لم تذرف الأصولية المتشددة المتأسلمة من الدموع ما يُوازي الدموع التي ذرفتها على ذلك السقوط المُدوي لحكم الإخوان المسلمين في مصر، إذ بسقوط أو إسقاط الإخوان؛ سقط الوهم الأصولي المتشدد كله عيانا، بعد أن كان ساقطا في أذهان كثير من المعنيين بالظاهرة الأصولية الإسلامية. كان الأمر أشبه بإسدال الستار على آخر فصل من فصول المسرحية الهزيلة التي طالما روّجت لها الأصولية المتشددة، وابتهجت بها إبان عرضها، في عملية استعراض بهلواني يمارس الخلط الواضح بين مشاهد المعقول واللامعقول. كانت أفراح الأصولية مجرد سكرة فرح لم تنتهِ إلا لتكون مواكب العزاء فيها هي مسك الختام !. لهذا رأينا كيف تأزمت الممارسات الإخوانية مع الواقع، وخاصة واقع الوعي العام المتمثل في التلقي الجماهيري، والذي تعذّر عليه تصديق الدعاوى الإخوانية بصدق الوفاء للمبدأ الديمقراطي، خاصة بعد أن تكررت حالات نكث العهود الانتخابية.. بصرف النظر عن موقفنا من الطريقة التي أزيح بها الحكم الأصولي للإخوان، أو على نحو أدق الطريقة التي سقط الإخوان في حفرتها بعدما سار القطار الإخواني مُكبّا على وجهه، وليس على سراط مستقيم. فأيا كانت الحيثيات؛ كان لا بد أن ينتهي حكم الإخوان بمثل هذا السقوط المدوي. كان لا بد أن ينتهي، ليس لأننا نريد ذلك أو لا نريده، وإنما لأن مسيرة الحكم الإخواني، (والتي هي التجلي الفعلي لمسيرة الوعي العربي التراثي) كانت تسير في اتجاه هذا السقوط الحتمي. فثمة تناقضات جوهرية عميقة في الرؤية السياسية الإخوانية، وتحديدا في علاقتها مع الواقع، ومنه بطبيعة الحال الواقع السياسي المضطرب الذي كانت تحكم من خلاله، أو الذي زعمت أنها قادرة على أن تحكم من خلاله بعد أن مكثت خارج القانون مدة تناهز الستين عاما. لا الواقع المتمثل في منظومة القوى الفعلية كان يدعم استمرارية المسرحية الإخوانية الهزيلة، ولا الواقع المتخيل (الديمقراطية المزعومة إخوانيا) كان يسمح بذلك. لا الإخوان ديمقراطيون؛ ليحكموا ديمقراطيا، ولا الواقع كان ديمقراطيا؛ ليتمكونوا فيه من الحكم بالوسائط الديمقراطية المتعارف عليها. هم لا يؤمنون بالديمقراطية، بل يكفرون بها أشد ما يكون الكفر جحودا ونُكرانا. كما أن الواقع بكل مُكوناته ينفر من الديمقراطية أشد ما يكون النفور، وينجذب بشدة إلى كل ما له صلة بتصنيم مقولات الاستبداد وشعاراته ورموزه، وكأن الاستبداد بكل مكوناته هو التعبير العميق عن المعنى الأسمى الذي يسكن وعي الجماهير!. يجب ألا نطلب المستحيل، وإذا أصررنا على طلبه، فيجب ألا نُضاعف الاستحالة؛ فنطلبه في الزمن المستحيل. لا يَتجسّد في الواقع إلا ما تجسّد في الأذهان/ الوعي سلفا. يقول ماركس ( فيما ينقله عنه محمد عزيز الحبابي في كتابه "من الحريات إلى التحرر" ص188) : "الفكر الذي يبني الأنساق الفلسفية في أدمغة الفلاسفة هو الفكر نفسه الذي يبني السكك الحديد بأيدي العمال". ولهذا، عندما نَبْني (على افتراض إمكانية تحقق البناء حقيقة) في الواقع ما لا يتلاءم مع بنية الوعي العام؛ تتعثر مسيرة الفعل الاجتماعي/ السياسي، وتتأزم شبكة العلاقات في الواقع، وتتراكم معضلات الإدارة؛ ليصل التناقض إلى لحظة الانفجار التي تأخذ أشكالا متباينة، حتى إنها لتبدو أحيانا عكس ما هو مفترض نظريا، أي لحظة انفجار في صورة مَوَات اجتماعي سياسي طويل الأمد. يقول لاري دايموند، في كتابه (روح الديمقراطية) وهو من أهم الكتب في هذا الموضوع، حيث استعرض فيه الواقع الديمقراطي على امتداد العالم كله، محاولا استشراف مستقبل الديمقراطية من خلال الواقع ص63: " على مستوى القضايا الاجتماعية، يبدو أن بعض المسلمين أقل ليبرالية وأقل تسامحا". يقول هذا صراحة، وهو حكم ناتج عن استقراء واسع المدى، من قبل رجل تشغله هذه المسألة (= الديمقراطية) ، حتى لتكون شغله الشاغل على مدى عقود. لا يخفى أن حديث لاري دايموند عن الديمقراطية، ولكنه حيث يحرث في الأرضية التي تحتاجها الديمقراطية لتعمل، إنه يتناول غياب الليبرالية المؤسسة للتسامح، بوصفها شرط الديمقراطية الأول. والأهم أنه يتناول هذا الموضوع السياسي هنا، ليس من خلال واقع المسلمين السياسي المباشر، وإنما من خلال واقعهم الاجتماعي؛ لأنه يدرك وهو الخبير المختص أن الديمقراطية/ الليبرالية الاجتماعية شرط أولي وضروري لاستنبات ومن ثم تجذّر الديمقراطية/ الليبرالية السياسية. ومن المعروف أن الأصوليات المتأسلمة تُؤسس وعيا وواقعا لكل ما يتنافى مع الديمقراطية/ الليبرالية؛ في الوقت الذي تتشدد فيه على استحقاقها الديمقراطي المتمثل بفوزها في (غزوات الصناديق !) ، بل وتدعي بكل صلف جهول أنها أوفى بعهود الديمقراطية من غيرها!. لم يؤمن المتأسلمون بالديمقراطية قط، ولن يؤمنوا؛ مهما زعموا على مستوى الطرح الشعاراتي، الذي هو طرح يناقض أصول المفاهيم التي قامت عليها الرؤية الأصولية الإخوانية منذ وضع الشيخ: حسن البنا لبناتها الأولى. ومن هنا، فإن بُكائيات المتأسلمين التي أعقبت سقوط/إسقاط الإخوان تشبه بكائياتهم أوائل التسعينيات عندما ألغى الجيش الجزائري نتائج الانتخابات التي فاز بها الأصوليون المتأسلمون الذين يصرّح كبار مُنظّريهم بكفر الديمقراطية !. لقد كتب الشيخ: علي بلحاج (وهو المرجع الأكبر، والأوثق، والأهم، لجبهة الانقاذ الجزائرية التي فازت بالانتخابات أوائل التسعينيات) سلسلة مقالات بعنوان: (الدمغة القوية في كفر الملة الديمقراطية). ولعل في العنوان ما يكفي لمعرفة الحكم الأصولي الحاسم بشأن الديمقراطية. ومن المفارقة أنه ليس حكما أصوليا معزولا عن واقع يتقاطع معه، بل هو حكم مُوجّه لجماهير جماعة أصولية تتباكى ومن ورائها كل الأصوليات على المتداد العالم الإسلامي على الديمقراطية المجهضة على يدي الجيش. ولا أدري ما مبرر هذا التباكي؛ فإذا كانت الديمقراطية كفر؛ كما يحكم بذلك شيخ الجماعة الجزائرية؛ فإن التنكر للديمقراطية هو تنكر للكفر، ومن ثم فهو عمل خيّر/ صالح. ومن هنا، فالقائمون به وفق هذا المنطق يجب أن يشكروا على عملهم الذي حاصر المظاهر الكفرية (= مظاهر الديمقراطية) في واقع المسلمين !. يناقش د. محمد أبو هلال في كتابه (خطاب الصحوة السعودية) هذا الموقف المتناقض من الديمقراطية عند الصحويين المتأسلمين حتى خارج الجزائر التي كانت آنذاك بؤرة التجربة، ومن ثم بؤرة التناقض. في ص 132 من كتابه، يذكر د. محمد أبو هلال عن واحد من أبرز رموز الصحوة المحلية/ : سفر الحوالي أنه ألقى محاضرة بعنوان (الممتاز في شرح بيان ابن باز) حيث علّق في المحاضرة على الانتخابات الجزائرية عام1991م التي كانت تلهب وعي الأصوليين على امتداد العالم الإسلامي بقوله: "من حيث المبدأ، نؤمن بأن الدميقراطية هي من دون شك كفر، ونؤمن أيضا بأن صعود الإسلام في الأرض لن يكون عبر هذه الوسيلة والأسلوب"، ثم يذكر أن مرحلة الجهاد تأتي بعد التمييز، أي المفاصلة بين أهل الحق وأهل الباطل. أهمية هذا الكلام لسفر الحوالي ليس في صراحته التي تُعلن تكفير الديمقراطية، ولا في تصريحه أيضا أن هناك إعدادا لعنف مستقبلي يرتهن إليه مستقبل الإسلام، وإنما أهميته الكبرى تكمن في أنه أتى في سياق التعليق على حدث انتخابي ديمقراطي تدّعي الإسلاموية أن لها فيه حقوقا مستحقة !. فسفر الحوالي هنا يُطالب بالاستحقاق لنتائج انتخابات ديمقراطية يراها كفرا بواحا (= كفر دون شك !) ، إنه يطالب بالديمقراطية وهو يقف على أشد صور الأصولية تصلبا وعنفا، إنه يصل إلى مستوى تكفير ما يتوسل به مرحليا، إنه يؤكد صراحة أنها انتخابات يتم التعاطي معها كضرورة مرحلة مؤقتة، لا أكثر. بينما الأصل هو التغيير بالعنف المسلح المتمثل في الجهاد بعيد التمييز كما يقول . شرط الديمقراطية شرط ليبرالي بالضرورة. قيم الليبرالية هي التي تؤهل المرء للممارسة الديمقراطية من ألف الديمقراطية إلى يائها. بينما التنكر لها يؤسس لوعي دكتاتوري سلطوي عنفي، ينبع من رؤية شمولية؛ بصرف النظر عن مرجعية كل هذا العنف التسلطي الشمولي، إذ قد تكون مرجعية دينية/ تراثية، وقد تكون مدنية، ولكنها لا تؤمن بقيم التنوير المؤسسة لأهم مبادئ الليبرالية التي أصبحت هوية العالم المتحضر اليوم. إن الوعي الأصولي المعاصر يتكون من خلال عناصر تراثية شديدة التنافر مع قيم الديمقراطية. هذه حقيقة لا يستطيع الأصولي الهروب منها. الخطوط الرئيسية في هذا الوعي تتعارض مع بدهيات التصور الديمقراطي. ومن هنا تنشأ حالة الفصام التي يعيشها كثير من المتأسلمين ربما؛ الصادقين على مستوى الوعي المباشر مع مبادئ الديمقراطية، ويظهر للعيان التباين الشديد الذي يصل حد النفاق المُعلن بين التأكيدات العلنية من جهة، والممارسات العملية من جهة أخرى. لهذا رأينا كيف تأزمت الممارسات الإخوانية مع الواقع، وخاصة واقع الوعي العام المتمثل في التلقي الجماهيري، والذي تعذّر عليه تصديق الدعاوى الإخوانية بصدق الوفاء للمبدأ الديمقراطي، خاصة بعد أن تكررت حالات نكث العهود الانتخابية. يقول نبيل عبدالفتاح في كتابه (النخبة والثورة) ص392 :" ’’ مشاركة لا مغالبة’’ شعار ذائع طرحته جماعة الإخوان المسلمين في سعيها لطمأنة القوى السياسية والحزبية والأقباط قبل الانتفاضة الثورية في 25 يناير وبعدها " . إن هذا التناقض لا يعني بالضرورة ان الإخوان يعونه إبان ممارسة النقيض العملي على مستوى الوعي المباشر، وإنما يعني أن حالة التناقض الحاد تحكمهم من حيث يشعرون أو لا يشعرون، فربما كانوا يريدونها (مشاركة لا مغالبة)، ولكن مكونات الوعي التي ترسخت في أعماق الوعي لديهم على مدى سنوت طويلة كانت تقودهم إلى مبدأ المغالبة الذي هو جوهر الوعي السياسي التراثي. قد تختلف جماعات التأسلم في تعاطيها الظاهر مع السياسة، ولكنه من حيث الجوهر، كلها تنتمي إلى وعي واحد. يقول ماهر فرغلي في كتابه (الخروج من بوابات الجحيم) وهو الكتاب الذي رصد فيه مسيرة المراجعات التي قامت بها أشهر الجماعات الإرهابية في مصر لتاريخها الدموي في الصراع على السلطة، المتمثل في تنظيم: (الجماعة الإسلامية) : " استقى التنظيم فكره من كتب كثيرة، أهمها تفسير ابن كثير والعقيدة الطحاوية ومعارج القبول للحكمي ونيل الأوطار للشوكاني ورياض الصالحين للنووي، وأفكار سيد قطب التي تتمرد على الحاكم". ولا شك أن هذه إشارة اعترافية واضحة تضع النقاط على الحروف كما يقال، حيث تحدد أهم المصادر التي تصنع مُكوّنات الوعي لدى أشهر جماعات العنف المسلح التي كانت تستبيح مصر على امتداد عقد التسعينيات. ومن الجدير بالذكر هنا أن المراجعات التي قام بها القياديون في هذا التنظيم المسلح (= الجماعة الإسلامية) طالت الممارسات الحركية، وعلاقة الفكر بالواقع من حيث إجرائيات التطبيق، ولكنها لم تمسّ الأصول الفكرية، التي صرّح ماهر فرغلي هنا بهويتها، بل استمرت هي ذاتها مصدر وعي أساسي، محصّن ضد النقد، بحيث بات لا يتحكم فقط في مسار خيارات الجيل الحالي المأخوذ بالوعي الأصولي، بل تجاوزه وَعْدا ووعيدا، فبات يصنع وعي أجيال لا تزال في رحم الزمان. إن كل المراجعات الفكرية والحركية التي قامت بها بعض الجماعات الأصولية المتأسلمة لم تتعرض للأسس الفكرية التي تحكم مسار الوعي الأصولي العام، وإنما تعرضت فقط للتظير الحركي في علاقته مع الراهن المتعين. فالأصوليون نادرا ما يتغيرون وعيا، حتى وإن تغيروا في تناولهم لبعض جزئيات الأحكام. يقول السيد ولد أباه في كتابه (الدين والهوية) ص76 : "وقد هالني أن مواقف وتصورات محمد قطب لم تتغير ولو قليلا، إلا في نقطة جزئية هي تقربه من بعض المفاهيم السلفية النصوصية". السيد ولد اباه يقول هذا؛ بعد أن رصد المسار الفكري لمحمد قطب على امتداد زمني يتجاوز الخمسين عاما، وبعد أن سبر أشهر مؤلفاته التي تجاوزت الثلاثين مؤلفا. ولا شك أن هذا الحكم الاستقرائي يشي بصعوبة التحول في الفكر الأصولي؛ إلا إذا كان تحولا في الاتجاه السالب، أي تحولا يسير في الاتجاه المتشدد/ الأشد أصولية، ومن ثم الأشد عنفا. إن الديمقراطية ليست بضاعة رخيصة تمتلكها بأبخس الأثمان، كما أنها ليست بضاعة جاهزة تستوردها المجتمعات التي يتأسس وعيها لا على الكفر بالديمقراطية فحسب، وإنما على تكفيرها أيضا. قبل أن تُطالب الأصولية المتأسلمة المتشددة باستحقاقات الديمقراطية عليها أن تكون صريحة مع ذاتها، ومع جماهيرها، ومع الآخرين في تحديد موقفها على مستوى الوعي والتصورات الكبرى من الديمقراطية، والأهم، موقفها من مبادئ الديمقراطية المؤسسة المتمثلة في أبجديات الرؤية الليبرالية التي لا تزال وستظل هذه الأصولية/ الإسلاموية تُناصبها أشد صور العداء. لقد قلت إبان احتجاجات الغضب في 25 يناير: إن هذه ليست ثورات حرية، بل احتجاجات غضب. وطبعا، هناك فرق هائل بين هذا وذاك. صحيح أن الأصوات كانت عالية في مطالبتها بالديمقراطية والحرية والمساواة و...إلخ، ولكن الوعي العام كان مشحونا بكل ما يتضاد معها، فكثير من الغاضبين كانوا أصوليين وناصريين واشتراكيين...إلخ، وكل هؤلاء يتأسس وعيهم على رؤية شمولية دكتاتورية لا تلتقي مع الديمقراطية الليبرالية حتى ولو في الحدود الدنيا. في 25 يناير، بل والربيع العربي كله، لم يكن ثمة وعي يضارع وعي الشعوب الأوروبية بالثورة الفرنسية، بل لم تكن شعارات الثورة الفرنسية التحررية هي شعارات الغاضبين في الربيع/ الخريف العربي . لا ثورة دون وعي حقيقي بالثورة، ولا ديمقراطية دون وعي حقيقي بالديمقراطية. تَحقّق الديمقراطية في الوعي، يسبق تحققها في الواقع، ولا ديمقراطية بلا ديمقراطيين. هذه حقائق واضحة، أكد عليها معظم المفكرين والفلاسفة المهتمين بالشأن السياسي، إذ لم يغب عنهم أن الرؤية تسبق الفعل، وتشرعن لاستمراريته في الواقع. يقول هاشم صالح في كتابه (معارك الأصوليين) ص240: " وصل الأمر بكانط إلى حد القول بأن الحماسة التي أبدتها الشعوب الأوروبية ، وليس الشعب الفرنسي، تجاه الثورة الفرنسية كانت أكثر أهمية من الثورة الفرنسية ذاتها ". وهذا حق وحقيقة، إذ حماسة الشعب الفرنسي قد تكون نابعة من احتكاكه المباشر مع الأحداث. وهنا احتمال ألا تكون هناك رؤية موازية. أما حماسة الشعوب الأوروبية الملهمة بالوعي الذي يقف خلف الحدث فهي تعكس حقيقة الإيمان الراسخ بقيم الثورة الفرنسية، التي كانت وعلى امتداد مراحلها التي تجاوزت الستين عاما هي التجسيد الفعلي لمقولات عصر الأنوار. أريد هنا أن يتضح الفارق، بين ثورة حقيقية (= الثورة الفرنسية) ، وأوهام ثورة (= الربيع العربي)، فإذا كانت الشعوب الأوروبية أبدت تلك الحماسة الفائقة للثورة الفرنسية التي رفعت شعارات عصر التنوير، فإن أوهام الربيع العربي أبدت حماسة فائقة لمقولات الأصولية الشمولية التي تتضاد مع كل مفردات التنوير، وقد رفعت صور كبار الدكتاتوريين في ميادين الاحتجاج. والأهم، أن وعيها كما هو واضح في شعاراتها ومقولاتها المعلنة لم يحسم موقفه بوضوح من الوعي السلطوي الاستبدادي الذي يمتد على مساحة زمنية هائلة من تاريخها الطويل.
مشاركة :