أكرم عطا الله يكتب: مباحثات القاهرة أمام 3 سيناريوهات

  • 10/11/2017
  • 00:00
  • 7
  • 0
  • 0
news-picture

لعشر ساعات متواصلة كانت مباحثات الأمس في اليوم الأول لعقدها تعكس جدية الأطراف وجدية أكبر لدى الطرف الراعي لهذه المباحثات التي يبدو أنه لن يترك مجالاً للفشل هذه المرة،  فتلك تتعلق بالدور المصري والحضور المصري والقوة الناعمة المصرية التي غابت لسنوات، وها هي مصر تبدأ باستعادتها لأن الفشل هذه المرة يعني إعلان فشل القوة المصرية في ملف اعتبر لعقود ماضية هو جزء من السياسة المصرية. لذا نقلت القاهرة المباحثات الى مقر المخابرات محاطة بالسرية التامة، بعيداً عن وسائل الإعلام التي حاولت الوصول لأية معلومات غير ما قاله رئيس وفد حركة فتح عزام الأحمد بالاتفاق على المعابر وتسليمها لحرس الرئيس، وإن كان هذا الأمر صعبا تنفيذه بمعزل عن اتفاق شامل. لا أحد لديه شيء يقوله سواء من المسئولين أو الكتاب والمحللين، وفي ظل التساؤلات حول النتائج من قبل الرأي العام المتلهف للبشرى، لكن يمكن القول أن هذه المباحثات التي على ما يبدو تستمر لثلاثة أيام قد تفضي الى ثلاثة سيناريوهات هي الأقرب للواقع.. الأول هو اعلان فشل التوصل لاتفاق بين الجانبين، وهذا السيناريو يصعب تخيله لأنه سيكون صادماً للرأي العام، ولأن مصر وضعت كل ثقلها هذه المرة سواء بالزيارة الهامة التي قام بها وزير المخابرات المصرية أو بمتابعة الرئيس المصري شخصياً وإلقائه خطابا في الحكومة الفلسطينية والفصائل وعقده اجتماعا هاما لمناقشة آليات انجاح المصالحة ضم وزير الدفاع المصري ووزير الداخلية وكذلك المشرف المباشر على الملف وزير المخابرات، وبعد كل هذا لا أحد يتصور الفشل.. لذا فهذا السيناريو ضعيف. السيناريو الثاني إعلان النجاح والاتفاق على كل التفاصيل والبدء بالتنفيذ الفوري، وهذا سيناريو يحتاج الى تدقيق وهو سيناريو حالم لم يأخذ بعين الاعتبار التعقيدات التاريخية التي نشأت وبحاجة الى وقت لتفكيكها ورغبة السلطة بمصالحة متدرجة، هذا السيناريو هو ما ينتظره راعي المصالحة والرأي العام المشدود بقلبه وعيونه نحو العاصمة  المصرية بانتظار صعود الدخان الأبيض من مدينة نصر. السيناريو الثالث، وهو الأسوأ، هو إعلان اتفاق كما حدث عام 2011 و 2014 تصطدم الأطراف بالواقع المركب وتعجز عن تنفيذه، اعلان يلبي رغبة مصر ارضاء لها ورغبة الرأي العام لكن تكتشف الأطراف أن قدرتها على ترجمته أمر صعب ويتم تبهيت الاتفاق كما حدث سابقاً، اتفاق لا يناقش كافة القضايا ويبقى بعضها كألغام متفجرة مثل ملف السلاح والمقرات العسكرية للفصائل وطبيعة العلاقة بينها وبين السلطة، أو يجري تبهيت الموضوع عمداً كما حدث سابقاً، ويعيد الفلسطينين للمربع الأول الى المنطقة الرمادية معلقين بين مصالحة نظرية وواقع يزداد انقساما. بكل الظروف ستزف الأطراف المتحاورة خبر الاتفاق لكن المهمة الأبرز هي ما بعد الاعلان، كيف سيجري ترجمة الاتفاق؟ ما هي نوايا الأطراف؟ وهنا المعضلة وهنا أيضاً تبقى مسئولية كبيرة على الجانب المصري أن يبقى متابعاً لتفاصيل التفاصيل، وأن يقف على كل شيء ليس كطرف وسيط بل كشريك كما قالت حركة فتح،  هذه الشراكة تتطلب تواجدًا مكثفًا وبقوة أكبر وزخم أكبر مما تم قبل دعوة حركتي فتح وحماس، لأن التجربة تقول إنه لا ينبغي ترك الفلسطينين وحدهم لأن الفشل هو الحصاد المر الوحيد في تلك التجربة. هذا هو الأمر الأهم: كيف يمكن ألا نجد أنفسنا أمام السيناريو الثالث الذي يشكل كابوسًا تكرر على امتداد الاتفاقيات السابقة لصالح السيناريو الثاني،  فمصر يجب أن يكون لديها من القوة ما يمكنها من تنفيذ أي اتفاق يتم على أرضها حتى وإن وصل الأمر الى معاقبة الطرف الذي سيخل بالاتفاق الذي سيعلن، وأن تتحمل مسئولية ما يحدث على أرضها وليس كما في عام 2011 عندما تركت أمر التنفيذ للفلسطينيين الذين برعوا في استمرار الانقسام وقدموا نموذجًا سيئًا في التوافق. أجواء الأمس كانت ايجابية، وهذا مؤشر جيد، ولكن لا يكفي لأنه تكرر على امتداد سنوات، الأمر يتعلق هذه المرة بالفرصة الأخيرة لأن الفشل فيها يعني طي صفحة المصالحة للأبد، لذا ممنوع أن تفشل الأطراف في مهمتها الأكثر جدية، فلم يعد هناك متسع لإهدار الوقت، لأن ذلك يعني اعلان الانهيار التام لكل ما بني على امتداد العقود الماضية من ثورة التف حولها الشعب الفلسطيني، وجدت نفسها في السنوات الأخيرة تأكل نفسها وتأكل شعبها، آن الأوان لتمزيق هذه الصفحة السوداء في تاريخ شعبنا. الأجواء ايجابية بين الفلسطينيين، ولكن يبدو أن هناك مفاوضات أخرى على مسار آخر مع اسرائيل التي وصل وفدها بالأمس، هذه المفاوضات تتعلق بصفقة التبادل، وهي تسير بشكل سري بالتوازي مع المباحثات بين الفلسطينيين، اذ بات من الواضح أن القاهرة تتحرك على أكثر من صعيد. نحن أمام اعلان اتفاق مصالحة، ويبدو أننا أمام صفقة تبادل أسرى باتت قريبة. ملفات تبدو كأنها مرتبطة ببعضها فلا يمكن عودة السلطة لغزة بدون انهاء ملف الأسرى، لأن ذلك سيشكل أزمة لها يمكن لنتنياهو تحميلها المسئولية، لأن مناطق سيطرة السلطة لا تحتمل وجود أسرى اسرائيليين. هذا واضح لمصر التي تحاول ازالة هذه العقبة الكبرى من طريق تسلم السلطة لغزة. نحن أمام تطورات هامة وكبيرة، فإما أن ينجح الفلسطينيون، وهذا ما يجب أن تعمل عليه جميع الأطراف، وإما السقوط النهائي إذا لم تتم ترجمة الاتفاق كما حدث سابقاً، فالتجربة مدعاة للتأمل للاستفادة منها، فقد اعتدنا على الاتفاقيات لكن الثقافة الأكثر تأصيلاً هي رفض كل ما نتفق عليه. فهل سنختلف هذه المرة؟ ربما …الأمل كبير لأن المناخات مختلفة والضرورات أكثر إلحاحا…!!!   Atallah.akram@hotmail.com

مشاركة :