إميل أمين يكتب: القارة الآسيوية.. جديد  الانفجار القادم

  • 8/2/2017
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

هل تحولت قارة آسيا التي خلفت وراءها الحروب منذ عدة عقود إلى قارة محتقنة، تكاد نيران الخلافات السياسية ، والصراعات القومية والطموحات العسكرية  تحولها لقارة مشتعلة بالحروب الكارثية ، التى يمكن أن تخلف وراءها ملايين البشر ، باعتبار آسيا الخزان البشري للعالم حيث أكثر من نصفه يعيش هناك؟ عدة مشاهد تدفعنا للبحث في طريق إيجاد جواب على السؤال المركب المتقدم، وفى المقدمة من تلك المشاهد، ما أقدمت عليه كوريا الشمالية من إطلاق صاروخ باليستي عابر للقارات، وقادر على إصابة الولايات المتحدة الأمريكية بنوع خاص، سيما في ضوء الصراع السياسي والعسكري بين البلدين.تقرير يكتبه ـ إميل أمين فقد جرت المقادير في الرابع من يوليو تموز الجارى أن أطلقت “بيونغ يانغ” صاروخاً من طراز “هواسبونج 14”  بلغ ارتفاعه 2802 كيلو متر وأصاب هدفه بدقة بعد 39 دقيقة من إطلاقه ، بعد أن أنطلق لمسافة 930 كم وهو رابع صاروخ باليستى يطلقه الشمال منذ تولى الرئيس الكورى الجنوبي “مون جيه” السلطة في مايو / آيار الماضي، متعهداً باستخدام الحوار، وكذلك الضغط لوضع برامج بيونغ يانغ النووية والصاروخية تحت السيطرة. هل كوريا الجنوبية فقط من أن أنزعج من صاروخ كوريا الشمالية؟ بالقطع لا ، ذلك أن بقية دول الجوار الآسيوية استشعرت خطراً كبيراً ، وفي المقدمة منها اليابان ، التى ذكرت أن الصاروخ قد سقط في المنطقة الاقتصادية الخاصة بها ، مضيفة أنها تعترض بشدة على هذا التحرك الذى تعتبره انتهاكاً واضحاً لقرارات الأمم المتحدة. وعقب إطلاق الصاروخ قال “شينزو آبي ” رئيس وزراء اليابان ، إن كوريا الشمالية تتجاهل التحذيرات المتكررة من المجتمع الدولى مشدداً على أنه سيطلب من رئيس الصين وروسيا لعب دور أكثر إيجابية في المساعى الرامية لإنهاء برامج اسلحة الكورية الشمالية. هل كان للرئيس ترامب أن يصمت إزاء المشهد الكورى الشمالي؟ الشاهد أنه في أعقاب ورود أنباء عملية الإطلاق غرد الرئيس ترامب على تويتر قائلاً : “كوريا الشمالية أطلقت للتو صاروخاً آخر، أليس لدى هذا الرجل شئ أفضل يفعله في حياته ، في إشارة إلى زعيم كوريا الشمالية “كيم جونغ أون” وأضاف من الصعب الاعتقاد بأن اليابان ستطبق هنا أكثر من ذلك، ربما ستضغط الصين بقوة على كوريا الشمالية وتنهى هذا الهراء للأبد”. على أن السؤال هل سيكتفى ترامب بالتغريد أم أن خططه لمواجهة بيونغ يانغ كفيلة بأن تحيل استقرار آسيا إلى فوضى وسلامها إلى حروب وقتال؟ المعروف أنه عقب أول قمة له مع مون الأسبوع قبل الماضي في واشنطن ، دعا ترامب إلى رد صادم على كوريا الشمالية، مشدداً على أهمية التحالف بين البلدين ، وفي أعقاب إطلاق الصاروخ ذكر البيت الأبيض أن “مون” طلب عقد اجتماع لمجلس الأمن القومي لبلاده ، وباشر الاتصال بالرئيس الأمريكي دونالد ترامب … هل يتوقع المرء من ترامب تصعيداً عسكرياً؟ يطلق على الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أنه رئيس “غير متوقع”، بمعنى أنه لا يمكن لأحد قراءة توجهاته أو تحركاته ، ولهذا فإن كل سيناريوهات التعاطي مع كوريا الشمالية واردة بما فيها الصدام العسكري، الأمر الذي دعا روسيا والصين للتصريح علنا بأن المواجهة المسلحة بين واشنطن وبيونغ يانغ  يمكن أن تقود إلى تداعيات كارثية ، ولعل مندوب الصين لدى الأمم المتحدة “ليو جيه بي” قد عبر عن حالة “آسيا المحتقنة” أفضل تعبير، حين أشار إلى أن التوتر عال جداً في الوقت الراهن، ونود أن نرى تخفيفاً من حدته ، لكن في حال استمرار التوتر بالارتفاع ، سيخرج الوضع ، آجلاً أم عاجلاً ، عن نطاق السيطرة ، مما سيؤدى إلى تداعيات كارثية”. هل تقلق آسيا من أى هجوم عسكرى أمريكي على بيونغ يانغ؟ لا يمكن القطع حتى الساعة ما إذا كانت صواريخ كوريا الشمالية تطال الولايات المتحدة أم لا ، لكن المؤكد أنها تطال الدول الحليفة للولايات المتحدة في آسيا لا سيما اليابان ، وكوريا الجنوبية حيث نحو ثلاثين ألف جندي أمريكي هناك ، عطفاً على ذلك يمكن لصواريخ كوريا الشمالية أن تطال أكبر حاملة طائرات أمريكية راسية على الأرض وهى جزيرة “جوام” في المحيط الهاديء ، إضافة إلى الكثير من الأهداف الآسيوية التي تمثل أهداف استراتيجية ومصالح حيوية للولايات المتحدة ، وعليه فهل ستمضى إدارة ترامب وراء فلسفة خير وسيلة للدفاع الهجوم؟ وهل يعني ذلك أن المجابهة العسكرية بين واشنطن وبيونغ يانغ قد باتت حتمية؟ على أن السؤال الأخطر هو  … كيف سيكون موقف بكين وموسكو وهل سيسمحا بمثل هذه الحرب أو استخدام أسلحة نووية أمريكية بالقرب من جغرافيتهما؟ وهل في الطريق إلى آسيا ملفات أخرى تدفع المشهد لكي يزداد احتقاناً؟ ربما يكون هذا صحيحا ، وبخاصة في ضوء مخاوف حقيقية من اندلاع حرب بين دولتين يبلغ عدد سكانهما 2.7 مليار نسمة … ماذا عن هذا التصعيد؟ في الأسبوع الأول من يوليو / تموز الجاري حذرت صحيفة “جلوبال تايمز” الصينية من احتمالات نشوب حرب بين الصين والهند ، والأولى يبلغ سكانها 1.4 مليار نسمة، بينما الثانية يصل تعدادها الى 1.3مليار نسمة . قبل فترة قريبة كانت الهند تندد بشق الصين طريقاً على مقربة من الحدود المتنازع عليها عند ولاية “سيكيم الهندية” معتبرة أنه “يثير مخاوف أمنية” ومن جانبه كان وزير الدفاع الهندي “آروف جاريتلى” يصرح بأن “الهند عام 2017 مختلفة تماماً عما كانت عليه في عام 1962 ، وهو العام الذي شهد الحرب الصينية الهندية… هل كان الرجل  يلمح إلى تحول الهند إلى قوة نوورية؟ يمكن أن يكون ذلك كذلك بالفعل، غير أن الرد الصيني لم يتأخر طويلاً ، إذ أشار البروفيسور “وانغ ده هوا” الأستاذ في جماعة شنغهاى للدراسات الدولية، إلى أن “الصين أيضاً أصبحت مختلفة عما كانت عليه عام 1962″، والقصد هنا غالباً يحمل أكثر من معنى ، الأول اقتصادي حيث تحولت الصين إلى قوة كبرى مالية حول العالم، وعسكرية عبر رؤوس نووية ، وقوات نظامية يبلغ عددها نحو 4.5 مليون جندي ، وأسلحة حديثة وحاملات طائرات صينية الصنع .. هل ستمضى بكين ونيودلهي في إشعال المشهد ؟ ينصحهما “تشاوفاتشنغ” مدير مركز دراسات آسيا والباسيفيك التابع لجامعة شنغهاى للدراسات الدولية بأنه “يتعين على الجانبين التركيز على التنمية بدلاً من الصراع والحرب” ،ويحذر في حديث لـ “جلوبال تايمز” كلاً من العاصمتين الكبيرتين من أن “تعميق الصراع بين البلدين يتيح للدول الأخرى، وفي مقدمتها الولايات المتحدة الأمريكية فرصاً للاستفادة ” … هل الحدود الجغرافية بين البلدين هى السبب الرئيسي وراء الأزمة؟ المعروف أن طول الحدود بين البلدين يبلغ نحو 3 آلاف و 500 كيلو متر وتطالب الصين بالسيادة على أكثر من 90 ألف كيلو متر مربع تنازعها عليها نيودلهي في القطاع الشرقي من الهيمالايا . ويشكل كثير من هذه الأراضى ولاية “أروناتشال برادتس” التى تطلق عليها الصين اسم “جنوب التبت”  ، فيما تقول الهند ، أن الصين تحتل 38 ألف كيلومتر مربع من أراضيها في هضبة “أكساي تشين” غرب البلاد. هل يمكن لليابان أن تبقى طويلاً وبعيداً عن هذا الاحتقان؟ بالقطع لا يمكن حدوث ذلك لسببين : الأول: أيديولوجي يرتبط بتغير منظومة الأفكار السياسية السائدة في اليابان منذ الحرب العالمية الثانية ونهايتها حين استسلمت اليابان، فقد عمل اليمين الياباني المتصاعد على تقوية الاتجاهات التى ترى ضرورة انسلاخ طوكيو عن واشنطن ، وإعادة بناء القوات المسلحة اليابانية بصورة قوية لملاقاة تهديدات الدول المجاورة في آسيا. والمعروف أن اليابان وإن كانت لا تملك أسلحة نووية في الحال فإنها يمكنها أن تحوذها في فترات قصيرة زمنية لا تتجاوز الأشهر الست، إذا خرج القرار السياسي. الثاني: نرى اليابان تمضى في تجهيزاتها  العسكرية لملاقاة تهديدات كوريا الشمالية بنوع خاص ، فقد بدأت اليابان اختبارات استعراضية لمنظومات PAC-3 الصاروخية المضادة للصواريخ في القواعد العسكرية بضواحي العاصمة طوكيو ، ولهذه الاختبارات هدفان أساسيان : استعراض استعداد البلاد لردع التهديدات الكورية الشمالية لمواطنى البلاد، وإبلاغ الدول المجاورة أن طوكيو تنوى لعب دور نشيط في مجال أمن آسيا. وتؤكد طموحات طوكيو التدريبات البحرية المشتركة مع دول جنوب شرق آسيا “آسيان” ، في بحر الصين الجنوبي ، وكذلك تعزيز التعاون العسكري مع الدول التى لديها نزاعات إقليمية مع الصين. تضيف اليابان رصيداً جديداً لآسيا المحتقنة ، ذلك أن استعراضها لتعزيز قدراتها الدفاعية ليس موجهاً إلى الداخل فقط، أو إلى كوريا الشمالية ، بقدر ما هو رسالة استباقية إلى الدول المجاورة. والمعروف أن اليابان قد بدات باتخاذ أولى الخطوات الدفاعية في نهاية عام 2012 مع تسلم “شينزوآبى” السلطة، والذي يصر على ضرورة امتلاك اليابان قوة عسكرية كاملة ، مع أن المادة التاسعة من الدستور الياباني تنص على أن اليابان  تمتنع إلى الأبد “عن الحرب” كحق سيادى للأمة وكذلك عن التهديد بالقوة المسلحة واستخدامها” في تسوية القضايا الدولية. بيد أن صقور الحرب في النخبة السياسية اليابانية تدعو إلى عسكرة البلاد ، وإعادة النظر في نتائج الحرب العالمية الثانية . هل من ملفات أخرى ؟ وماذا عن المواجهات الخفية بين روسيا والصين رغم ملامح التعاون الظاهرة ثم الأخطر والأهول هل انتقال داعش إلى آسيا كفيل بإشعال القارة الآسيوية؟ إلى قراءة قادمة إن شاء الله.  أخبار ذات صلةإميل أمين يكتب: الأزمة القطرية.. كارثية المشهد داخليا وخارجياإميل أمين يكتب: من يرسم صورة مسلمي أمريكا في عيون…إميل أمين يكتب: إسرائيل ويهودية الأرض .. رؤية لاهوتية أبوكريفيةإميل أمين يكتب: عن الحرب السيبرانية والانترنت العسكريإميل أمين يكتب: فرنسيس … لماذا  هو محبوب من مسلمي…

مشاركة :