ترسانة مالية أم تواصل اجتماعي مجاني؟ بقلم: طاهر علوان

  • 10/17/2017
  • 00:00
  • 9
  • 0
  • 0
news-picture

منصة فيسبوك بترسانتها المالية الضخمة واستثماراتها وجمهورها البليوني العريض صارت قوة اجتماعية فاعلة وأداة تفاعلية مع الرأي العام لم تستطع حتى الساعة أيّ منصة تواصلية رقمية منافستها.العرب طاهر علوان [نُشر في 2017/10/17، العدد: 10784، ص(18)] كثيرون هم الذين يوفرون خبرة شبه مجانية لكيفية إنشاء مشاريع تدرّ دخلا، والقاسم المشترك فيما بينها جميعا أنها تبنى على ركيزة توفر حد أدنى من رأس المال أو “الخميرة” التي منها يتم الانطلاق. ينطبق ذلك على مشاريع تشمل شتى قطاعات الحياة والمجتمع وما يتطلبه السوق، لكنّ أولئك التجّار المخضرمين الكلاسيكيين لن يرتضوا قطّ أن يقترح عليهم إنشاء منصة تواصلية مجانية لعموم الناس وسينظرون للموضوع على أنه بيع للهواء لكنّ الأمر يبدو معكوسا تماما مع وسائل التواصل الاجتماعي السائدة اليوم وقد تضخمت ثرواتها وصارت ميزانياتها تعادل ميزانيات دول بأكملها. فعندما يتحدث زوكربيرغ صاحب منصة فيسبوك عن قيمة سوقية لمنصّته تصل إلى أكثر من 490 مليار دولار بحسب تقديرات شهر يوليو الماضي، بعد شراء تطبيق واتساب بما يقارب 19 مليار دولار عام 2014، ندرك أن هذا مثال لمشاريع خارقة بدت للوهلة الأولى مجرد تجمع شبابي وتزجية للوقت لتتحول فجأة إلى ظاهرة عالمية تجتذب مئات ملايين البشر من حول العالم. لا شك أن هذه التجربة الناجحة بامتياز التي جعلت مجتمع تلك المنصة الرقمية التواصلية الاجتماعية مجتمعا مفتوحا وشفافا وإمكانية تواصل وتعارف للناس من جميع القارات والأجناس أمرا متاحا فكم من أشخاص فرقتهم الأيام والظروف وإذا تلك المنصة النشيطة والفضاء الأزرق يجمعهم. هي من دون شك ظاهرة استثنائية في عالمنا الرقمي من المؤكد أنها سوف تتطور إلى كوكب رقمي خاص بمن يمتلكون الأكواد وكلمات المرور لكي يعيشوا في عالمهم الخاص منقطعين عما حولهم. لاشيء يحول دون الطموح المفتوح والأفكار والابتكارات المقبلة التي سوف تمكّن تلك الوسائط التواصلية من الاستحواذ على مساحات شاسعة من الحياة اليومية. ليس مستغربا أن تطلب السلطات الأميركية مثلا ممّن يرغب في السفر إلى الولايات المتحدة أن يفصح عن صفحته في فيسبوك، في البداية بدا ذلك مطلبا فضوليا ساذجا ولا معنى له، لكنّ تلك الصفحة المجانية قد تغني الأجهزة الفيدرالية عن التحري في من يكون هذا الشخص فصفحته المجانية تقدم على طبق من ذهب كل شيء عنه، نشاطاته اليومية، أصدقاءه، سفراته، عائلته، هواياته المفضلة، أجواء عمله، أفكاره، ميوله إلى غير ذلك. أليس ذلك استثمارا في الإنسان من زاوية أخرى؟ واقعيّا جمع ذلك المجتمعَ الفيسبوكي في صندوق رقمي واحد موحد، بلون واحد وأيقونات مشتركة متفق عليها، تواصلٌ مجاني آني بالصورة والصوت وكل ذلك بالمجان لكنه غول كبير في شكل ترسانة مالية تعادل ميزانيات دول بأكملها. منصة فيسبوك بترسانتها المالية الضخمة واستثماراتها وجمهورها البليوني العريض صارت قوة اجتماعية فاعلة وأداة تفاعلية مع الرأي العام لم تستطع حتى الساعة أيّ منصة تواصلية رقمية منافستها ناهيك عن التفوق عليها، هي ظاهرة عصر يتشكّل تدريجيا حتى يدخل الجمهور المليوني صندوق باندورا وهناك سوف يعيش طقوسه الخاصة وينبئ بنفسه عن شوارد ما حوله. كاتب عراقيطاهر علوان

مشاركة :