قطر تتخبط سياسيا ودبلوماسيا بين الموقف ونقيضه

  • 8/2/2017
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

الدوحة/نيويورك – تتزايد المؤشرات مع مرور كل يوم من عمر أزمة قطر، على حالة الارباك في صفوف القيادة القطرية في ظل ادلاء مسؤوليها بالتصريح ونقيضه. وفيما تواصل الدوحة سياسة الهروب إلى الأمام وترويج مغالطات لتبرير مواقف متضاربة تعكس أزمتها العميقة، جدد وزير خارجية قطر الأربعاء التأكيد على استعداد بلاده للحوار من أجل انهاء الخلافات مع دول المقاطعة الأربع، مواصلا على وتيرة التصعيد ذاتها ولهجة المكابرة والتعنت بأن أعاد اجترار الاتهامات السابقة التي تسوق لها قطر ضمن سعيها للالتفاف على مسببات الأزمة. وقال الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني إن تجديد الدول المقاطعة لقطر مطالبها الـ13 خلال اجتماعهم في المنامة الأحد الماضي "لا يبطن نوايا حسنة تجاه حل الأزمة"، متجاهلا أن أساس الأزمة هو تمسك الدوحة بعدم تغيير سياستها ونهجها التخريبي الذي يهدد أمن المنطقة واستقرارها. واعتبر أن بيان المنامة "أظهر المزيد من التناقضات في مواقف دول الحصار". وتستخدم قطر عبارة "الحصار" في توصيف قرار المقاطعة العربية. وفيما جدد دعوته للحوار، اتخذت بلاده خطوة أخرى على طريق تعقيد الأزمة حيث تقدمت بشكوى إلى مجلس الأمن الدولي والأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش ضد مصر، اتهمتها فيها بـ"استغلال عضويتها داخل المجلس لتحقيق أغراض سياسية خاصة". لكن القاهرة نفت نفيا قاطعا صحة الاتهامات واستبعدت في الوقت ذاته طرح الأزمة مع قطر على طاولة مجلس الأمن الدولي خلال أغسطس/آب الذي تتولى فيه مصر الرئاسة الدورية للمجلس. والتصعيد القطري في هذا الاتجاه ليس استثناء فقط دفعت الدوحة لتدويل وتسييس الحج وروجت ضمن حملة دولية لسلسلة مغالطات تستهدف من خلالها لفت الانتباه عن تورطها في دعم وتمويل الإرهاب. كما أن قطر التي تروج زورا للحوار، سبق لها أن تقدمت بشكوى إلى مجلس المنظمة الدولية للطيران (اليكاو) في النزاع الجوي مع دول المقاطعة الأربع. وتلقت الدوحة صفعة حين رفضت الايكاو الدعوى، بينما جددت مصر تأكيدها احترامها لقوانين الإيكاو في اجتماع سابق عقد مع قيادات المنظمة الدولية للطيران المدنى بمقرها في كندا وأن الإجراءات التي اتخذتها هي والسعودية والإمارات والبحرين ضد قطر تتفق مع قوانين المنظمة الدولية. وتعكس المحاولات القطرية لتدويل الأزمة واستعانتها أو رهانها على قوى خارجية لمساندتها أو مساعدتها على الخروج من الورطة، استنفادها لكل الوسائل في مواجهة فك عزلتها. وأعاد وزير الخارجية القطري في مؤتمر صحفي مع نظيره الايطالي التأكيد على موقف بلاد بأن حل الأزمة يجب أن يكون "عبر الطرق الدبلوماسية"، في تناقض مع مساعي بلاده للاستعانة بأطراف دولية من بينها مجلس الأمن الدولي. وشدد على أن بلاده لم تضع أي شروط للدخول في حوار، بل "فقط الظروف المنطقية التي يجب أن تتوفر لأي حوار والسياق المنطقي والقانوني لأي حوار"، في تصرح مربك يسلط الضوء على حالة واسعة من التخبط السياسي والدبلوماسي. فقطر التي تتحدث عن استعدادها لحوار غير مشروط تؤكد في الوقت ذاته على إلغاء المطالب العربية الـ13 للتفاوض مع الدول الأربع. وقال "الأساس في الدخول لأي حوار هو التراجع عن الإجراءات غير القانونية ضد دولة قطر وهي ما تطلق عليه الدوحة الحصار، أما الإجراءات الخاصة بسيادتهم كما يدعون فهو أمر راجع لهم". وكان يشير إلى الغاء قرار المقاطعة كشرط للحوار، ليقفز بذلك على مسببات الأزمة وهي المسببات التي دفعت السعودية والامارات والبحرين ومصر لقطع علاقاتها مع الدوحة. وجدد الادعاء بأن الأزمة "بنيت على أساس جريمة قرصنة وكالة الأنباء القطرية في 24 مايو/آيار وليس لها أساس سياسي كما تبرر الدول المحاصرة". وشدد على أن المحرك الأساسي لقطر هو الوسيط الكويتي وليس ما تتخذه دول المقاطعة من قرارات. وعن المبعوثين الأميركيين اللذين سيوفدهما وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون للمساعدة في حل الأزمة، قال الوزير القطري "جميع الجهود الدولية تأتي لدعم الوساطة الكويتية". وتابع "الدور الأميركي مهم جدا لحل الأزمة والرئيس دونالد ترامب كلف تيلرسون لقيادة جهود بلاده لحل الأزمة وسوف يوفد مبعوثين من طرفه لحلحلة حالة الجمود التي تمر بها الوساطة". وتراهن الدوحة على وزير الخارجية الأميركي لمساعدتها في الخروج من ورطتها لكن الوزير الأميركي عاد في آخرة زيارة له للمنطقة خالي الوفاض بعد أن أبدى مرونة في التعامل مع قطر ووقع معها مذكرة تفاهم لمكافحة الإرهاب، وهي مذكرة تؤكد دول المقاطعة أنها ليست كافية. وفيما يميل تليرسون إلى مواقف الدوحة، واجه الرئيس الأميركي دونالد ترامب القيادة القطرية بأخطائها حين دعاها للتوقف عن دعم الإرهاب وقطع صلاتها مع الجماعات المتطرفة. وكان ترامب اتهم قطر صراحة بأن لها سجل طويل في تمويل الجماعات الإرهابية. وأكد وزير الخارجية الإيطالي دعم بلاده للوساطة الكويتية وقال "لا نريد التصعيد ونريد حل الأزمة الخليجية دبلوماسيا"، دعيا إلى مواجهة العدو المشترك للطرفين وهو "الإرهاب". وردا على الاتهامات القطرية لمصر باستغلال توليها الرئاسة الدورية لمجلس الأمن لتصفية الحسابات مع الدوحة، استبعدت القاهرة الأربعاء طرح الأزمة على طاولة المجلس. وأشار مندوب مصر الدائم لدى الأمم المتحدة عمرو عبداللطيف في تصريحات بمقر المنظمة في نيويورك إلى ضرورة "استجابة قطر لمطالب الدول الأربعة والتعامل مع هذه المطالب بشكل إيجابي". وفي 5 يونيو/ حزيران الماضي، قطعت الدول الأربعة علاقاتها الدبلوماسية مع قطر، وفرضت عليها إجراءات عقابية لاتهامها بـ "دعم الإرهاب"، وهو ما نفته الدوحة بشدة. وفي الـ 22 من الشهر نفسه، قدّمت الدول الأربعة لائحة من 13 مطلبا تتضمن إغلاق قناة الجزيرة، وهو ما رفضته الدوحة معتبرة المطالب "غير واقعية وغير قابلة للتنفيذ".

مشاركة :