروني.بدأت صديقتها في الاتصال بالأخوات اللواتي كن يترددن على حلقات العلم مع مريم وسمعت أخباراً جديدة، منها أن زوجها يبحث عنها وأنه لا يعرف أين هي ويبدو أنه لا يمتلك أي وسيلة اتصال معها. علمت هذه الصديقة أيضا أن فتاة أخرى من الحلقات قد اختفت كذلك وأن والدها يبحث عنها، ووفقا للإشاعات يبدو أن الفتاتين غادرتا البلاد معا للانضمام إلى داعش في سورية. ويا لها من صدمة!كيف تطورت الأحداث من دون أن يلاحظ أحد؟ كيف يمكن للنساء أن ينجذبن لنداءات داعش رغم كل الفظائع التي ارتكبها هذا التنظيم الدموي؟ كيف تمكنت من ترك زوجها دون أن تقول أي كلمة؟ كيف؟بعد بضعة أيام، أكدت مراقبة عنوان البريد الإلكتروني الذي كانت تكتب منه مدعوماً برسالة من الفتاة التي رافقتها الإشاعة. حيث تتواجدان في سورية حاليا في مدينة الرقة، عاصمة دولة الخرافة داعش. ومع ذلك، فبعد بضعة أشهر بدا أن حماس مريم للعيش مع الدواعش بدأ يتلاشى، حيث حاولت الاتصال بصديقة لها في سويسرا، ووصفت الوضع بطريقة متوترة وبأنها بؤس في بؤس، وبدت عليها المعاناة كما أنها كانت حريصة في طريقة كلامها، لا تتكلم بوضوح ولكنها تلمح أنها تريد مغادرة ذلك المكان بأي ثمن، وأنها تحتاج الى مساعدة.في سويسرا بدأت الاستعدادات لعملية إنقاذ مريم وصديقتها من خلال إعداد فريق مخصص وخطة محكمة وذلك بدعم من أكبر منظمة إسلامية بسويسرا. ووعدت مريم بإعادة الاتصال بصديقتها، وقالت إنها كانت مراقبة حتى خلال أوقات الإنترنت.تأخرت إجابتها بعد ذلك ثم انقطعت أخبارها وفقد الاتصال بها.منذ ذلك الوقت اعتبرت مريم في عداد المفقودين، مع احتمال كبير أنها تركت الحياة.نهاية حزينة لا معنى لها لمسار فتاة كانت في طريقها إلى الحق، لكنها تركت نفسها لتأثير النداءات والدعوات الخادعة والالتحاق بداعش الضلال.ولعل العديد من النساء الأوروبيات والعربيات يعشن المصير ذاته في استجابتهن لمأسوية الدعاية المضللة التي تبناها التنظيم الإرهابي ودولته الخرافية المزعومة.ولنا أن نتساءل عن عدد الشابات الأوروبيات اللاتي هاجرن للانضمام إلى داعش في سورية؟ ولماذا ينتشر هذا الفكر بطريقة غير متوقعة؟ وكيف يجد له في نفوس الأوروبيين حيث العقول المتنورة والجامعات العريقة والحياة المادية المترفة ملاذاً ومأوى؟هذه الأسئلة قد تقودنا إلى تطويق الأفكار المتطرفة ومواجهة التنظيمات الإجرامية، إذا تمكنّا من الإجابة عنها بواقعية وصدق ومواجهة مع الذات… ولعل هذه الإجابات ستكون مزعجة للبعض ومؤلمة لآخرين وصادمة لفئة ثالثة، ولكن سيكون لنا معها وقفة في مقال مقبل، لعلنا أن ندرك قبل فوات الأوان بعض الشباب والشابات من أن يقعوا فرائس سهلة لتجار الحروب باسم الرب ومصاصي دماء الأبرياء باسم الدين ومتاجري الأرواح والأنفس البريئة، والله والإسلام من إجرامهم براء.mh_awad@

مشاركة :