كيف حرمنا أنفسنا التعلم؟ - عبدالله مغرم

  • 6/29/2014
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

قبل بضعة أيام كنتُ أرغب في شراء كتاب إلكتروني عبر خدمة جوجل لمبيعات الكتب الإلكترونية ولكنني تفاجأت برفض بيع الكتاب بحجة أن الدولة التي أقيم فيها غير مسموح فيها بيع الكتب الإلكترونية. بعد ذلك حاولت الشراء من عدة متاجر إلكترونية أخرى ووجدت أن جميعها ترفض عندما يشار إلى إقامتي في المملكة، والسؤال لماذا ترفض مثل هذه الشركات بيع الكتب الإلكترونية لنا مع العلم أن الكتب الورقية متوفرة في المكتبات؟ يتضح أن السبب الرئيسي هو واقع انتهاك حقوق الملكية الفكرية لدينا ووجودنا على قائمة المراقبة في مجال انتهاك حقوق الملكية الفكرية طبقاً لتقرير صادر عن الاتحاد الدولي للملكية الفكرية لعام 2012 والذي تحدث التقرير في طياته عن القرصنة في شوارع عدد من المدن الرئيسية والتحميل غير المشروع عبر الإنترنت وغيرها من الملاحظات ذات الصلة. شخصياً ألاحظ أن ذات الانتهاك يتكيف مع التطور التقني فاليوم توجد حسابات عبر موقع التواصل الاجتماعي تويتر لتحميل الكتب بشكل مجاني دون الإشارة إلى موافقة الناشر أو المؤلف ولنا أن نقيس بعد كل ذلك حجم الخسائر الوطنية للمؤلفين والناشرين. واقع صناعة النشر لدينا اليوم يتقهقر وبشكل كبير على مستوى المحتوى حيث ذات الانتهاك يؤثر بالطبع في المداخيل المالية للمؤلفين والناشرين وبالتالي لا يستثمر الكثير من المؤلفين وقتا عاليا في التأليف وهو ما يزيد الفجوة المعرفية بين كتبنا، وكتب الآخر التي تحوي فكرة أصلية جديدة في كثير منها، ومن ناحية أخرى إذا ما أخذنا بعين الاعتبار أن المجتمع اليوم يستخدم الأجهزة اللوحية والذكية ولفترات طويلة دون أن يتمكنوا من الاستفادة من مثل هذه التطبيقات المتخصصة في مبيعات الكتاب الإلكترونية. ولهذا السبب يحجم الكثير من الشركات العالمية عن تقديم خدماتها لمنطقتنا لأن الشركات لا تأمن على حقوق ملكيتها، ومن الغريب أن ثقافة المجتمع متغيرة تجاه الملكية الفكرية، فعندما يتسارع المجتمع الى شراء الأجهزة الأصلية والسيارات الأصلية وضماناتها وتصرف الأموال في سبيلها، وفي نفس الوقت يتم شراء الكتب والبرامج والألعاب المقرصنة!. ولنا أن نتخيل طبيعة الوقت المهدر وحجم التأخر الذي نتكبده نتيجة الاستهانة بذات الواقع والذي يدفع ثمنه الأجيال القادمة لاسيما وأن الأجهزة اللوحية تحوي تطبيقات لعدد من متاجر الكتب الإلكترونية كأمازون كيندل وكابول والتي قراءة الكتب من خلالها تحقق مزايا أفضل من الكتاب الورقي لاسيما إمكانية اختيار مقاس الخط وتلخيص الكتب بشكل إلكتروني وغيرها الكثير التي حرمنا منها نتيجة لمثل هذه الممارسات لاسيما وأن مبيعات الكتب الإلكترونية في العام 2011 ضاهت مبيعات الكتب الورقية بحسب إحصائيات شركة أمازون وهو ما دعا في العام 2012 راندوم هاوس وبينجوين - واللتين تعدان من كبرى شركات النشر في العالم - إلى الاندماج الجزئي لتأسيس شركة نشر إلكتروني برأس مال 2.4 مليار دولار. وعنا نحن فحجم خسائر انتهاك حقوق الملكية الفكرية تقدر بعشرة مليارات سنويا وحجم الغرامات التي فرضت العام 2011 بلغت ثلاثة ملايين ريال فقط وهو ما يوضح حجم العمل الواجب القيام به لحمايتنا من الانغلاق التدريجي الذي بدأنا نلمسه في مصادر المعرفة الإلكترونية. على مستوى بعض الدول تكافح القرصنة بعدد من الأنظمة الاحترازية فبعضها تمنع الشخص الذي يحمل تطبيقات مقرصنة عبر أجهزته الإلكترونية من الدخول لأراضيها وبعضها الآخر تفرض غرامات مالية، بينما في دول أخرى كالمملكة المتحدة تتوفر بها متاجر متخصصة لبيع التطبيقات الأصلية بعد استخدامها وهو ما يسهل للبعض شراء تطبيقات أصلية بسعر منخفض جزئيا، وفي المقابل يحافظون على حركة الإبداع والنشر نشطة وبعيدة عما يعرض العاملين في مثل هذه القطاعات للتسريح، كل ذلك يحتم رسم خطة وطنية عاجلة لإيقاف مثل هذه الممارسات ليس لمحاولة البقاء على تواصل مع المستقبل فحسب بل لأن ذات الواقع بات يشكل خطراً ولم تعد أدوات المنتهكين ذات فائدة لهم وللمجتمع.

مشاركة :