بعد يومين مما بدا لليمين الاسرائيلي من خضوع رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو في القدس بإزالة البوابات الالكترونية.. كانت مدينة بتاح تكفا تشهد تظاهرة من حوالي 1500 شخص أمام منزل المستشار القضائي للحكومة الاسرائيلية أفيخاي مندلبلت للمطالبة بتسريع التحقيقات بتهم الفساد ضد نتنياهو، وذلك للتسريع في ايداعه للسجن وانهاء حياته السياسية. في اليوم الثاني لازالة البوابات الالكترونية تظاهر عدد من مؤيدي اليمين حاملين نعشا ملفوفا بعلم اسرائيل، كتبوا عليه “كرامة اسرائيل” وبدأت الأصوات ترتفع في الدولة لدى جمهور اليمين وممثليه ومنهم نفتالي بينيت رئيس حزب البيت اليهودي الذي شبه قرار نتنياهو بإزالة البوابات بالانسحاب من جنوب لبنان، أي الفرار المذعور. نتنياهو الذي يخضع لجملة من التحقيقات في عدة ملفات فساد، منها تلقيه للرشاوي من رجال أعمال وملف صفقة يديعوت أحرونوت وخلال الشهر الماضي ظهرت القضية الأخطر التي تشكل مساساً بالأمن وهي قضية الغواصات النووية التي غطت عليها أحداث القدس والتي بات من الواضح أنها تنضم الى الملفات التي تشكل إدانة دامغة على رئيس الحكومة، يحاول نتنياهو الظهور بمظهر الضحية وأن الجميع يلاحقونه ويريدون اسقاطه، وقد جهز حملته الدفاعية على ذلك مستعيناً بجمهور اليمين الذي يشكل النواة الصلبة في توفير الإسناد له بعد أن وصل لرئاسة الحكومة معتمداً على أصوات المستوطنين، لكن تعاطيه مع الأزمة في القدس أظهر لهذا الجمهور أنه رجل ضعيف ومهزوم وبالتالي قد تمثل أحداث الأسبوعين الماضيين وشكل النهاية واحدة من أهم الضربات التي تلقاها نتنياهو، فقد بدأ الهجوم عليه من جمهوره ومؤيديه الذين اعتقدوا أنه أكثر قوة من ذلك. ليس فقط جمهور الاستيطان واليمين، بل انضمت اليهم صحيفة اسرائيل هيوم التي توزع ما يقارب من نصف مليون نسخة في اسرائيل، وهي المملوكة لرجل الأعمال شلدون أدلسون والمؤيدة لرئيس الحكومة، فقد قامت للمرة الأولى بنشر انتقادات من قبل معارضي نتنياهو ضد رئيس الحكومة، وهو ما اعتبره المراقبون تطوراً لافتاً في علاقة نتنياهو بالصحيفة الأكثر دعماً لسياساته. ويقال أن هناك شرخاً في العلاقة مع أدلسون الذي اعتبر الأب المالي لنتنياهو، هذا الشرخ سببه المكالمة الهاتفية مع نونى موزيس مالك صحيفة “يديعوت أحرونوت” والتي كان يساوم فيها نتنياهو بتخفيض امتيازات اسرائيل هيوم لصالح “يديعوت أحرونوت”. اذن تتكاثر السكاكين حول رئيس الحكومة في اسرائيل، ليس فقط من قبل خصومه بل هذه المرة من قبل مؤيديه ومن أوصلوه للحكمز ويتزايد الضغط من جميع الاتجاهات؛ الحكومة والكنيست والاعلام والقضاء والمستوطنون ومراكز استطلاعات الرأي، لكن الأهم من كل هؤلاء جمهور اليمين الذي اعتبر أن نتنياهو انهزم في معركة القدس التي تمثل درة التراث اليهودي ومكان الهيكل، وهناك يستعيد اليهود أساطيرهم وبدواعي ايديولوجية دينية متطرفة تعتبر أن هذا المكان هو مكان مقدس لليهود وهناك بنى سليمان معبد الرب “الهيكل” وهناك أقام داوود المملكة وهناك ينتظر اليهود اشارة الرب وهي البقرة الحمراء التي يتم حرقها ونثر رمادها لتطهير المكان ايذاناً ببناء الهيكل. المهزوم دوماً ينحو نحو التطرف كنوع من تعويض الهزيمة، وخصوصاً أن ما حدث يمثل تهديداً لمستقبل نتنياهو السياسي، لذا فمن الطبيعي أن تشهد المرحلة القادمة اجراءات مختلفة عما شهدناه من استفزاز خلال السنوات الماضية. نتنياهو مضطر لاستعادة مصوتيه الذين فقدوا به الثقة خلال الأسبوع الماضي، وهؤلاء لن يتم استعادتهم الا بقرارات واجراءات تزاود على الجميع، ربما يحتاج نتنياهو أن يقف على أقصى يمين الخارطة السياسية في اسرائيل بحيث يبدو الجميع على يساره بما بينهم ليبرمان وزير الدفاع وكذلك وزير التعليم وممثل الاستيطان نفتالي بينيت. لقد بدأت نذر السياسة الجديدة لنتنياهو عندما أعلن تبنيه مشروع ليبرمان بالتبادل السكاني أي التخلص من منطقة المثلث اثر تشييع جثامين شهداء أم الفحم ومطالبة اليمين باخراجهم من الدولة ليلتقط مطلب اليمين ويحوله الى سياسة تم تبنيها وكذلك مشهد أمس الثلاثاء بالسماح للمستوطنين باقتحام الأقصى والطلب من الشرطة عدم اعتراضهم بل توفير أقصى درجات الحماية لعربدتهم وهو العدد الأكبر الذي يقتحم الأقصى منذ عام 67 كما تداولت وسائل الاعلام. الى أين سيصل انتقام نتنياهو التعويضي؟ هل سيذهب بعيداً في القدس لارضاء جمهوره؟ أم زيادة مشاريع الاستيطان؟ أم نحو صياغة مشاريع ضد فلسطيني ال 48؟ أم سيصل الأمر نحو عدوان آخر على غزة؟ كل ذلك وارد وربما أبعد لا نعرف أين سيصل لكن بات واضحاً أنه سيلبس في المرحلة القادمة قلنسوة المتدين وقبعة المستوطنين وخوذة الجندي..!!! Atallah.akram@hotmail.com أخبار ذات صلةأكرم عطا الله يكتب: لم يعد الزمن ناصرياً !!أكرم عطا الله يكتب: بين القاهرة ورام الله مناورات بالذخيرة…أكرم عطا الله يكتب: قطر.. فوضى التخريب وصفقة الخلاصأكرم عطا الله يكتب: زيارة الرئيس الفلسطيني للقاهرة بعد تفاهمات …أكرم عطا الله يكتب: زمن بلا أبطال..!!
مشاركة :