المغرب يعود للاتحاد الأفريقي بتصور استراتيجي للهجرةبدأ المغرب يحصد نتائج عودته إلى الاتحاد الأفريقي بعد مشاركته لأول مرة منذ أكثر من ثلاثة عقود في أشغال القمة الأفريقية للاتحاد الأفريقي التي كانت فرصة للدفاع عن مصالحه ووحدته الترابية.العرب محمد بن امحمد العلوي [نُشر في 2017/07/05، العدد: 10682، ص(4)]الدفاع عن وحدة المغرب يبدأ من هنا أديس أبابا - شارك المغرب بوفد رسمي ترأسه الأمير رشيد لأول مرة منذ 32 سنة، في أشغال القمة 29 للاتحاد الأفريقي التي انعقدت بالعاصمة الأثيوبية أديس أبابا، الاثنين تحت شعار “الاستفادة كليا من العائد الديموغرافي لأفريقيا بالاستثمار في فئة الشباب”. وركّز خطاب العاهل المغربي الملك محمد السادس الذي ألقاه بالنيابة الأمير رشيد، على ملف الهجرة الشرعية وغير الشرعية باعتبارها أهم الرهانات المطروحة على الساحة الإقليمية والدولية. وأكد الملك محمد السادس عزمه تقديم مساهمة تتمحور حول ضرورة تطوير تصوّر أفريقي موحّد لرهانات الهجرة وتحدياتها، يكون الهدف الأول منه تغيير نظرتنا تجاه الهجرة، والتعاطي معها ليس كإكراه أو تهديد بل كمصدر قوة إيجابية. وقال محمد الزهراوي، الباحث في العلوم السياسية، إن الخطاب الملكي جاء مليئا بالإشارات الإيجابية حول العمل الأفريقي المشترك، والتحديات التي تواجه القارة. وذكر الملك محمد السادس أن التعامل مع التحدي الذي تشكله الهجرة يستوجب مقاربة خلاقة من شأنها تقييم أسبابها وتداعياتها التفكير في الحلول المتاحة، لا سيما عبر إقامة تناسق بين سياسات التنمية والهجرة. وأضاف “يتعيّن علينا العمل جميعا لبلورة أجندة أفريقية حول هذا الموضوع، تتمحور حول رؤية مشتركة للسبل والوسائل الكفيلة بمعالجة مسألة الهجرة داخل قارتنا وأمام الهيئات الدولية”. وأكدت المذكرة التي قدّمها المغرب كرؤيته لحل مشكل الهجرة ضرورة تبنّي بعد قاري يمكن من وضع استراتيجية مشتركة للهجرة، بهدف التغلب على العراقيل والتحديات التي تطرحها قضية الهجرة بالنسبة إلى البلدان الأفريقية. ودعت إلى قيام بلدان أفريقيا والاتحاد الأفريقي بتقييم تحديات وفرص الهجرة ومتابعتها باعتبار أن الهجرة أضحت رهانا عالميا. وحسب معطيات المنظمات الدولية، بلغ عدد المهاجرين في العالم 250 مليون سنة 2016، أغلبها من العمال. واستطاع المغرب إدخال تعديلات على تقرير اللجنة الأفريقية لحقوق الإنسان بعد احتجاجه على فقرة تنص على “إرسال لجنة لتقييم حقوق الإنسان في الأراضي المحتلة”، باعتباره يمس بسيادته على الصحراء، ما جعل وزراء الخارجية في الاتحاد يطلبون وساطة من نيجيريا للوصول إلى حل توافقي. واعتبر صبري الحو، الخبير في القانون الدولي، أن حضور المغرب ومرافعاته ومعارضته لخصومه يشكل الهدف الأساسي من العودة إلى الاتحاد الأفريقي، وفي ذلك تغيير لواقع اعتقدته الجزائر والبوليساريو وغيرهما قائما واستتب لمدة 34 سنة. وعاد المغرب رسميا إلى مقعده بالاتحاد الأفريقي، بعد نيله موافقة أغلبية الأصوات ، خلال القمة الـ28 لرؤساء دول وحكومات الاتحاد الأفريقي، التي انعقدت بالعاصمة الإثيوبية أديس أبابا نهاية يناير الماضي. وأكد الحو لـ”العرب”، أن كلمة “الأراضي المحتلة” تغيّرت إلى الصحراء الغربية لتتطابق مع وصف الأمم المتحدة للإقليم، كما أن قرار إيفاد لجنة إلى العيون لمراقبة حقوق الإنسان، والتي سبق لمجلس الأمن والسلم اتخاذ قرار بشأنها تحوّلت إلى عبارة تدور بين معارضة دول ومساندتها من طرف دول أخرى، بمعنى أنها تحتاج إلى مصادقة القمة وليس قرارا مستقلا، وذلك نتيجة لمعارضة المغرب. وقال الزهراوي لـ”العرب” إن الصراع الذي خاضه المغرب داخل المجلس التنفيذي لإعادة بلورة الجهاز المفاهيمي لهذه المنظمة بشكل يراعي على الأقل متطلبات الحياد، ما هو إلا مقدمة لصراع مفتوح بين المحورين على مستوى كافة الهياكل والأجهزة وبطرق وأساليب مختلفة. وأوضح أن تمكّن المغرب من إزالة عبارة “الأراضي المحتلة” من تقرير اللجنة التي تعودت لسنوات على توظيف هذا المفهوم، يعتبر مؤشرا ايجابيا على أن قرار العودة إلى المنظمة الأفريقية كان صائبا، بمعنى أن مرحلة الفراغ التي مكنت خصوم المملكة من تمرير المغالطات انتهت. وخلص الحو إلى أن المغرب بدأ يقطف الثمار التي تحكمت في عودته ورجوعه، ويرى الخبير المغربي، أن تحقيق الهدف الاستراتيجي الأول والأساسي يكمن في تغلغله في مراكز القرار داخل كل أجهزة الاتحاد الأفريقي من أجل تغيير في بنية القناعة والقرارات التي يعارضها الآن.
مشاركة :