التساند الإخواني المستتر والملحوظ، مع رئيس السلطة، لن يؤثر على الإخوان إلا سلبا، وسيرى الآخرون ومن بينهم عباس أن تقارب الجماعة انتهازي، ولن يغير مثل هذا التودد حرفا من لغة الرجل، ولا درجة من إحداثياته.العرب عدلي صادق [نُشر في 2017/08/18، العدد: 10726، ص(9)] يتبدى جليا الآن، أن تيار المقاومة النافذ على الأرض، في حركة حماس في غزة، هو الذي يتوخى خطوات نحو المصالحة على أسس وطنية، دون أخذ الكل الفلسطيني إلى اشتراطات معطوفة على ركام اتفاق أوسلو وحطامها. ولعل هذه الحقيقة، هي التي تستوجب تطيير النصيحة إلى بعض حماس الخارج، الذين لا تزال لغتهم موصولة بلغة إخوان الإقليم، وحسبة الأولين مرتهنة لحسبة الأخيرين. فهؤلاء نقرع لهم الجرس آملين ألا يضعوا أنفسهم في ثلاث رزايا: الأولى التصرف على النحو الذي يؤكد على أن وضع الشعب ومعاناته لا تهمهم، لا سيما في غزة المستهدفة، باعتبار أن ما يهمهم هو المصلحة الإخوانية ومتطلبات الجماعة من المعارك والسجالات الدائرة في عدد من بلدان الإقليم. أما الرزية الثانية فهي أن يتبادلوا التساند مع رئيس السلطة محمود عباس الذي استعدى الشعب الفلسطيني عليه. بينما ثالثة الأثافي، هي أن يكونوا سببا في شق صفوف حركتهم، وهذه أدرجناها كرزية ثالثة، بمعايير حماس وبمنطق مصالحها. في الذميمة الأولى لم يعد الوضع يحتمل إشباع الناس كلاما. إن غزة تئن وتحتضر، وبمقدور الجميع أن يستمع إلى آراء الناس. فطرفا التفاهمات الفلسطينيان، رغم أنهما غير ملومين على شيء مما وصل إليه حال غزة، يستمعان في كل يوم إلى ملاحظات مريرة، لأنهما تأخرا شهرا أو شهرين، عن البدء في عملية إنقاذ غزة وطرح براهينهما الملموسة على جدية النوايا التي جرى الإفصاح عنها. لذا فلا مجال لإقناع الشعب الفلسطيني بجدارة الاصطفاف مع الإخوان، وأن مثل هذا الاصطفاف ستكون له تأثيراته الإيجابية على حياتهم. فالناس هي قاعدة القياس، وقد جربت غزة الإغاثة القطرية لقطاع الخدمات، وكانت الإغاثة القطرية في موضوع الكهرباء، تنتظر الظلام الدامس وصراخ الناس طلبا للنجدة، لكي تعلن عن منحة، أي عن قرار بإرسال كمية من غالونات الوقود، التي تُستهلك في أمد محدود، يكون الوصل الكهربائي خلاله، دون مستوى الوصل في القرى الصومالية. أما تركيا الأردوغانية، وهي ذات علاقة وثقى مع إسرائيل، فإن وعودها بالحل التنموي، تحركت بالكلام في كل أجناب غزة، لتؤسس محطات توليد للكهرباء أو للثرثرة. مرة قالت إن الغيث سيكون من الحدود الشمالية لقطاع غزة أي من عند الاحتلال، ومرة قالت إن الحل سيكون بتوليد الطاقة من جزيرة اصطناعية في البحر، ومرة من سفينة راسية، والنتيجة لا كهرباء، وقد استمر ذلك على امتداد سنوات الحمل الكاذب بالوعود. ومن المفارقات أن الطرف التركي الذي يتحدث عن كهرباء عن طريق إسرائيل، يلقى الدعاء “الإخواني” بالتوفيق. فلا مؤامرة في الأمر، ولا علاقة لتركيا بالأميركيين، ولا تعاون أمنيا مع إسرائيل. أما عندما يجري الحديث عن كهرباء قادمة من مصر، فإن القيامة الكلامية عن المؤامرات تقوم، ونصبح بصدد اتهامات بفصل غزة، لم يتعرض لمثلها من يفصل شعب غزة بناسها ومشافيها وفرص اتصالها بالوطن في الضفة. أما التساند “الإخواني” مع رئيس السلطة، فلن يؤثر على “الإخوان” إلا سلبا، وسيرى الآخرون ومن بينهم عباس، أن تقارب الجماعة انتهازي، ولن يغير مثل هذا التودد حرفا من لغة الرجل، ولا درجة من إحداثياته. قيادة حماس في غزة، وبحكم انتمائها إلى جنس المقاومة، تميل إلى التساند مع أطراف لها حضورها على الأرض. فما يجري اليوم، أن المحيطين بعباس يصعّدون من عدائهم للتيار الإصلاحي لأن حسبتهم سلطوية، وبحكم أنها سلطوية وأنهم يعرفون، واحدا واحدا، أن ليس لهم وزن على الأرض، فإن الذعر يصيبهم جميعا، لذا توافقوا على التصعيد الذي يثير السخرية، ضد الوطنيين في الضفة. علما بأن الطرف الإصلاحي لا يسعى إلا لأداء الواجب تجاه شعبه، ويريد التمكين لإرادته عبر صناديق الاقتراع وهذا الذي أعطى لخطابه السياسي زخما، لا سيما بعد أن أوقع الطرفان الإخواني والعباسي، كل أنواع الأذى بالشعب الفلسطيني. كاتب وسياسي فلسطينيعدلي صادق
مشاركة :