الكاتب نجما سينمائيا بقلم: عبدالله مكسور

  • 7/22/2017
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

حياة الكتَّاب والمبدعين تصلح ميداناً هاماً للسينما ولعدسات المخرجين باعتبار أنَّ هؤلاء هم القادرون على تغيير العالم، ونقله من حالة إلى أخرى.العرب عبدالله مكسور [نُشر في 2017/07/22، العدد: 10699، ص(15)] قليلة هي المهرجانات السينمائية العالمية أو المحلية التي تهتم بحياة الكُتَّاب أو الشعراء والمسرحيين، وربما قليلةٌ في الأصل تلك الأفلام السينمائية التي اتخذت من سنواتٍ عاشها كاتبٌ في بلدٍ ما، مشروعاً لإنتاج مرئي يُعادُ من خلالِه تقديم هذا المبدع إلى الناس. من المُستَغرَب عدم قيام كتَّاب السيناريو السينمائي أو الدرامي بالنبش في السنوات التي عاشها الكاتب تحت وطأة ظروف عديدة ونسج بنية درامية تكاد تطابق في ظروفها النشأة أو المرحلة التي عبَر بها الكاتب في درجات صعوده الأدبي. ربما تكون قصة اختيار حياة كاتب خاضعة لكثير من المقولات، أبرزها يكمن في سؤالٍ، هل تستحق حياة الكاتب في حدِّ ذاتها المغامرة بصناعة فيلم سينمائي لأجل نقل تجربته إلى الآخرين، هرباً من الإجابة عن هذا السؤال يجد صنَّاع السينما الحالة المثالية في تقديم قصة حياةٍ مختلقة لكاتبٍ لم يكن كما في فيلم “الكلمات” الذي يتحدث عن كاتب شاب يجد مصادفة مخطوطاً لرواية منسية في حقيبة اشتراها من باريس خلال قضائه عطلة هناك فيُعيد طباعة المخطوط باسم آخر، وليعيش الصعود الأدبي نحو قمة المجد قبل أن يصادف في حديقة الكاتب الأصلي للمخطوط والذي بدوره يواجهه بحقيقة الفعل المشين الذي قام به الكاتب الشاب، هنا تبدأ خيوط الفيلم بالاسترخاء نحو النهاية، فالفكرة في هذا الفيلم لم تكن قصة كاتب محدد بل قضية السرقة الأدبية ونتائجها. على الضفة الأخرى تبرز أفلام سينمائية تناولت شخصيات من صانعي الأدب العالمي، كبابلو نيرودا وآرنستو هيمنغواي وستيفان زفايغ، سأختصر الحديث عن هذه التجارب بتجربة النمساوي ستيفان زفايغ، الذي قال “لا” للواقع في ظل حاجته الماسة للخضوع، فصنَّاع الفيلم لا يتناولون زفايغ على أنه كاتب يهودي بقدر ما هو كاتب قال “لا” في وقتٍ كان فيه بأمس الحاجة ليقول نعم، القصة السينمائية مطابقة للواقع الذي عاشه زفايغ لكنها لا تنتقل معه في أقسى لحظات حياته، إنها تتناول سنوات قليلة، هي السنوات الثلاث الأخيرة التي عاشها الرجل في منفاه البرازيلي الاختياري، بعد أن خرج من أوروبا بجواز بريطاني عقب انتهاء جوازه النمساوي ورفضه الحصول على جواز سفر ألماني صادر من السلطة النازية، إنها مغامرة القبول أو الرفض لكاتب أتقن تماماً أن يقول “لا”، حتى هذا الفيلم الذي اقتصر على الشهور الأخيرة من حياة كاتب عاش مغامرات عديدة في رحلته نحو الحياة، قدَّم صنَّاعُه زفايغ على أنه متصالحٌ مع مآلِه وهذا غير صحيح بالمطلق، هذا واضح في مشهد النهاية عندما ينتحر زفايغ على سريره مع صديقته وكلبه بعد أن تناول مجموعة من العقاقير، فقد أغفل منتجو الفيلم قيام زفايغ بتطريز أكثر من 120 رسالة لأصدقاء له حول العالم يخبرهم فيها عن قراره بالانتحار احتجاجاً على فكرة الحرب ودمار أوروبا التي أحب. حياة الكتَّاب والمبدعين تصلح ميداناً هاماً للسينما ولعدسات المخرجين باعتبار أنَّ هؤلاء هم القادرون على تغيير العالم، ونقله من حالة إلى أخرى، في المقابل نجد أن السينما العربية لم تتجه أبداً -على حد معرفتي- إلى إنتاج عمل سينمائي يتناول حياة كاتب أو شاعر عربي خاض خلال تجربته الظروف العصيبة التي مرَّت بها منطقتنا القائمة في الأصل على صفيحٍ يزداد احتراقاً كل يوم، لقد اتجهت السينما العربية إلى استعمال الروايات التي قدَّمها مبدعون عرب بعيداً عن أعمالِهم متناسين ربما أن هذا الكاتب إنما يضع في نصه الكثير من تجاربه الشخصية وصوراً من حياتِه الذاتية، فنرى أن أعمال نجيب محفوظ، يوسف السباعي، حنا مينا، إحسان عبدالقدوس، علاء الأسواني، الياس خوري، غسان كنفاني، محمد شكري وغيرهم، قد تحولت نصوصهم من مقروءة إلى مرئية فرأوا شخصياتها تتحرك أمام كاميرا مخرج وفريق عمل وجمهور ربما لم يقرأ أساساً الرواية موضوع الفيلم! ماذا لو تم الاشتغال عربياً، أتحدث هنا عن مؤسسات تمنح فرصاً حقيقية لإنتاج يسعى لعكس الثقافة العربية وعمقها، عن طريق حيوات كتَّاب خاضوا بوجودِهِم حروباً أو تجارب اعتقال ولجوء ونزوح وقهر، هل نستطيع تحويل الكاتب من شخص يعيش في الظل ونعرف عنه بعض كلماته إلى نجم سينمائي يُقبِلُ الجمهور على قراءته بعد رؤيتِه؟ كاتب سوريعبدالله مكسور

مشاركة :