التغول الإسرائيلي يأخذ منحى جديداً بعد عملية القدس وإعلان الأوقاف الإسلامية فقدانها السيطرة على المسجد الأقصى كاملاً، بعد منع المسلمين من الوصول اليه ورفع الآذان وإقامة الصلاة في المسجد للمرة الثانية منذ حرقه ومنبر صلاح الدين على يد المتطرف الإسرائيلي مايكل دينس روهن الذي ادعى الاحتلال الإسرائيلي حينها أنه معتوه. وتعمل إسرائيل اليوم على تغيير الطابع الديموغرافي العربي للقدس، فالوثائق الرسمية (معهد أبحاث القدس الإسرائيلي) تفيد بأن عدد سكان القدس حالياً هو 542 ألف يهودي (197700 قبل 50 سنة) يسكنون في القدس بشرقها وغربها، في مقابل 324 ألف عربي (86600 قبل 50 سنة). ويبلغ معدل الإنجاب اليهودي 4.28 في مقابل 3.23 للعرب، وفق إحصاءات عام 2015، على رغم أنه قبل بضع سنوات كانت معدلات الخصوبة معاكسة، فيما الغالبية اليهودية في المدينة تقل، والسبب أن حوالى 18 ألف يهودي يغادرون المدينة كل سنة، فيما 50 ألف عربي غير مدرجين في إحصاء المدينة ويسكنون في الأحياء العربية الشمالية خلف الجدار الأمني، بل وتسعى إسرائيل إلى خفض نسبة السكان الفلسطينيين من 37 في المئة إلى أقل من 22 في المئة في ما يسمى القدس الكبرى. ويفصل الجدار العازل نحو 150 ألف دونم من أراضي القدس الشرقية، فيما يضم 24 مستوطنة إسرائيلية إلى داخل حدود القدس للسيطرة على 18 في المئة من مساحة الضفة الغربية، فيما يواصل الاحتلال تحويل القدس والمنطقة المحيطة بها إلى «متروبولين» ضخم من خلال طرح الوزير عن حزب البيت اليهودي نفتالي بينت قانون «منع التخلي عن القدس» لضم 150 ألف مستوطن إسرائيلي إلى منطقة النفوذ لبلدية الاحتلال في القدس بضم مستوطنات مقامة على أراضي الضفة الغربية المحتلة. أمام هذه المعطيات الخطيرة في القدس، يتطلب اليوم الانتقال فلسطينياً من لغة الأقوال إلى لغة الأفعال، فلم تعد تجدي نفعاً لغة الاستجداء لتقديم يد العون. فالقدس في حاجة إلى استراتيجية وطنية جديدة لدعم صمود أهلها بالمال والمناصرة والتصدي لمشاريع تهويدها وطرد سكانها الأصليين واعتقالهم، وصون عروبتها، بما في ذلك توحيد المرجعية الوطنية الخاصة بالمدينة وتوحيد الخطاب الإعلامي الداعم والموجه لها والكشف عن عمليات البيع والسمسرة لأراضي القدس، وعزل المسؤولين الفلسطينيين الذين يعطون لإسرائيل الأحقية في السيطرة على حائط البراق الإسلامي، والدعوة إلى أوسع حملة عربية وإسلامية ودولية في وجه المؤامرة الإسرائيلية ومعها الأميركية التي أغرقت القدس في مفاوضات عقيمة، بدءاً من أوسلو التي وضعت قضية القدس على طاولة ملفات الحل النهائي.
مشاركة :