أيقونة الثورة التونسية فنانة تحلم بأن تكون طائر الحرية العربي بقلم: عبدالمجيد دقنيش

  • 8/10/2017
  • 00:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

أيقونة الثورة التونسية فنانة تحلم بأن تكون طائر الحرية العربيمحمولة على أكتاف التميز والكلمة الحرة، و”ثملة” بحب الجمهور لها ونجاح أغانيها الهادفة، تستعد أيقونة الثورة التونسية الفنانة أمال مثلوثي للصعود على خشبة مسرح قرطاج مساء 12 أغسطس الجاري، لأول مرة في مسيرتها الفنية، حول ألبومها الجديد “إنسان” وخصائص عرضها الذي تستعد لتقديمه في مهرجان قرطاج والموسوم بـ”ثملة” كان لـ”العرب” هذا الحوار الخاص معها، والذي فتحت فيه قلبها وتحدثت بكل صراحة وتلقائية عن عدة قضايا فنية وثقافية.العرب عبدالمجيد دقنيش [نُشر في 2017/08/10، العدد: 10718، ص(16)]ثملة بحب الجمهور تونس – أمال مثلوثي فنانة تونسية عرفها الجمهور العربي والعالمي بأغنية “كلمتي حرة” التي غنتها في شارع الحبيب بورقيبة يوم 14 يناير 2011، والتي أصبحت في ما بعد نشيد الثورة العربية، واصلت طريق النضال بالكلمة الهادفة واللحن البسيط والحضور التلقائي وكونت رصيدا لا بأس به من الأغاني الناجحة التي يتلقفها الشباب بكل لهفة، ورسمت لنفسها مسارا ومشروعا فنيا مختلفا ملتزما يمزج بين الأصالة التونسية والانفتاح على الموسيقى العالمية. أيقونة الثورة التونسية، كما يصفها محبوها، ستكون لها وقفة استثنائية على خشبة مسرح قرطاج الأثري السبت في عرض يحمل من العناوين “ثملة”، وعنه تقول لـ”العرب” “فكرة عرضي الذي سأقدمه في مهرجان قرطاج، جاءت من خلال مشاركتي الخاصة التي قدمتها في أوسلو في ديسمبر 2015، الحفلة التي كانت مع الأوركسترا السيمفوني، وقد كانت هذه المشاركة ناجحة لذلك أردت أن أشارك جمهور مهرجان قرطاج هذا النجاح وأقترب منه أكثر من خلال النمط الموسيقي الذي أقدمه، وهو ليس شرقيا بحتا وإنما يمزج بين الموسيقى التونسية الشرقية الأصيلة والموسيقى العالمية”. وعرض “ثملة” هو بتأثير وإلهام وانفتاح في نفس الوقت على الموسيقى العالمية وخاصة السيمفونيات مثل سيمفونيات بتهوفن وموزارت وغيرهما، وستكون إلى جانب أمال فوق خشبة مسرح قرطاج فرقة أوركسترا ومجموعة إيقاعات تونسية مثل “الطبل” و”البندير”، وهو ما يدخل ضمن إطار مشروعها الفني الذي اشتغلت عليه منذ سنوات، حيث تكرس الطابع التونسي الأصيل والمنفتح، وتقول “فحين تسمع ‘الحضرة’ مثلا تعرف أن هذه الإيقاعات تونسية حتى ولو كانت في نيويورك”. وعن برنامجها في الحفل المرتقب تقول أمال مثلوثي “سأقدم طبعا أغاني ألبومي الجديد ‘إنسان’، فضلا عن أغاني الألبوم الأول الموسوم بـ’كلمتي حرة’ والتي عرفت من خلالها مثل أغنية ‘كلمتي حرة’ و’ظالم’ وغيرهما من الأغاني. وبالإضافة إلى هذه الأغاني سأقدم أغاني تراثية أحبها الجمهور بصوتي مثل أغنية ‘على باب دارك’، لذلك سيكون الحفل منوعا ويمزج بين عدة أنماط موسيقية، ولكنها كلها تصب في مشروعي الفني القائم على مقاومة الظلم والدكتاتورية والفساد من خلال الكلمة الهادفة والإيقاعات الجميلة”.عرض "ثملة" المرتقب على مسرح قرطاج يمزج بين الموسيقى التونسية والشرقية الأصيلة وموسيقات العالم وبدت أمال مثلوثي واثقة من نجاح حفلها بقرطاج رغم مسيرتها القصيرة نسبيا وهي التي في رصيدها ألبومان فقط، إذ تقول “أعتقد أن حفلي في مهرجان قرطاج هو أكبر تحد لي ولمسيرتي الفنية، ولأنني مؤمنة بنفسي وبمشروعي الفني والفن الجميل الملتزم الذي أقدمه، فإنني واثقة من نجاح هذا العرض ومراهنة على جمهوري الذي ينتظر هذا اللقاء منذ سنوات، لا بد من تغيير عقلية الفنان والمبدع الشاب خاصة في تونس، وإعطاء فرصة للفنانين الذين يسجلون نجاحات خارجية ويرتبطون بعلاقات احترام مع الجمهور، حتى لو كانوا شبابا، ففي أوروبا كما في أميركا كل مبدع يأخذ فرصته ويقع تشجيعه من خلال حفلات عامة مع الجمهور، وبذلك تزداد ثقته في نفسه وتزداد علاقة الثقة بينه وبين الجمهور”. وتعترف أمال التي تعيش منذ سنوات في الولايات المتحدة الأميركية بأن انطلاقتها الحقيقية بدأت في تونس، وتقول “في النهاية ما من أحد يريد الهجرة والتغرّب عن بلده، وبالرجوع إلى الوراء أعتبر نفسي ناضلت في تونس وحاولت تقديم فن مختلف، ولكن طبعا ‘المنظومة’ (النظام السياسي) في ذلك الوقت والتضييق على الحريات في كل المجالات هما ما دفعني إلى الهجرة عن تونس سنة 2008، ورغم كل ذلك فانطلاقتي الحقيقية كانت من تونس عبر ‘كلمتي حرة’ التي حققت نجاحا باهرا في تونس وخارجها”. وعن ألبومها الأخير “إنسان” ورمزية التسمية تقول أمال مثلوثي “حاولت من خلال ‘إنسان’ أن أعبر عن كل تناقضات الكائن البشري في لوحة فنية متكاملة تتطرق إلى الحس المرهف والأمل والحب والكره والحزن والبعد والفرح في الإنسان، للأسف الحياة العصرية اليوم أصبحت متسارعة بشكل رهيب وتبعدنا عن ذواتنا يوما بعد يوم، تناقضات هذه الحياة هي نفسها التي تهمل الأحاسيس الجميلة والمبادئ العميقة للإنسان وتعتني بالقشور والمظاهر والتفاصيل التافهة”. والإنسان في إطلاقيته، تؤكد مثلوثي، “هو الذي انفتحت عليه بصيرتي منذ الصغر من خلال الأصوات والأنماط الموسيقية التي تربيت عليها مثل الشيخ العفريت والشيخ إمام ومارسيل خليفة والجاز والموسيقى الكلاسيكية، وصدقا الغناء باللغة العربية واللهجة التونسية تحديدا حتى في حفلاتي في أوروبا وأميركا، لا يشكل أي عائق بيني وبين الجمهور وإنما كل أحاسيسي تصل إليه كاملة رغم تنوعه واختلافه عبر لغة الموسيقى البسيطة والجميلة، فالإحساس الإنساني الصادق هو نفسه في كل الكون وإن اختلفت التعبيرات الفنية الإبداعية”. وألبوم “إنسان” من كلمات وألحان أمال نفسها، حيث تعترف بأن هذا لم يأت عن طواعية واختيار منها بقدر ما هو تعبير عن تجربة ذاتية خاصة وإحساس خاص لا يستطيع أي إنسان آخر أن يعبر عنه مثلها. ومن أغاني الألبوم تذكر مثلوثي أغنية “الأيام” التي تتحدث فيها عن المهمشين الذين يقطنون في الشارع، وهو ما بات ظاهرة في الشارع التونسي والعربي، كذلك أغنية “قداش” (كم) وهي أغنية ضد الحرب وضد العنف.أمال تعترف بأن غناءها باللغة العربية واللهجة التونسية في حفلاتها بأوروبا وأميركا، لا يشكل أي عائق بينها وبين الجمهور وتضيف “من أهم أغاني الألبوم الذي أخذ عرضي في قرطاج عنوانه، أغنية ‘ثملة’ التي تندرج ضمن تجربة شعرية وفنية فلسفية جديدة في مشروعي، ولذلك جاءت كلماتها تلقائية تجريدية فلسفية: ثملة الدنيا تهيج في وسطي/ قنديلا يجعل النور حريرا في جسدي/ سكينا يسلخ جلد شعورا راودني/ ماذا يجري؟ أين نحن؟ ما الذي يجري داخل قطرات النسيج حين تلمسها نسائج ورود الصباح؟”. ولا ترى الفنانة التونسية مانعا في التعامل مع شعراء وملحنين مختلفين لاحقا، مؤكدة أن اتجاهها نحو التلحين والكتابة لنفسها “هو ضرورة واختيار في نفس الوقت، هو ليس ضرورة مادية طبعا، ولكن لأن لديّ أحاسيس ذاتية لا بد من التعبير عنها بكلماتي وألحاني الخاصة، ولديّ مسؤولية تجاه نفسي وتجاه جمهوري الذي أحبني بما كتبته سابقا ولحنته، وهو اختيار لأن مشروعي الفني في اللحظة الراهنة يقتضي ذلك، ومع ذلك لست ضد التعامل في فترة قادمة مع شعراء وملحنين مختلفين”. وحول مدى قدرة الموسيقى والفن والثقافة عموما على أن تكون عاملا أساسيا في الحوار بين الحضارات والثقافات، تجيب أمال مثلوثي “حقيقة أنا أعيش هذا السؤال يوميا في حياتي إنسانيا وفنيا، ربما لأنني أعيش خارج بلدي وأحاول بالفن والموسيقى أن أتحاور مع الشعوب الأخرى وأقدم صورة جيدة عن بلدي تونس وعن ثقافته وحضارته، لذلك فالإبداع وحده هو القادر على تمتين أواصر المحبة والتعاون بين الشعوب”. وتضيف “الفن هو الجمال والإحساس المرهف وهو المحفز على الإنسانية والشعور بالآخر ونبذ العنف والتمييز العنصري، الإبداع ينجح حيث تفشل الدبلوماسية السياسية وهو ما نراه اليوم في عالمنا بشكل واضح، الحروب والعنف والتوحش تزداد يوميا من حولنا، لذلك لا بد من التشجيع على الفن والإبداع الجيد وتطوير التحاور والتعاون عبر الفون قاطبة”. وتتململ الفنانة التونسية من وصفها بالفنانة الملتزمة، فهي تعتبر أن صفة “ملتزمة” باتت مرتبطة بالجدية الصارمة، إذ تقول “أعتقد أن مفهوم الالتزام خاصة في عالمنا العربي كثيرا ما يقرن فقط بالأيديولوجيا والفكرة المتزمتة والنخبوية المبالغ فيها، وهذا خطأ فادح، لأن الفنان الحقيقي بطبعه ملتزم بواقعه وحاضره وقضايا محيطه، وأنا فنانة ملتزمة بهذا المعنى فقط، أنا فنانة مهتمة بواقعي وملتزمة بقضايا شعبي وأحاول أن أعبر عن هذا الالتزام والاهتمام من خلال مشروعي الفني المتكامل كلمة وصوتا ولحنا وتصورا، ولا أعتني بالكلمة على حساب بقية عناصر الأغنية كما هو متعارف عليه في التعريف الكلاسيكي للالتزام”. وتتمنى أمال إن كان بإمكانها بقليل من السحر أن تتحول إلى آلة موسيقية، أن تكون آلة “الأرب”، وهي آلة عزف في السيمفونيات، إذ تقول “أعتبرها آلة سماوية حقيقية بصوتها السابح الجميل، وأنا أحلم بأن أكون طائرا سماويا يحلق بجناحي السلام”.

مشاركة :