أيمن حسن: هوية الكاتب انتماؤه الكوني بقلم: عبدالله مكسور

  • 11/3/2016
  • 00:00
  • 15
  • 0
  • 0
news-picture

أيمن حسن: هوية الكاتب انتماؤه الكوني عندما يحمل المبدع في روحه لغة أخرى إلى جانب لغته الأم، تثور عنده أسئلة الهوية وقلقُها المتعدد، فيحاول في اشتغاله الأدبي، البحث عن إجابات تقبل الأوجه المتعددة للأسئلة وتخرجُ في ذات الوقت من التنميط والتأطير اللذين يضعهما الآخر فيه بوصفه متحدثا وكاتبا بلغتين في آنٍ معا، أيمن حسن شاعر ومترجم وكاتب تونسي يكتب ويترجم بين العربية والفرنسية، العرب التقت أستاذ الأدب في معهد دار المعلمين العليا وكان هذا الحوار. العربعبدالله مكسور [نُشرفي2016/11/03، العدد: 10444، ص(15)] لست فرانكفونيا أنا ابن الإلهام تنوعت إصدارات الشاعر التونسي أيمن حسن بين الأدب والفكر والترجمات المتنوعة، بين الشعر والقصة والسرد، فضيفنا شاعر ومترجم وكاتب بالعربية والفرنسية، له اشتغالات ثقافية متعددة الاتجاهات والبُنى الأدبية، في ضوء هذا التنوع اللافت نسأله بداية عن فهمِه الخاص لصورة “الهوية” في النص الأدبي، ليقول إنَّ الهويّة بنت زمانها ومكانها فهي ترتبط بالنصّ كهويّة صلب الهويّة، بتخصيص أدق يتابع ضيفنا إنه يكتب بالّلغتين العربّية والفرنسيّة ويُترجم بينهما، وصلبُ اهتمامه يتمثّل أوّلا في جنس النصّ ذاته، إن كان شعرا أو نثرا أو بين الجنسين، فهذا ما يحدّد الهويّة الحقيقيّة للنصّ وبالتّالي لفعل الكتابة، وإن كانت ترجمة، فكلا الفعلين إبداع. الأدب والهوية يؤكد أيمن حسن أنّه كتب نصوصا نثريّة وسياسيّة لا اسم لها غير “البامفلي”، أي ذلك الجنس الأدبي الذّي تطوّر في عصر الأنوار مع أسماء يعتبرها كبيرة، تلك النصوص جاءت هويتها مقترنة بصفاء اللّحظة وبما تكتنزها من حقيقة بينه وبين نفسه من جهة، وبينه وبين أعدائه الذين يصفهم بأعداء الوطن من جهة أخرى، وهذا ما يجعل النصوص تتحوّل من الأدب إلى السّياسة، والهوّية سياسة لا محالة بحسب ضيفنا. الحديث عن تسييس النصوص يقودنا إلى الحديث عن الدور الذي يلعبه الأدب المحلي في دعم الهوية الوطنية والقومية، والطرح هنا باتجاهين، عربي وفرنسي، ليؤكد ضيفنا أنه عادة ما يكون تقدير هذه التأثيرات شخصيّا، فالكتابة الحقيقيّة كما يراها لا تحتمل التنظير أو الأدلجة، يضرب بإنتاجه الأدبي مثالا على ذلك، فضيفنا يعتبر نفسه كاتبا عربيا ناطقا بالفرنسية، يشدد هنا أنه ليس فرانكفونيا، لما يحمله هذا التوصيف من تبعية فكرية وثقافية ويجعل من حامله شخصا غير مرغوب فيه. دور النشر الأوروبية لا تعتني بالأدب العربي، وإن نشرت لكتّاب أو شعراء عرب، فذلك بسبب أسمائهم وقيمتهم، وأحيانا بسبب الصّداقات أو اللوبيات يرى حسن أن الهوية الوطنية عند الكاتب هي المحلّية الكونيّة كما عرّفها منذ قرون الفيلسوف الألماني إيمانويل كانط، فأنا الكاتب أو الرّاوي هي أنا كونية شمولية تعبّر عنّا جميعا، ولذلك فإن أبسط الحكايات المحلّية ملحمات إنسانّية منذ جلجامش. من خلال تجربته الذاتية في الكتابة بين الفرنسية والعربية على حد سواء، نطلب من ضيفنا إجراء مقارنة بين الشعر الفرنسي والشعر العربي من حيث الأوزان والمواضيع وآليات النظم والموسيقى، ليقول إن الفرق بين الشعريّتين أي بين فنّ الشّعر في اللغتين هو ذاته الكامن بين بناء اللّغتين في النّحو والصّرف في البدء ثمّ في البلاغة والعروض في مرحلة متقدّمة، الفرنسيّة عكس العربّية تماما، فهي لغة أيديوماتيقيّة تخضع لقواعد صارمة تكاد تكون متكلّسة، لكنّها في الآن نفسه شعريّة، فالتعامل معها إشكاليّ ومخيف إلى درجة أنّ أكثر الشّعراء بلاغة من النّاطقين بها كبودلير يقولون إنّ “الجميل غريب”. والإشكاليّة هي نفسها مع الموسيقى فبالرّغم من صرامة قواعد العروض والإيقاع التي توفّر الموسيقى كما هو مفترض، فالشّعر الفرنسي انتظر طويلا لكي تتبلور موسيقيّته كما صار ذلك مع بول فرلين. حديثه يقودنا إلى سؤاله عن قوام القصيدة التي يكتبها بالفرنسية، وأبرز المواضيع التي تستحوذ على اهتمامه عند النظم بلغة موليير، ليقول إنّه ابن الإلهام، الكلمات تأتيه بطريقة غريبة وما عليه سوى تدوينها كي تبقى، دون أن تتلاشى كالسراب، فكتابة الشعر عند أيمن حسن مبنيّة على التتيّم، ليجد نفسه في أغلب الأحيان ضمن هيكل شعري متغيّر، عادة ما يكون كلاسيكيّا بسبب نوعية الأبيات، فهي تخضع غالبا أو دائما إلى قواعد العروض الفرنسي، ممّا يفرض عليه مواصلة الحوار والكتابة مع الذات، فعملية التدفق الشعري للموضوع الشعري عند ضيفنا تبدأ بالصور الأولى وتتوالى عبر معالجة تلك الرؤى على شكل أبيات شعرية. كتابة الشعر عند أيمن حسن مبنيّة على التتيّم يضرب مثالا عن المواضيع السياسية التي يكتب عنها، قصيدته الأخيرة “تونسة” التي يعتبرها صرخة ضد مَن يصفهم بأعداء الوطن والحياة على حد سواء، أخذت منه أربع سنوات لتكون قصيدة كاملة. عالمية الأدب الحديث هنا يقودنا نحو عالمية الأدب العربي، وكيف يرى ضيفنا حال الإنتاج الإبداعي باللغة العربية، ليقول إن الأدب العربي اليوم يعيش أزمة شموليّة تبدأ من اللغة الّتي تبحث عن تجديد نفسها وتنتهي إلى النّشر والتّسويق والتقبّل. معضلات بالأطنان تقترن بكلّ ما نعيشه اليوم من أزمات. لكن هذا ليس بالمأساوي بحسب أيمن حسن الذي يتابع أن هذه الأزمات لا بدّ أن تخلق أدبا جديدا له حضوره وموقعه ومكانته، في هذا الطرح يستند ضيفنا إلى قول الشاعر الألماني هولدرلن إنّ “الشعر، أي الخلق ككلّ، وليد الأزمات”، وهذا المفصل هو مكمن كونية أو إنسانية الأدب العربي. يشرف اليوم الكاتب والمترجم أيمن حسن على قسم النشر العربي في دار “موار” الفرنسية للنشر، ومن هذه الأرضية نسأله عن معايير النشر والترجمة التي يتبعها الناشرون الأوروبيون عن العربية؟ ليقول إن دور النشر الأوروبية لا تعتني بالأدب العربي، وإن نشرت لكتّاب أو شعراء عرب، فذلك بسبب أسمائهم وقيمتهم، وأحيانا بسبب الصّداقات أو اللوبيات التي يحظون بدعمها. ولا يخفى على أحد -والحديث لضيفنا- أنّ كلّ هذا موجود، أما بالنسبة إلى دار “موار” فهي تملك هويتها وبرنامجها الخاص ومعايير الترجمة فيها صارمة، بحيث تقوم على اختيار نصوص لكتاب لا غبار عليهم على كل المستويات بحسب توصيف المشرف على القسم العربي فيها. بعد الترجمة ونظم الشعر والتدريس الأكاديمي، يتجه أيمن حسن اليوم إلى كتابة الرواية، حيث ستصدر له مع مطلع العام المقبل عن دار “موار” الفرنسية، رواية بعنوان “المأزق”، عن ظروف هذا العمل ومساراته الحكائية، يقول ضيفنا إنها رواية متعدّدة الجوانب تنطلق من حكاية بسيطة تخصّ الصّداقة بين رجلين مختلفين في السنّ، وتذهب إلى السياسة مع بعض المواضيع التي يصفها بالقاتلة والمتعلّقة بالثورات العربيّة، وصولا إلى كشف المستور عن العديد من الأمور الغامضة في المجتمع التونسي، وكذلك في مجتمعاتنا العربيّة. رواية “مأزق” التي تقوم على فكرة مشهدية في لقاء جديد بين معلم وتلميذه، كانت قد فرّقت بينهما الثورة، يبدو ضاربا في التعقيد، لأنّ السيد يبدو متورطا في قضية اختفاء امرأة وسط الفوضى السياسية، قصة حب تختتم مصير رجل وجيل وعدة صفحات من تاريخ بلد بأسره، كلها مدفوعة إلى “مأزق” بحسب أيمن حسن. :: اقرأ أيضاً جوائز وتكريمات في أول أيام معرض الشارقة الدولي للكتاب زمالة بانيبال للكاتب الزائر في دورتها الأولى كتاب فرنسي عن اللغة العربية وأدبها وحضارتها

مشاركة :