أبوظبي: «الخليج» أصدر مشروع «كلمة» للترجمة في هيئة أبوظبي للسياحة والثقافة، الترجمة العربية لكتاب «بُنيّات اللّهب»، يضمّ قصصاً وأشعاراً للشّاعر والكاتب الفرنسي جيرار دونرفال، نقلتها من الفرنسية الكاتبة اللبنانية ماري طوق. ويأتي هذا الكتاب ضمن سلسلة «كلاسيكيّات الأدب الفرنسي» التي يشرف عليها الشاعر والأكاديمي العراقي المقيم في باريس كاظم جهاد.يوضح جهاد في مقدمته للكتاب أن دونرفال (1808-1855) كتب هذه النّصوص في فتراتٍ مختلفة، غير أن الحماسة التي استبدت به قبل سنتين من وفاته جعلته يجمع هذه النصوص وفق شكل معماري تمكن من خلاله أن يجمع قصصاً منشورة من قبل، ويصل بين نصوص متباعدة، وحذف وأضاف، حتّى اجتمع هذا المتن الذي يجسّد في مختلف مكوّناته مواهبه كلّها، وهواجسه المتسلّطة التي عبّر عنها نثراً وشعراً.بشجاعة متناهية تجاوز دونرفال شعريّة الأنا وأنين الرومنطيقيين الموجع، وتبحّر في فهم مختلف الميثولوجيّات والمدارس الروحانية والطقوس التلقينية، نهلَ منها صيغاً يعبّر بها مداورةً عن مأساته. تماهى مع شخوصٍ عديدة وأرانا جسوراً فذّة بين مختلف كبريات التجارب. وعلى شاكلة قُدامى الشعراء العرب الذين رسموا بأسماء الحبيبات الظّاعنات وأسماء مواضع سكناهنّ وما يحيط بها من جبالٍ ومعالم أخرى جغرافية روحية وعاطفية كاملة، بقيت تتردّد في آثار دونرفال أسماء أماكن طفولته ونشأته، تكرّ كحبّات المسبحة، علامات شغفٍ لا ينضب ومهيِّجات حنينٍ ما له شفاء.ولا يشك جهاد في تمهيد دونرفال للحداثة الأدبية، إذ يصحّ عنه ما قيل عن بودلير من أنّه آخِر الرومنطيقيّين وأوّل المحدثين. وتتمثّل إضافات دونرفال الممهِّدة لهذه الحداثة أوّلاً في هذه الشجاعة وهذا المضاء اللّذين بهما استطاع، بالرّغم من كلّ ما كان يعصف به من آلام، أن يتوغّل في أقصى مكامن الروح وأن يأتي من غزواته الباطنية المتكرّرة بلقايا عجيبة.
مشاركة :