للكواكبي... مع التحية - مقالات

  • 8/10/2017
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

الطغاة يملكون الدنيا، يَهبون المال والجاه والمناصب لمن يريدون. ألم يُخبرنا عنهم ربنا بقوله سبحانه «أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ أَنْ آتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ قَالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ ۖ قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ ۗ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ» الآية 258 سورة البقرة. إن إرادة الطغاة هي التي تتحكم في مصير البشر الذين هم تحت حكمهم هذا ما أقره نبي الله، إبراهيم، عليه الصلاة والسلام، فلم يجادل ونَقَلَ الحوار إلى مستوى فوق التحكم بالبشر فكشف ضحالة الطاغية. إن المستبد، وما أكثرهم في عالمنا الثالث، المستبد ومن يقتات على مائدته يهبون أنفسهم الألقاب ودائما يبحثون عن التميز، وهم في حكمهم يَضّحون بكل شيء في سبيل تسلطهم وبقاء حكمهم حتى لو ضاعت أحلام الناس أو ذهبت مصالح الأمة. وعادة ما يساعد المستبد على ذلك جيش ممن يحملون السلاح أو يستخدمون اللسان والأقلام والمحطات وحتى وسائل التواصل من أجل دعم المستبد أو الديكتاتور أو الطاغية... تختلف الأسماء والمعنى واحد. مقابل تسلط الطغاة، يقف المصلحون يدافعون عن المساواة والعدالة والحريّة. طريقان مختلفان لا يلتقيان أبدا بين الطغاة والمصلحين، صراع مستمر بين الاثنين لم يتوقف لحظة منذ أن وُجد الإنسان على هذه الارض. إن الطرف الضعيف في هذا الصراع هم المصلحون، ولولا قوة ربانية تتحكم في الكون لأباد الفساد العالم وربما اختفى الانسان من على وجه الارض. ولعل أهم أسباب ضعف المصلحين هم مجاميع المنافقين، الذين يدّعون الإصلاح ويتظاهرون بالقيم لكنهم في حقيقة الأمر جنود مخلصون للطغاة ينفذون أجندتهم ويعملون على تشويه سمعة المخلصين والتشكيك بهم. مرة اخرى، لولا تصاريف ربنا جل وعلا لأصبح الطغاة هم المصلحون مع كل ما يملكونه من أدوات القهر والتمييز والظلم ولَتَوَقَفَ الصراع وحُسم لصالحهم. أنا لا أفهم الإصلاح أوالمصلحين من دون دين، ولا أفهم أيضا المتدينين من دون إصلاح. فالمصلح يحتاج إلى معية الله في مسيرته الإصلاحية والمتدين يحتاج إلى تبني قيم الإصلاح ليحقق قيم الدين وأولها الحرية والعدالة والمساواة وتبادل السلطة وحرية الاختيار الكاملة. إنني أحمد الله عز وجل أن الخلاف يحكم به ربنا يوم الدين وأن العدالة التي لم يعرفها معظم المصلحين في حياتهم القصيرة ومنهم، كما نحسب، عبدالرحمن الكواكبي صاحب كتاب «طبائع الاستبداد ومصارع الاستعباد»، تلك العدالة التي لم يرها المصلحون في دنياهم سيعرفونها في حياتهم الدائمة. إنني أحمد الله، مرة أخرى، أن الذين يتسلطون على البشر ويتضامنون من أجل سيادة الفرد ضد الأمة سيحصدون ما جنته أيديهم يوم يجدون أنفسهم أذّل الناس وأحقر الناس في يوم يجتمع فيه كل الناس ليعرف كل فرد مكانه الحقيقي. إن الأعزاء هم من يتقدمون الصفوف في ميزان العدل، وإن العظماء هم الفائزون في الحياة الباقية، أما مقاييس الطغاة وتصنيفاتهم في الدنيا فلا قيمة لها، لا قيمة لها أبداً. kalsalehdr@hotmail.com

مشاركة :