ترسانة إعلامية اسمها مقاطع الفيديو بقلم: طاهر علوان

  • 8/8/2017
  • 00:00
  • 7
  • 0
  • 0
news-picture

لم يعد أمرا مستغربا على شاشات مؤسسات عالية الاحتراف، إنها تستنجد بمقاطع فيديو منشورة في يوتيوب، مقاطع ليست ذات جودة عالية وبعضها لا يصلح للعرض أصلا.العرب طاهر علوان [نُشر في 2017/08/08، العدد: 10716، ص(18)] كان كلّ شيء طبيعيا بالنسبة إلى الزعيم، الفريق الأمني المكلف بالحماية يقوم بواجبه في الحماية على أكمل وجه؛ حرّاس أشداء متمرسون دارسون متعمقون في العلم الأمني فضلا عن ممارسة طويلة في حياتهم المهنية ولهذا فإن واجب حماية الزعيم لا شك أنها على درجة عالية من الاحتراف والمهنية، مع ذلك تقدّم لك مقاطع الفيديو لقطات مأساوية من اغتيال الزعيم الأميركي جون كينيدي في شهر نوفمبر 1963، مقاطع فيديو بالأبيض والأسود أظهرت الهلع والفوضى بعد إطلاق النار على الرئيس . بعد هذه الحادثة المأساوية بثمانية عشر عاما شاهد الناس من خلال مقاطع فيديو كيف تم الإجهاز على الرئيس المصري الأسبق أنور السادات أثناء استعراض عسكري ضخم في ما عرف بحادث المنصة الرهيب. هنالك بالطبع مقاطع الفيديو التي بثتها الإدارة الأميركية تشفّيا باغتيال الزعيم الأممي والمناضل تشي غيفارا، مقاطع مشوّشة بالأبيض والأسود تظهر تشي مسجّى على الأرض بعد عملية الاغتيال تلك والتي تم تحويلها إلى أفلام سينمائية ومسلسلات درامية. ستحضر مقاطع الفيديو في حوادث اغتيال أخرى كاغتيال الرئيس الجزائري الأسبق بوضياف ومحاولة اغتيال الرئيس التركي الأسبق توركت أوزال على شاشات التلفزيون. رغم أهميّة تلك المقاطع الفيديوية إلا أنها لم تكن متاحة وبالوفرة التي نشهدها اليوم، مقاطع الفيديو صارت فعلا يومية، حيث يتم خلال الساعة الواحدة ضخ ما لا يحصى من تلك المقاطع من طرف مصورين ليسوا محترفين بالضرورة وذلك بفضل الاستخدام واسع النطاق للهواتف النقالة التي صارت مستودعا هائلا لمقاطع الفيديو. صارت مقاطع الفيديو التي ترصد مخالفات المسؤولين على جميع المستويات تؤرقهم وتخيفهم، في المقابل صارت مقاطع الفيديو في بعض الأحيان أداة انتقامية من خلال احتفاظ السياسيين بمقاطع فيديو ضد بعضهم البعض، وقد ظهر البعض من ذلك بعد انهيار حكم الرئيس المصري الأسبق حسني مبارك. هذه المقاطع الفيديوية سوف تنتشر بكثافة بعد عام 2003 لتكشف عن تفاصيل لم تكن معلومة ولا مكشوفة عن حقبة حكم الرئيس العراقي الأسبق صدام حسين، كيف كان يتعامل مع خصومه ومع مساعديه، وكيف كان يهدد ويتوعد وكيف كان يرقص الدبكة مع عامة الناس. صار الإيقاع بأي موظف مكلف بخدمة عمومية سهلا ويسيرا أيضا بفضل تسجيل مقاطع الفيديو التي تظهره على حقيقته فضلا عن تصوير التقصير والإهمال والنفعية التي يمكن أن تدين أي مسؤول بالتقصير وسوء الإدارة، مقاطع تم اختيارها بعناية لإتمام عملية الإدانة القوية من دون أدنى شك. لم يعد أمرا مستغربا على شاشات مؤسسات عالية الاحتراف، إنها تستنجد بمقاطع فيديو منشورة في يوتيوب، مقاطع ليست ذات جودة عالية وبعضها لا يصلح للعرض أصلا بموجب مقاييس واعتبارات تلك المؤسسات ولكنك تجدها تتنازل من دون أدنى شك من أجل الحصول على حقوق عرض تلك المقاطع أو حتى ضخ الأموال الكافية لشراء الحقوق. مقاطع الفيديو صارت اليوم ترسانة إعلامية عملاقة وصندوق باندورا يخفي باطنه قصصا لا حصر لها، فضلا عن تحوّلها إلى أداة ابتزاز واقتفائها أثر الصحافة الصفراء حتى صار هنالك ما يعرف بمقاطع الفيديو الخبيثة أو الصفراء. كاتب عراقيطاهر علوان

مشاركة :