تحقيق: زكية كرديفي عام 2005، انطلق موقع «يوتيوب» الذي يشغل معظم شباب اليوم بعلامته الحمراء ومواضيعه اللامتناهية، وأصبح لمجموعة من الشباب مساحة وقناة خاصة لتقديم ما لديهم من نصائح، نكات، أو معلومات، والغاية بالطبع نفسية تتمثل بإثبات الذات، والأهم جذب المزيد من المتابعين والمعجبين، حيث بات مشاهير «اليوتيوبر» اليوم ينافسون نجوم التلفزيون والسينما، ويكسبون مادياً نتيجة تحول هذا النشاط المسلي إلى مهنة قائمة بذاتها تتهافت عليها فيديوهات الشباب والأطفال أيضاً، ولكل تجربته داخل هذا العالم، كما نقرأ في السطور التالية. كان ابنها ذو الستة أعوام منهمكاً جداً بالتخطيط مع أبناء عمه الذين يقاربونه في السن، وبدا أنهم مستمتعون ومنفتحون على الأمر الذين يحضرون له، وتقول فاطمة عبد الله، ربة منزل: «كنت متفاجئة بما يشغلهم إلى هذا الحد، ولم أصدق أنهم بالفعل بدؤوا ينخرطون بقنوات اليوتيوب، و أكبرهم لم يجاوز السبع سنوات، كانوا يحضرون ما سوف يسجلونه في الفيديو بطريقة جذابة، وكأنهم كبروا فجأة، لكن أخاه الأصغر كان يخرب عليهم التسجيل كل مرة، وهو يقوم بحركات بهلوانية خلفهم، لأنهم لم يسمحوا له بالتحدث لهذا طلبوا مني أن أبعده عنهم»، وعن طريقته في توجيه ابنها للأمر توضح أنها كانت تراقبهم من بعيد وحسب، فلم يكن هناك ثمة ما تضيفه كونهم كانوا يتحدثون عن لعبتهم الإلكترونية المفضلة التي لا تفهم فيها كثيراً.قلق الأهاليمن المواقف الطريفة التي تصادف الأهل والأبناء على هذه القنوات أن ترى الأم ابنها صاحب العشر سنوات يقلدها بطريقة طريفة ومبالغ بها وهي توقظه، كما تذكر راميا جمال، ربة منزل، وتقول: «أتابع قناة ابني على اليوتيوب عادة، وتضحكني مقاطع الفيديو التي يسجلها بطرافة، لكن عندما رأيته يقلدني وجدت أنه علي أن أرد عليه بطريقة ما، فما كان مني إلا أن حملت المسدس اللعبة الذي كان يدعي أني أهدده به عند الاستيقاظ، لأزعجه بالأصوات، وبدأت بالفعل أعامله كما صور بالضبط، وهنا طبعاً لم يستطع الرد كونه يعرف ما فعل، لكن الأمر كان مسلياً ولطيفاً في الواقع»، وعن وجهة نظرها تذكر أنها تستغرب قلق بعض الأهالي من انفتاح أبنائهم على وسائل التواصل، فكل ما عليهم أن يراقبوا عن بعد، ويوجهونهم وحسب.تجارب مختلفةتهتم جودي عوض، طالبة في المرحلة الثانوية، بالموضة والأزياء منذ كانت طفلة، لهذا قررت أن تنشئ قناتها الخاصة على «يوتيوب» قبل عامين لتتحدث فيها عن الموضة، وتتوجه بالحديث إلى الفتيات اللاتي هن في مثل سنها، وتقول: «الموضوع كان مسلياً وممتعاً، إلا أنني لم أحظ بعدد كبير من المتابعين لكوني غير قادرة على الاستمرار والرد على التعليقات باستمرار، كما أني شعرت بالملل بعد فترة خاصة عندما بدأت الدراسة ولم يعد لدي الوقت».أيضاً حسن الجميلي، طالب في المرحلة الثانوية مر بتجربة مشابهة، لكنه لم يكن يعرف ما هي الأمور التي عليه تناولها، ويقول: «عرفت مؤخراً أنه لكي أحصل على عدد كبير من المتابعين علي أن أواظب على الأمر، بحيث يكون أولوية عندي، بالإضافة إلى أن القناة يجب أن تكون متخصصة، فليس من المنطقي أن أتحدث عن حادثة طريفة وكوميدية حدثت معي تارة، و أعود لأتحدث عن الأماكن التي زرتها في الإجازة، أو طريقتي في اللعب مثلاً، لهذا لم أنجح في هذه التجربة، لكني أسجل بعض المقاطع الفيديو بين الحين والآخر وأتابع قنوات أصدقائي، فالأمر مسل وممتع، لكن ليس بالضرورة أن يكون الجميع من المشاهير».نصائح ضروريةيعتقد مؤيد جعفر أنه قادر على جذب عدد كبير من المتابعين لو أنشأ قناة على اليوتيوب، لكن والده يرفض الأمر، فهو لا يسمح له بقضاء وقت طويل أمام الآي باد، ولا يريد له أن ينخرط كلياً في العالم الافتراضي وينسى الواقعي، ويقول: «أعرف أن أبي على حق، إلا أنني أنزعج أحياناً من كوني لم أجرب أن تكون لي قناتي الخاصة، فالفيديوهات التي أسجلها مع صديقي تلقى إعجاب المتابعين لديه، وأعتقد أنني عندما أكبر قليلاً سوف أكون قادراً على إثبات ذلك له، فاليوتيوبر اليوم مهنة معترف بها وهي تجني الكثير من الأرباح».بدورها توجه ريم سيف، يوتيوبر، بعض النصائح للشباب المقبلين على هذه الهواية أو المهنة كما يعتبرها البعض منهم، وتقول: «أهم نصيحة لأي شخص يرغب بأن يكون من الناجحين في هذا المجال أن يركز على اختيار المواضيع التي يتميز بها، والتي تمثل شغفاً حقيقياً بالنسبة له، مثل المكياج، الموضة، التكنولوجيا، الكوميديا، الطعام، وهكذا، أما عن الشرط الأهم الذي يجب أن يتوفر فيمن يطل على قنوات اليوتيوب يتلخص في الحضور والجرأة، فمن لا يتمتع بهما لن يكون قادراً على جذب الناس لمتابعته، وتضيف أخيراً أنه من المهم جداً أن يكون الشخص قادراً على تسجيل الفيديوهات ونشرها باستمرار حتى يكسب المتابعين، ويكون لديه القدرة على التواصل مع المتابعين والرد على أسئلتهم وتجاهل المحبطين».قدرات ومواهبيرى محمد فريج، مختص العلاج النفسي في عيادة نورث ويست، أن اتجاه الشباب نحو قنوات التواصل واليوتيوب يوفر مساحة للتواصل والإبداع وإظهار الشخصية والتميز والمواهب التي يتمتع بها الشباب، ويقول: «هذه الوسيلة رائعة لإظهار القدرات، ومن الجميل أن يقوم المراهق أو الطفل بإنشاء قناته الخاصة بإشراف أهله إن كان تحت السن القانوني - فهي مدونة أفكاره التي قد تدفع للعمل على تطوير نفسه لكي يظهر بالصورة الأفضل أمام الناس»، ويشبه فريج، هذا الحائط أو المساحة بالمجلة الشهرية التي كان التلاميذ قديماً يحضرونها ليعرضوها على جدار المدرسة وتعبر عنهم وعن إبداعاتهم، أما عن الجانب السلبي فيوضح أنه على الأهل وعلى الشباب أن يدركوا أن الظهور على هذه القناة أو الشاشة لا يجب أن يكون لمجرد حب الظهور، فالجميع سوف يعزف عن مشاهدتها إن كانت فارغة وبدون هدف، لهذا على الأهل أن يوضحوا لأبنائهم أن عليهم وضع هدف للقناة، وخطة، وأيضاً أن يكون لديهم ما يقولونه بالفعل، سواء كان إضحاك الناس، أو تصوير أشياء لها علاقة بمواهبهم وقدراتهم الخاصة، والأشياء التي يبرعون بالقيام بها، بالإضافة إلى ضرورة توعيتهم بوجوب الابتعاد عن المنشورات غير القانونية، كتلك التي تنطوي على العنصرية، أو العنف وغيرها.
مشاركة :