الشعب الذي فرح بتسلم راتبه مبكراً يبكي من تأخر صرف راتبه إلى موعده المعتاد، فهو لم يعتد الاعتياد.في كل العالم، يحصل الموظف على راتبه الذي يستحقه، وفي الكويت يستحق الموظف الراتب ثم يفكر أن يحلله بحثاً عن فتاوى تجيز التسيّب والانفلات في حال وافق المسؤول.المصيبة أن المسؤول ليس مسؤولاً، هو بالكاد موظف مثلك عند الجهة نفسها، يتقاضى راتباً أكثر منك، فقط ليسمح لك بالتسيّب أو يعاقبك بالانتظام من مبدأ «مال عمك لا يهمك».كل شيء صار حقاً مكتسباً، وإن كان غير مستحق، بدءاً من الراتب مقابل الحضور لا العمل، مروراً بالسفر في كل إجازة، وانتهاءً بارتداء الماركات والاستعراض بالسيارات وحياة عيشة الأثرياء بفضل البطاقات الائتمانية التي تسدد بقروض تطالب الحكومة بإسقاطها.كل شيء نريده من الحكومة ونريد انتقادها، وهو انتقاد إن صح، فهو يشملنا معها.فالحكومة ونحن تتلازم مساراتها مرتبطة بالراتب في نهاية الشهر ويرتبط نقدها بارتفاع أسعار البنزين ومدحها بمنحها البدلات والعلاوات وبينهما تدور التنمية في حلقة مفرغة نتنافس في وضع العصي أمام دولابها.وخارج الصورة، موظفو القطاع الخاص وأصحاب المشاريع الصغيرة الذين نتهمهم بسرقتها، ونحن نسعى إلى هذه السرقة بأيدينا وأقدامنا معاً، لأننا شعب يحب اتهام غيره بما فيه، يعشق الانتقاد ويموت على «الحلطمة».وحالياً، لا «حلطمة» تعلو على صوت «حلطمة» نزول الراتب، الذي سيصرف نصفه على تسديد نفقات عيد الفطر، ونصفه الآخر في الإنفاق على عطلة عيد الأضحى، وبين العطلتين ننتظر عطلة مثلما ننتظر المعاش.لن يطول الانتظار طويلاً، فقد يتزامن نزول المقال مع نزول الراتب، وقد يتزامن الانتهاء من قراءته مع الانتهاء من صرفه، والانتظار مجدداً فسر تسميته بـ «معاش ما عاش».وكل معاش وأنتم بخير.reemalmee@
مشاركة :