عبد اللطيف الزبيدي هل ثمة شيء اسمه التربية القانونية؟ فكروا جيداً في أصل جل الاعوجاجات الذهنية والعملية في الحياة العربية. على الأرجح ستصلون إلى الجذور. إذا كانت عبارة «التربية القانونية» جارحة؛ لكونها تُصور العقل الجمعي العربي وكأنه لا يحترم القانون، يكره الانضباط، لا يرتاح إلى التنظيم وحسن الإدارة، بالتالي فهو مرؤوس لا يتقيد بالضوابط، ورئيس يتجاوز حدوده، فإن التربية الانضباطية تؤدي المقصود. مرجعية هذه الآفات قوائم، والبراهين عليها كيلومترية. الأنظمة التي دبج إعلامها في إنجازاتها وانتصاراتها تلالاً من المديح الغزلي، تبين عندما هوت أنها ليست سوى رأس جبل الفساد. هل من مبالغة في هذا؟ هذا المشهد العام، يلخص لنا كل الآفات التي حالت دون التنمية الشاملة في العالم العربي. ببساطة: لا يوجد سبب من أسباب التخلف في أي ميدان، إلا وهو مرتبط ارتباطاً عضوياً بسوء الإدارة؛ من الموسيقى إلى النظام القضائي. لم يظهر حتى الساعة موسيقيون عرب أصروا على وضع حد للفوضى في النظرية الموسيقية العربية. لا وجود لنظام تنضبط فيه المقامات. العلاقات بين مقاماتنا مثل العلاقات بين الدول العربية، لا مؤاخذة «تحسبهم جميعاً وقلوبهم شتى». الغرب قبل ثلاثة قرون في زمن باخ، وضع اللمسات الأخيرة على السلم الموسيقي. نحن لا سلَم لنا. أما الانضباط في تطبيق الدساتير والقوانين، فكم هي نسبة استقلالية القضاء في البلدان العربية؟ مكمن الخلل ذهني؛ لأن المادي انعكاس لسلوك غير مرئي منبعه في أداء الدماغ، وإلا فكيف ترى جنابك علة اتفاق العرب على النفور من البحث العلمي، كأنما نزلت آية صريحة في تحريمه. أهم أساس يقوم عليه هو الانضباط الذي هو العمود الفقري للمنهجية؛ لخطط العمل؛ للبرمجة. تأمل تألق الأمة في الحفاظ على الأمية، ما شاء الله، توفيق حتى في الاشتقاق، الأمية من الأمة. يريد النظام العربي نهضة في البحث العلمي قاعدة انطلاقها أمية عالية وبلا نسف كامل لمناهج التربية والتعليم؟ سكوت الشعوب طوال العصر الحديث عن عدم الانضباط في كل المجالات، هو في حد ذاته مدعاة إلى التنقيب عن الأسباب. هل للعرب بحوث جادة مشفوعة بالأرقام لترى الأنظمة المرتبة الذيلية في البحث العلمي؟ لزوم ما يلزم: النتيجة الجدوائية: ما العمل فحتى الأنظمة العسكرية لم تُجد في تربية الانضباط؟ abuzzabaed@gmail.com
مشاركة :