«ليش» فلانة فصخت حجابها؟ - مقالات

  • 8/9/2017
  • 00:00
  • 7
  • 0
  • 0
news-picture

في سياقات التضخم، تظهر أسئلة لا تتعلق بالذات بقدر تعلقها بالآخرين، والكلام هنا ليس عن التضخم الاقتصادي، ولكن عن التضخم الديني كحالة وسياق ومعنى. والتضخم هو زيادة غير متزنة مع المحيط. أما التضخم الاقتصادي، حسب قاموس المعاني، فهو زيادة النقود على حاجة المعاملات. ما زال هذا الدين قادراً على الصمود ومواجهة كل محاولات المسخ والألغام التي تزرع فيه لكي تنفجر في أتباعه، قادراً على التواجد في المحكي والمروي ولو كره الغرب. ما الذي يحدث معنا بالتحديد؟ نحن نحب هذا الدين الذي يخصنا بتشريعاته، ومساحاته، وقدرته على جعل الواحد منا هو الجماعة ولو كان وحده. وحتى بنو جلدتنا أولئك الذين يبدون لك أنهم يطالبون بتنحية هذا الدين من الحياة، ما يجعل الكثيرين منا يعتقد أنهم منافقون مردوا على النفاق، هم في الواقع والواعي واللاواعي يحبونه أيضاً... فقط ضعهم تحت اختبار حقيقي وستكتشف أنهم يتألقون لمعاناً... أما حالة الثرثرة حول إبعاده عن الحياة، فهي تساوي حالة الثرثرة التي نمارسها في ما بيننا حول أهميته وجماله، ولكن بدون أن نحاول تطبيقه على المستوى الشخصي والفردي... هي حالة واحدة تأخذ أشكالاً أخرى تتعلق بالسؤال أكثر من تعلقها بشكل الإجابة، وهو كيف نخرج من هذه الحفرة التي أسقطتنا ما بين تاريخ مشرف وحاضر مختلف ومتنازع عليه؟ كلنا على اختلاف طوائفنا المذهبية وطرق تفكيرنا المنطقية وتنوعنا في الثرثرة والكلام مقابل فقد إمكانية الصمت والإنصات... نحب هذا الدين، ومن كثرة حبنا له فنحن نتكلم عنه دائماً، في مجالسنا وفي قوانيننا وفي نظرتنا للأمور... ولكن شكل الكلام والعبارة هي التي تختلف، ونتفق جميعاً حول أننا لا ننصت لبعضنا، فضلاً عن الإنصات لكل شيء عدانا. وحتى في أشكال صراعاتنا مع الآخر، يجب أن نغوص في الدين كما يغوص السهم من الرمية لكي نجد مبرراتنا ومنطلقاتنا. ولكن ما يحدث هذا يسمى تضخماً دينياً، في شكله الإيجابي أو شكله السلبي، حالة من حالات عدم الرغبة في الصمت والإنصات لما يقال لك أنت دون سواك. نحتاج إلى شكل من أشكال التوازن يعيد الأمور إلى نصابها قبل أن تتحول المكتبات الإسلامية إلى مكتبات متخصصة في الرد على الملحدين والخارجين منه، ليس كرهاً فيه بقدر استيائهم النفسي من حالة تضخم المحكي وانكماش المفعول. ففي التضخم الاقتصادي تقل قيمة ما في جيبك وفي التضخم الديني تقل قيمة ما تحكي إذا لم يثمر ما يعيد التوازن. ومن كان وطنه الكلام، كانت غربته العمل... والدين معاملة. إن ما أقوم به الآن ليس وعظاً، بل صيغة إنقاذية ربما تشير للطريق لمن شاء منكم أن يتقدم أو يتأخر. كثير من المشاكل سوف تحل إذا عرفنا أن دينك هو ديدنك في الحياة، فما تقوم به في سياقك اليومي والمعاش هذا هو دينك، دينك أنت وليس الدين كله... فالدين كله لله... أما ديننا أو ما يخصنا فهو ما يخصنا منه في سياقاتنا وتجربتنا. الفساد بمستوياته وعدم استغلال الإمكانات وحالات العنف والفجور والعصيان بمعانيهم الكبيرة وفي تفاصيلهم الصغيرة سوف تصبح في أقل حالاتها إذا كان مجموع ما نقوله ونتكلم به عن هذا الدين هو ذاته مجموع ما نعمل به في اليومي والمعاش على المستويين الداخلي والخارجي. ولكن كيف يتوقف عن الكلام من لم يتعلم الصمت؟ والإنسان دعيف... بالدال (اقرأها بصوت محمود عبدالعزيز). ولن أغالط نفسي لكي أثبت لك أنه لا يوجد الكثير من هذا النمط بيننا... بل ربما نكون نحن بالتحديد من نقف في مرآة الاتهام. إن ما نحتاجه حقاً ليس كلامك عن الدين، ولكن تجربتك معه. تلك التجربة التي تثمر... فما لا يثمر لا يعول عليه. قصة قصيرة: سأله قائلاً: - ليش فلانة الفلانية نزعت عنها حجابها؟! فقال له: - لا أدري... ولكنني أعلم لماذا هجرت أنا لحيتي! كاتب كويتي @moh1alatwan

مشاركة :