تسوق السعوديات وفوانيس رمضان | نبيلة حسني محجوب

  • 7/2/2014
  • 00:00
  • 20
  • 0
  • 0
news-picture

عادات جديدة بدأت تتسلل الى أجوائنا الرمضانية، لا تنتمي لتراثنا الرمضاني، ولا علاقة لها برمضان، الا دعما للاستهلاك، ومزيداً من النزف المادي الذي يبدأ في التدفق قبل رمضان ويستمر حتى نهايته استعداداً للعيد. من العادات الجديدة فوانيس رمضان، وهي عادة أدخلها الفاطميون عندما جاءوا الى مصر وحكموها زهاء قرنين من الزمان، فتركوا جملة من التراث الشعبي الذي ظل مرتبطاً بالوجدان المصري ( لعل أسوأها وأشدها تهافتاً ذكريات الكنافة والقطايف والفوانيس التي تقفز الى صدر الاهتمامات كلما أهلّ شهر رمضان ) كما يقول جمال بدوي في كتابه الفاطمية دولة التفاريح والتباريح. سواء كانت تهافتا كما عده د/ جمال بدوي أو تراثاً شعبياً، الا أن الاحتفاء بقدوم رمضان في مصر يظهر في الشارع أكثر من ظهوره في البيت المصري، لأن المحلات تزين واجهاتها والشوارع والمساجد، بينما داخل البيت المصري لا يوجد هذا الاحتفاء الرمضاني الا في تجهيز المأكولات الغليظة على الافطار. هنا في السعودية عكس الحالة في مصر، حيث يحتفي البيت السعودي برمضان بينما تحتفى الشوارع والمحلات بالازدحام قبل دخول رمضان بأيام وتظل حالة الزحام هذه حتى ليلة العيد.ما دعاني لهذه المقارنة هي ظاهرة فوانيس رمضان، وهي ظاهرة حديثة تتكالب عليها الأسر السعودية بشكل ملفت وغريب. قبل سنوات عندما كنت في القاهرة في رمضان حملت عدداً من الفوانيس لتزيين المنزل وبأحجام مختلفة كهدايا للصغار والكبار، لأنها لم تكن موجودة بهذا الشكل. فجأة امتلأت الأسواق بأشكال وأحجام للفوانيس وهي عادة فاطمية، كما أسلفت، ربما لأن الكهرباء لم تكن اخترعت أصلا وكانت الشوارع تضاء بالفوانيس، أو كما يقول جمال بدوي: ( ارتبط تاريخ الدولة الفاطمية في أذهان المصريين المحدثين بالأفراح والليالي الملاح والاحتفالات والولائم وأطايب الطعام والحلوى، ولا يذكر اسم الفاطميين الا ويتذكر الناس القطايف والكنافة والخشاف وطبق عاشورة والمسحراتي وفوانيس رمضان) من عادة المصريين الحفاظ على التراث أيا كان شكله كحلاوة المولد مثلا الا أن الفانوس ارتبط برمضان وأصبح يستورد من الصين مع أن الفانوس المصنوع في مصر يديويا أجمل وأكثر ارتباطا بالتراث العربي الأصيل. لكن من أقحم فوانيس رمضان في ثقافتنا؟! هل هو جشع التجار؟ أم المصانع الصينية التي - ربما - فشلت في تسويق منتجاتها من الفوانيس في مصر عندما ظنت أنها تستطيع بيع الماء في حارة السقايين، فوجدت لدينا سوقا نشطة ومستهلكين جاهزين لتلقف أي منتج حتى لو كان دخيلاً على ثقافتنا وتراثنا الرمضاني! على خارطة الوطن، لكل منطقة تراثها الرمضاني الفريد سواء في نوعية الطعام أو طريقة تقديمة، لكن في هذا العصر، امتزجت العادات، وتشوشت الذاكرة والوجدان الشعبي، وأصبح تسوق السعوديات قبل رمضان بهذا الشكل يحتاج لوقفة، أو دراسة، لمعرفة الأسباب أو الدوافع التي تسوق السعوديات الى الأسواق الشعبية سوقا، ولا أبرئ نفسي، ربما هي العادات القديمة مرتدية أثواب العصر الاستهلاكي، أو أن السعوديات يجدن في رمضان فرصة للتجديد وتغيير نمطية الحياة التي تدفعهن الى السفر في كل إجازة مهما كانت قصيرة؟! قديماً، في مكة أو في منطقة الحجاز عموماً، كان العبء على المرأة مرهقاً، لا يتيح لها رفاهية التسوق المرضي الذي أصاب قسماً كبيرا منا، لأن عليهن مهمة تجهيز المواد الغذائية التي كانت متوفرة بحالتها الخام التي تحتاج الى ( جرش ) مثل " حب الشوربة " وهي عملية شاقة كان يقوم بها عدد من الأفارقة في " دهليز المنزل" في " هاون " خشب كبير وتستمر هذه العملية أياماً وربما أسابيع، اذا كانت الأسرة كبيرة، والبيت الكبير هو الذي يتولى توفير " الحب " لبقية أفراد الأسرة المستقلين عن البيت الكبير، كما يمثل الافطار في اليوم الأول الذي يجمع أفراد الأسرة كلها على مائدة الأب أو الجد عملية شاقة تحتاج الى تجهيزات ولم تكن المطاحن والخلاطات والعجانات الكهربائية متوفرة. البهارات لم تكن متوفرة بعدة أشكال وأحجام، بل كانت تنقى وتغسل وتجفف وتطحن يدويا، بالاضافة الى العادة المكية في عمل (صرة ) الشوربة، وهي مهمة ليست سهلة، الآن أصبحت تباع جاهزة، وأصبحت تجارة رائجة ورابحة، وفرت على السعوديات العمل أياما في اختيار البهارات وغسلها وتجفيفها وغسل " طاقة الشاش " وقصها مربعات صغيرة، ثم وضع البهارات داخلها وعقدها بشكل فني بديع تتقنه المكيات. الآن كل شئ جاهز ومطحون ومجروش لكن تعددت احتياجات البيت السعودي، مما يحرض معظم السعوديات على التدفق الى الأسواق الشعبية التي يجدن فيها حاجتهن بأسعار في متناول اليد مع أن الأسعار أعلى من الجودة. nabilamahjoob@yahoo.com للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS تبدأ بالرمز (27) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى 88591 - Stc 635031 - Mobily 737221 - Zain

مشاركة :