بعد ثلاثة عقود على اغتيال فنان الكاريكاتير الأشهر في حينه، تعلن الشرطة البريطانية عن إعادة التحقيق في مقتل الفنان الفلسطيني ناجي العلي الذي قتل بالرصاص في لندن عام 1987 وفي وضح النهار في شارع عام، لا أحد يعرف إن كانت السلطات البريطانية صادقة فيما تقول مع أن صمتها طوال العقود الماضية يثير شبهة ما وخصوصا انها لم تقع على أدلة جديدة بل أن قيادة مكافحة الإرهاب في لندن تناشد من لديه أي طرف خيط في القضية أن يقول ما لديه. أو أن الدولة البريطانية لديها ما تخفيه منذ ذلك التاريخ وانتظرت 30 عاما حتى يتم السماح بالإعلان عنه وفقا لبعض القوانين، ويأتي إعادة فتح الملف كمخرج سهل لنشر تفاصيل كانت قد توصلت لها بعد الاغتيال مباشرة، وخصوصا أنها وجدت أثناء التحقيق سابقا أن الموساد الإسرائيلي كان له عميلان مزدوجان يعملان أيضا لمنظمة التحرير، كانت قد اعتقلتهما ولكنها لم تثبت حينها كما قالت علاقة الموساد المباشرة بالاغتيال، بالرغم من أن حكومة مارغريت تاتشر كانت غاضبة وطردت ثلاثة دبلوماسيين إسرائيليين يعملون في السفارة وأغلقت مكتب الموساد في لندن باعتباره مسئولا عن العميلين المزدوجين. هناك شك كبير في دور إسرائيل في اغتيال ناجي العلي، بل أن دقة العملية وإخفاء القتلة وإغلاق الملف يعكس وقوف دولة كبيرة وجهاز أمني بحجم الموساد الذي أصبحت له بصمة واضحة ومميزة، وتتواطأ الدول في مساعدته بإخفاء جرائمه، وخصوصا بريطانيا التي اكتشفت أن بعض من قاموا باغتيال محمود المبحوح أحد قادة حماس في دبي قبل سبع سنوات يحملون جوازات سفر بريطانية مزورة دون أن تتخذ أي إجراء. ناجي كان صداميا مع الجميع، مع إسرائيل، مع المنظمة، مع الزعماء والأنظمة العربية، رسم 40 ألف رسمة نشر فيها منها ثمانية آلاف، فقط لذا توزع دمه بين القبائل، البعض اتهم منظمة التحرير ورئيسها ياسر عرفات والبعض اتهم أجهزة المخابرات العربية التي رسم أنظمتها المتكرشة والمترهلة وبلا أقدام وبلا رقبة وهي تتحرك زحفا، لكن ناجي أشار لقاتله قبل موته عندما قال “اللي بدو يكتب لفلسطين واللي بدو يرسم لفلسطين بدو يعرف حالو ميت”. لا أحد يعرف لماذا كتب الصحافي السعودي عبد الرحمن الراشد يوم الخميس الماضي في الذكرى الثلاثين لاغتيال الفنان مقالا يتهم فيه صراحة ياسر عرفات باغتيال ناجي، ولا ذكر لإسرائيل وجهازها الأمني والذي أشار موقع فلسطين اليوم قبل عامين لاسم عميل الموساد الذي قام باغتياله واعتقلته الشرطة البريطانية، ومعرفة الراشد الشديدة بالإجراءات التي اتخذتها حكومة بريطانيا بإغلاق مكتب الموساد الذي اعترف عميل الموساد أثناء التحقيق بصلته به.. وإذا كانت بريطانيا كما تقول أنها لم تعرف بعد من اغتال ناجي العلي، كيف يحسم الراشد السعودي في مقاله الأمر ويتهم ياسر عرفات؟ دون أن يشير أيضا إلى المتكرشين الذين رسمهم العلي الذين يشبهون مشايخ النفط بالرغم من أن الدلائل تذهب باتجاه الموساد. كان ناجي حادا شديد البراءة محملا بطهرانية نادرة تشي بها ملامحه التي تشبه ملامح الرجال المتعبين من الزمن العربي الأصفر، وكان ياسر عرفات يحب ناجي العلي، وما قاله لي الزميل حسن الكاشف عن لقاء حدث بين ناجي وأبو عمار بعد الخروج من بيروت عندما تحول صمود عرفات آنذاك إلى ما يشبه الأسطورة.. قال الكاشف الشاهد على اللقاء أن عرفات حضر لزيارة اتحاد الكتاب والأدباء الفلسطينيين الذي كان ناجي العلي عضو أمانة فيه. عندما وصل ياسر عرفات اندفع الفنان ببراءته الوطنية يلوم الزعيم لأنه يهادن الزعماء العرب مخاطبا مادحا عرفات بغضب: “أنت أشرف زعيم عربي أنت ثائر ومناضل وأن حذاءك أطهر منهم لماذا تزورهم وتعطيهم هذا الشرف هم عملاء كيف تقبل رأس أحدهم” قال الشاهد: “كان عرفات يبتسم وهو يقترب من ناجي واحتضنه بأبوية دافئة واضعا يده على كتف ناجي ليقول له أمام الجميع:”يا ناجي شعبي يعيش مشتت في دول عربية وأنا علشان شعبي مستعد أقبل أياديهم”. كان عرفات يعرف طهرانية ونقاء الفنان وبراءته السياسية، كان يحبه وإن أبدى انزعاجه في السنوات الأخيرة من رسوماته وضغط الأنظمة العربية عليه لتخفيف حدة قلم ناجي، لكن أن يقتل ناجي ففي هذا تجني على التاريخ والحقائق ولكانت بريطانيا اكتشفت الأمر منذ زمن.. لكن الوحيد الذي تتطوع بريطانيا لإغلاق ملفه هو إسرائيل، لقد اتخذت إجراءات ضدها آنذاك.. كيف يتم تزييف التاريخ؟ والأهم أن نجد بين الصحافيين العرب من هو جاهز للمساهمة تطوعا..! Atallah.akram@hotmail.com أخبار ذات صلةأكرم عطا الله يكتب: إذا لم تعزز مصر السنوارأكرم عطا الله يكتب: الانقسام الفلسطيني.. تفتيت المفتت ونهاية المشروع!!أكرم عطا الله يكتب.. هل فشل العرب في بناء الدولة…أكرم عطا الله يكتب: إجراءات السلطة .. هل حقا لاستعادة…أكرم عطا الله يكتب: نتنياهو… مزيداً من التطرف لتعويض الهزيمة
مشاركة :