بعدما وضعت المعركة أوزارها وتوقف دوي الرصاص في محيط مسجد «رابعة العدوية» في حي مدينة نصر حيث تم فض اعتصام لأنصار الرئيس المعزول محمد مرسي ما أوقع عدداً كبيراً من القتلى والجرحى، بدأت تظهر آثار الدمار الهائل الذي خلفته اشتباكات استمرت ساعات بين قوات الشرطة وآلاف المعتصمين. وبدا أن هناك من فضل اتباع سياسة «الأرض المحروقة» ربما لطمس حقائق أو أدلة، لكن لم يظهر أي طرف أراد إحراق المسجد ومحيطه. وكست سحابة من الدخان الأسود الكثيف سماء منطقة رابعة العدوية حتى بعد ساعات من فض الاعتصام وارتفعت ألسنة اللهب من أكثر من مكان نتيجة إحراق خيام المعتصمين. وأظهرت مقاطع فيديو مصورة معتصمين يشعلون النار في خيامهم قبل تركها. كما احترقت عشرات السيارات في محيط المسجد، لكن أبرز ما في المشهد كان احتراق المسجد نفسه. وفي الطريق إلى «رابعة العدوية»، حُطمت الأرصفة وظهرت مئات النتوءات التي أحدثتها قنابل الغاز المسيل للدموع والزجاجات الحارقة التي تبادلها الطرفان طوال ساعات الاشتباكات. ورغم أن قوات الدفاع المدني رفعت مئات الأطنان من المخلفات من محيط مسجد «رابعة العدوية»، إلا أن أكواماً من الركام وُضعت على جانبي الطريق بانتظار رفعها بعد سريان ساعات حظر التجوال. وعند مدخل المسجد ظهر دمار هائل، إذ حُطمت أجزاء من البوابة الحديد الخارجية له وكذلك درجاته وبدت واجهته سوداء من آثار دخان الحرائق الكثيف، واحترقت بوابة المسجد الخشبية، كما احترقت أرضية المسجد وحوائطه وأعمدته ومحتوياته من مكتبات ومبردات مياه وأجهزة تكييف، ما يشير إلى أن ألسنة اللهب ظلت مشتعلة لساعات طويلة. وبدت ساحة المسجد الرئيسة وطرقاته ودورات المياه مدمرة تماماً، وظل الدخان يفوح من جنباته حتى صباح أمس. وكانت أركان المسجد أكثر دماراً من ساحته الرئيسة، إذ أحدثت الحرائق حفراً في بعض الأركان. وظهر أن بعض المعتصمين كانوا يبيتون في المسجد، إذ وجدت ملابس محترقة في جنباته المختلفة، كما احترقت الطوابق الأرضية من بعض المباني الملحقة بالمسجد منها المستشفى الميداني الذي ضم أدوية وأدوات طبية طاولها الحريق، وقاعات ملحقة ظهر أن قيادات «تحالف دعم الشرعية» التي تحصنت بالاعتصام كانت تتخذها أماكن مبيت لها، وشوهدت فيها ملابس وكمامات وأقنعة للحماية من الغاز المسيل للدموع. وظلت أجهزة الحماية المدنية حتى صباح أمس تنقل مخلفات الاعتصام، كما عكف مسعفون على نقل الجثث التي كانت موجودة في المستشفى الميداني إلى مستشفيات حكومية بعدما حضر فريق من محققي النيابة لمعاينتها. ونقل المسعفون عشرات الجثث من «رابعة العدوية» إلى تلك المستشفيات، فيما وجدت نحو 20 جثة تحت المنصة الرئيسة للاعتصام في مواجهة المسجد والتي احترقت تماماً. وثار جدل حول مقتل أصحاب تلك الجثامين في الاشتباكات أم قبل فض الاعتصام. وأُفيد بأن الطب الشرعي سيحدد توقيت قتلهم. وروى شهود من المسعفين أن جثثاً نُقلت متفحمة إلى المستشفيات. وفي الطريق إلى «رابعة العدوية» شوهدت سيارتا إطفاء إحداهما تابعة للجيش وأخرى تابعة للشرطة مدمرتين على جانب الطريق، كما احترقت سيارة بث مباشر تابعة للتلفزيون المصري كان المعتصمون استولوا عليها عقب عزل مرسي، إضافة إلى عشرات السيارات الخاصة المحترقة.
مشاركة :