عبداللطيف الزبيدي هل من نظرة جديدة إلى التربية الأخلاقيّة؟ مطلع السنة الدراسيّة المقبلة سيشهد انطلاق منهاجها معمّماً على جميع المدارس الحكوميّة والخاصة في دولة الإمارات. التفاصيل حافلة بالنظريّ والتطبيقيّ (الخليج 19/8). ما يمكن إضافته إلى هذه المادّة الغنيّة، يتعلق بالتربية الأخلاقية بطريقة غير مباشرة، أي تحقيق الغايات المنشودة بوساطة الإعداد والتأهيل لآليّة التفكير والاهتمامات والتوجيه السلوكيّ إثراء وتفعيلاً للمقرّر الدراسيّ. ألوف الصفحات من النصائح تذهب مع الريح، عندما لا يكون الدماغ مبرمَجاً ومؤهلاً للعمل بها.ماذا يعني التأهيل والبرمجة؟ لنأخذ التسامح مثلاً. الأسلوب التربويّ المألوف سابقاً هو أن نحدّث التلميذ أو الطالب عن محاسن التسامح ساعة أو ساعات، وأن نسهب في ذكر فضائله وانعكاسها على المجتمع والإنسانيّة، معزّزين ذلك بالأشعار والحكم وغيرها. هذا لا يعني أننا درّبنا دماغه على العمل في الاتجاه المطلوب. سيظل المخزون مجرّد مادّة دراسية يحصل التلميذ بالإلمام بها على علامة. الأسوأ هو أن يرى في الواقع البشريّ ظاهرات شتى تبرهن على عكس ما تعلّمه. هنا تكون الطريقة المثلى، هي تنشئة النشء الجديد على تقبّل الآراء والأفكار والهويّات والأذواق الأخرى. يتربى على أن الحق والخير والجمال والحقيقة والصواب والعقل والمنطق، ليست ملكه وحده، ولا ملكيّة خاصة تنحصر في هويته الفرديّة أو الجماعيّة. ينشأ على أن روعة الحياة تكمن في تنوّع أعراقها وإثنياتها وألوانها وأديانها وحضاراتها ولغاتها وثقافاتها وإبداعاتها، تماماً مثل تعدّد طبيعة بيئاتها ومكوّنات جغرافيتها، جبالاً وبحاراً وغابات وصحارى، والجميع تحت قبّة زرقاء واحدة. من حق كل فرد أو مجتمع، أن يفخر ويعتزّ بهويّته ضمن قبوله فخر الآخرين بهويّاتهم واعتزازهم بها. من الضروريّ إذاً إدخال هذا النهج كأساس للتربية الأخلاقية.تربية الاستقامة لدى التلميذ تكون ببرمجة الدماغ عمليّاً على السلوك القويم، ببنائه على البحث العلميّ، ليصبح طريقة تفكير وحياة، ما يجعل الانضباط والتركيز وحب الاكتشاف والابتكار والاختراع سلوكاً شموليّاً ودائماً. بالتربية الفنيّة الأكاديميّة تسمو روحه وذوقه ويدرك أن للجمال قواعد، ويترفّع عن النزعات الانحرافيّة. من أهمّ واجبات المدرسة مساعدة الآباء على اكتشاف مواهب الأطفال في جميع المجالات. أعظم المناهج هي تلك التي لا تضع كل بيض التربية والتعليم في سلّة الشهادات. عبقريّة واحدة تُكتشف بذرتها في أوانها، يمكن أن يرقى بها شعب أو أمّة.لزوم ما يلزم: النتيجة العلميّة: تربية الدماغ على العمل القويم، هي قمّة التربية الأخلاقية. abuzzabaed@gmail.com
مشاركة :