إسرائيل تتحول إلى لاعب مركزي في لعبة «الحسم السوري»

  • 8/20/2017
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

التفاعل الإسرائيلي مع ملف سورية- إيران- «حزب الله»، على مدار الأسبوع الأخير، يحمل أكثر من رسالة لأكثر من جهة، لكن الرسالة المركزية والأهم بالنسبة إلى إسرائيل تبقى ضمان رسم مخططات تحقق ما تعتبره مصالحها في المنطقة، وفي سورية في شكل خاص. فإسرائيل التي تعلن، منذ اندلاع الحرب السورية، أنها لا تتدخل في هذه الحرب ولا شأن لها بها، تلعب في الواقع دوراً ناشطاً فيها. والجهود التي تبذلها، هذه الأيام، لرسم مستقبل سورية وفق ما تريده وتطمح إليه، تجعلها لاعباً مركزياً في كل تطور يحصل على الساحة. وفيما يبحث وفد إسرائيلي في واشنطن يضم رئيس جهاز «موساد» يوسي كوهين، ورئيس شعبة الاستخبارات العسكرية الجنرال هرتسي هليفي، ورئيس القسم السياسي– الأمني في وزارة الأمن زوهر بلطي، في الملف السوري، يجري الإسرائيليون محادثات حول الموضوع مع الأمين العام للأمم المتحدة الذي يزور إسرائيل للمرة الأولى منذ تعيينه، وأظهرت التقارير الذي عرضها رئيس موساد على الحكومة وتصريحات القائد السابق لسلاح الجو الإسرائيلي وتهديدات نتانياهو، أن الملف السوري هو على رأس انشغالات الإسرائيليين.   إيران في سورية جعلت إسرائيل من التدخل الإيراني المتزايد في المنطقة عنواناً لطرح مخططاتها هذه. فخوفها الأساسي هو من إنشاء «تواصل إقليمي» من إيران حتى لبنان، مروراً بالعراق وسورية، حيث ترى في وضع كهذا تهديداً لها كما هو لدول أخرى في المنطقة، وهو مضمون ما يطرحه الوفد الإسرائيلي في واشنطن حيث يحاول إقناع المسؤولين الأميركيين بتعديل أجزاء من اتفاق وقف النار في جنوب سورية، بحيث يشمل بنداً واضحاً حول إخراج القوات الإيرانية وعناصر «حزب الله» من سورية. كما سيطرح الإسرائيليون أمام الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، خلال زيارته، المتوقعة مطلع الأسبوع المقبل، المخاوف من إنشاء «التواصل الإقليمي». فعلى رغم أن زيارة غوتيريش تأتي ضمن الجهود الدولية المبذولة لإحداث تقدم في الملف الفلسطيني واستئناف المفاوضات بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية، فإن إسرائيل ستجعل من ملف سورية- إيران- «حزب الله» الأبرز والأهم في هذه الزيارة، وقد أعدت تقريراً يتضمن أدلة ومعلومات استخبارية عن نشاطات إيران و «حزب الله» في المنطقة، بخاصة التدخل المتزايد في منطقة جنوب سورية، ونشاط «حزب الله» في لبنان. إسرائيل التي تعتبر الانتشار الإيراني في سورية خطراً عليها، ترى في استمرار نشاطات «حزب الله»، وفي شكل خاص مواصلة تضخيم قوته العسكرية وتعزيزها بوسائل حربية متطورة، خلافاً لقرار مجلس الأمن، مشاريع قد تقود إلى تصعيد في المنطقة. ووفق الادعاءات الإسرائيلية، فإن «حزب الله» يتابع كل حركة في الجانب الإسرائيلي، ويقترب عناصره بين الفينة والأخرى من الحدود، إلى حد يلامسون فيه الجدار الإلكتروني، لفحص مدى يقظة نقاط المراقبة والدوريات العسكرية. وأحياناً يرسلون رجال استخبارات تابعين لهم متخفين على هيئة رعاة أغنام أبرياء أو صيادين يبحرون في البحر المتوسط قريباً من رأس الناقورة. إلى جانب هذا، يبقى المطلب المركزي لإسرائيل، سواء أمام المسؤولين في واشنطن أو الأمين العام للأمم المتحدة، إخراج القوات الإيرانية ومقاتلي «حزب الله» من سورية كشرط أساسي لتوقيع الاتفاق بين روسيا والولايات المتحدة. رئيس الحكومة بنيامين نتانياهو الذي اختار التركيز على هذا الملف في محاولة لإبعاد الأنظار، ولو في شكل موقت، عن تهم الفساد التي تحوم حوله واحتمالات تقديم لائحة اتهام ضده، طرح موقفاً واضحاً، اعتبره حاسماً ولا رجعة عنه، فأعلن معارضة إسرائيل الشديدة للحشد العسكري لإيران و «حزب الله» في سورية، وهدد بقيام إسرائيل بكل ما تراه مناسباً وضرورياً للحفاظ على أمنها. وتزامن هذا التهديد مع الكشف عن دعمه مشروعَ قانون يتيح للمجلس الوزاري الأمني المصغر، حتى في غياب وزراء منه، اتخاذ قرار بإعلان الحرب أو بأي عملية عسكرية تقود إلى حرب، من دون العودة إلى الحكومة الموسعة. وليست مصادفة التصريحات التي يطلقها للمرة الأولى مسؤول إسرائيلي، وتتحدث عن حجم عمليات القصف التي ينفذها سلاح الجو خارج الحدود في مواجهة قوافل الأسلحة، وفي سورية في شكل خاص. فقد كشف قائد سلاح الجو المنتهية ولايته، الجنرال أمير إيشل، أن إسرائيل هاجمت خلال السنوات الخمس الأخيرة، قرابة 100 قافلة سلاح كانت معدة لـ «حزب الله» ولتنظيمات أخرى على حلبات عدة بعيدة من حدودها، مدعياً أن القدرة على مهاجمة أهداف بمساعدة الاستخبارات الدقيقة، ارتفعت أربعة أو خمسة أضعاف خلال هذه السنوات. وفي ملخص الموقف الإسرائيلي، فإن الإيرانيين في سورية خط أحمر. ووفق ما يقول عوديد غرانوت، تواجه إسرائيل للمرة الأولى منذ بداية الاضطرابات في الشرق الأوسط، خطر انتشار «الهلال الشيعي الصغير» على حدودها الشمالية. واعتبر أن ما سماه «الهلال الشيعي الصغير» يسيطر على قطاعات واسعة في سورية تمتد من رأس الناقورة، في الغرب، وحتى مثلث الحدود بين إسرائيل وسورية والأردن في مرتفعات الجولان الجنوبية. واقترح على أصحاب القرار في إسرائيل عدم التسليم بالأمر الواقع والعمل، بكل الطرق المتوافرة، لمنع نشر قوات إيران و «حزب الله»، ليس فقط في لبنان، إنما في مرتفعات الجولان أيضاً، ووصولها إلى المنطقة الحدودية. ويقول: «على إسرائيل أن تعلن وتوضح للأطراف كافة أنها ستتصرف بمفردها إذا لزم الأمر، بالتالي تغيير نمط الابتعاد من أي تدخل عسكري في الحرب السورية، المتواصلة منذ أكثر من ست سنوات».   التهديد لا يقتصر على البر وجاء خطاب الأمين العام لـ «حزب الله»، حسن نصرالله في ذكرى مرور 11 عاماً على انتهاء حرب تموز (يوليو)، في ذروة مناقشة الإسرائيليين خطر إيران- «حزب الله». وخلافاً لخطابات سابقة، حاول الإسرائيليون تجاهل ما تضمنه الخطاب من تهديد، إلا أن التقارير التي تحدثت عن قدرات «حزب الله»، فرضت الملف على أبحاث الإسرائيليين التي جاء فيها، أن خلف الحدود وفي العمق اللبناني والسوري، تتواصل عملية تضخيم «حزب الله». وتسود مخاوف إسرائيلية من أن «حزب الله» حصل على أسلحة استراتيجية من شأنها تغيير توازن القوى. فعلى رغم الجهود الكبيرة المنسوبة إلى إسرائيل لمنع «حزب الله» من تهريب أسلحة خلال السنوات الخمس الماضية، إلا أن التقارير الإسرائيلية تشير إلى أن «حزب الله» تمكن من تهريب صواريخ «ياخنوت»، وهي صواريخ بحر روسية الصنع، وتقابل صواريخ «S - 300» المضادة للطائرات، وتعتبر من أفضل الصواريخ في العالم. ويتم إطلاق هذه الصواريخ من الشاطئ وتصل إلى مسافة 300 كيلومتر، ووفق الإسرائيليين، لا توجد منظومة حرب إلكترونية يمكنها مواجهة هذه الصواريخ أو تشويشها. وقدرت أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية، منذ فترة، أن حصول «حزب الله» على صواريخ «ياخنوت»، من شأنه أن يهدد في شكل كبير حركة سفن سلاح البحرية الإسرائيلي، والأسطول السادس الأميركي والسفن المدنية في البحر المتوسط، إضافة إلى تهديد حقول الغاز الطبيعي في عرض البحر الأبيض المتوسط. ومع إعلان القائد السابق لسلاح الجو عن الحجم الكبير لعمليات القصف وبعضها، وفق ما أشار، كانت تتطلب تحضيراً وتنفيذاً لأيام عدة، لا يستبعد إسرائيليون أن تكون عمليات القصف بمعظمها، تهدف إلى تشويش وصول صواريخ «ياخنوت» إلى «حزب الله». وبهذه التقارير، لا يقتصر الخوف الإسرائيلي على تعزيز قدرات «حزب الله» براً وفي الأراضي السورية، إلى جانب انتشار القوات الإيرانية، ما يجعل الجهود الإسرائيلية لفرض مطالبها في أي اتفاق روسي- أميركي، من جهة، واستمرار التهديد في حال تجاوز أي من الخطوط الحمر، على رأس أجندة الإسرائيليين الذين يبقون المنطقة على برميل من بارود قابل للاشتعال في كل لحظة.

مشاركة :