ربط رسوم العمالة الوافدة بالأجور السنوية

  • 7/17/2017
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

توضح أحدث بيانات صادرة عن التأمينات الاجتماعية "الربع الأول 2017"، أن نحو 74 في المائة من العمالة الوافدة التي تشغل وظائف في القطاع الخاص "6.2 مليون عامل وافد"، تبلغ أجورها 1500 ريال شهريا فما دون، بينما يتحصل ما نسبته 14.1 في المائة "1.2 مليون عامل وافد" من العمالة الوافدة على أجور شهرية تقع بين 1501 و3000 ريال، فيما تصل نسبة من تبلغ أجورهم 3000 ريال شهريا فأعلى إلى نحو 12 في المائة "1.0 مليون عامل وافد". أيضا كان لافتا، أنّه بنهاية عام 2016 الذي بلغ المتوسط الشهري لأجور العمالة الوافدة في القطاع الخاص "9.0 مليون عامل وافد" نحو 1825 ريالا شهريا، كان المتوسط الشهري لأجور العمالة الوافدة في القطاع الحكومي "84.3 ألف عامل وافد" بلغ 8424 ريالا شهريا. وبالنظر إلى ما سبق الحديث عنه حول جدوى الرسوم على العمالة الوافدة، ودرجة أهميتها في اتجاه زيادة توطين وظائف سوق العمل المحلية، أنها كإجراء وحيد وفقا لتجارب محلية سابقة، لن تكون كافية على الإطلاق! وأن القطاع الخاص تمكن خلال الأعوام الماضية من تجاوز كثير من برامج وسياسات وإجراءات التوطين بخيارات أكثر، واستمر معه ارتفاع معدلات البطالة بين المواطنين، وفي الوقت ذاته استمرت زيادة الاستقدام وتوظيف العمالة الوافدة. لأجل هذا؛ حتى تأتي هذه الرسوم بجدوى أكبر على مستوى التوطين، تبرز أهمية ربطها بمستويات الأجور السنوية المدفوعة إلى العمالة الوافدة، فكما اتضح أعلاه أنه على الرغم من أهمية الرسوم كمصدر دخل حكومي لتعزيز الإيرادات غير النفطية، إلا أنها لن تصل إلى المستوى الأفضل كمصدر دخل للميزانية فيما يتعلق بأصحاب الأجور الشهرية الأعلى، وهم هنا يشكلون نحو 1.0 مليون عامل وافد، وكونهم المصدر والممول الأكبر للحوالات إلى الخارج، الذين يشكلون أصحاب النسبة الأكبر من إجمالي الأجور السنوية المدفوعة إليهم، التي بلغت بنهاية 2016 نحو 196.2 مليار ريال، وبإضافة الأجور السنوية المدفوعة للعمالة الوافدة في القطاع الحكومي للعام نفسه البالغة 8.5 مليار ريال، يصبح الإجمالي نحو 204.7 مليار ريال. الأمر الآخر الأهم هنا، المرتبط بزيادة توظيف العمالة الوطنية وإحلالها محل الوافدة، فعلى الرغم من الوفرة الهائلة في وظائف القطاع الخاص في المستويات الأدنى مهارة ومستوى دخل "6.2 مليون عامل وافد"، إلا أنها لا ولن تجد إقبالا يذكر من لدن طالبي العمل من المواطنين والمواطنات، لأسباب عديدة جدا لعل من أهمها تدنّي أجورها الشهرية، وفي الوقت ذاته أنها لا تتطلب أي شهادات تذكر، في حين يشكل حملة الشهادات الثانوية فأكثر من العاطلين وطالبي العمل نحو 91 في المائة من الإجمالي! وهنا سيكون الضرر الاقتصادي الناتج عن مساواة شاغلي تلك الوظائف المتدنية مهارة ودخلا من العمالة الوافدة، أكبر بكثير من أي مكاسب مالية أو اقتصادية مأمولة، اللهم إلا إنها ستفيد بدرجة بالغة الأهمية في القضاء على التستر والعمالة غير النظامية المنتشرة في عموم أرجاء البلاد، وهو الهدف الذي لا يجب التنازل عنه، وبالإمكان تعزيز تحقق هذا الهدف باتخاذ إجراءات وتدابير أخرى إضافية، تستهدف القضاء على هذا الخلل القائم لدينا في الاقتصاد وسوق العمل المحلية. في المقابل؛ سنجد أن الوظائف التي تمثل الهدف المنشود والمأمول بالنسبة للباحثين عن العمل من المواطنين والمواطنات، تتركز في شريحة وظائف القطاع الخاص ذات الدخل الشهري الجيد، وذات المتطلبات العلمية والمهارة المتوافرة أصلا في المواطنين والمواطنات، التي أظهرت بيانات التأمينات الاجتماعية المشار إليها أعلاه، أنها تشكل نحو 12 في المائة من وظائف القطاع الخاص، أي نحو 1.0 مليون وظيفة يشغلها في الوقت الراهن عمالة وافدة، وهي الوظائف التي بإمكانها امتصاص كامل أعداد العاطلين عن العمل وفقا لبيانات الهيئة العامة للإحصاء، وامتصاص نصف طالبي العمل البالغ عددهم 2.1 مليون طالب عمل، وفقا لبيانات صندوق الموارد البشرية "هدف". لهذا سيكون مجديا جدا ماليا لإيرادات الميزانية الحكومية، واقتصاديا لتوظيف العمالة الوطنية في سوق العمل المحلية، أن يتم ربط رسوم العمالة الوافدة ومرافقيهم بمستويات الأجور السنوية المدفوعة لهم، والمتوقع أن تأتي متحصلاتها أعلى بكثير من التقديرات التي أعلن عنها خلال الفترة الأخيرة، وهو أيضا ما سيخفف من أي آثار محتملة للتضخم محليا، وفي الوقت ذاته تصل إلى المستوى المأمول منها على مستوى رفع تكلفة العامل الوافد، أخذا بعين الاعتبار مستوى دخله. ففي الوقت الذي ستكون تلك الرسوم على العمالة قاسية جدا على ذوي الدخل المنخفض جدا "1500 ريال شهريا / 18 ألف ريال سنويا"، وقد يكون لها آثار عكسية من الآثار الإيجابية المأمولة، فإن مثل تلك الرسوم لن تحدث تغييرا يذكر بالنسبة للعمالة الوافدة، التي تتسلم أجورا شهرية أعلى من 50 ألف ريال شهريا / 600 ألف ريال سنويا. وكما تمت الإشارة إليه في مقالات سابقة؛ إن من أخطر التشوهات التي تفاقمت في سوق العمل المحلية خلال الفترة 2011-2016، هي الزيادة المطردة لسيطرة العمالة الوافدة على المواقع الوظيفية العليا في القطاع الخاص، التي ارتفعت نسبتها خلال تلك الفترة الوجيزة بالتزامن مع تطبيق برامج التوطين الأخيرة لوزارة العمل من 10.4 في المائة في نهاية 2010، إلى 40.5 في المائة في نهاية عام 2016. نتفق جميعا على أن أي سياسات أو إجراءات سيتم تطبيقها، يفترض أن تأخذ بعين الاعتبار المتغيرات الاقتصادية والمالية والاجتماعية كافّة، وألا يترتب على البحث من خلالها عن مكاسب محددة على حساب نشوء آثار عكسية في مجالات أخرى! وهو هنا صلب النجاح المنشود لأي سياسات أو إجراءات يتم العمل بها في أي اقتصاد أو مجتمع. إن هذا الإجراء المنشود هنا "ربط الرسوم بأجور العمالة الوافدة"، يؤمل أن يحظى باهتمام الأجهزة الحكومية ذات العلاقة، وهو الإجراء الممكن تحقيقه خاصة أننا لا نزال في بداية طريق تطبيق تلك الرسوم. والله ولي التوفيق.author: عبد الحميد العمري

مشاركة :