في رثاء أبي عدنان

  • 8/21/2017
  • 00:00
  • 41
  • 0
  • 0
news-picture

غيب الموت فناننا الموهوب عبدالحسين عبدالرضا. فالموت حق على كل الكائنات، «كل من عليها فان، ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام». (الرحمن: 26، 27). هذه إرادة الخالق ومشيئته، فقد كتب لنفسه الدوام ولمخلوقاته الفناء. فكما أجمع الكويتيون على حبك واحترامك في حياتك، وتقدير فنك الراقي الموهوب، الذي عالج مختلف مشكلات دولتنا، بأسلوب ساخر راق. ها هي الكويت اليوم، حكومة وشعبا، تصر على أن تودع فقيدها الغالي إلى مثواه الأخير توديعا يليق بحقه ومكانته، وما قدمه لوطنه من حب وإخلاص وعطاءات ليس لها مثيل. من حسن حظ الكويت أنها تحكم بنظام ديموقراطي، يسمح للفرد أن تنمو مواهبه في إطار القيم والأخلاق والنظم العامة. فهي ليست دولة جماعية تسحق حرية الفرد من أجل مصلحة الدولة والجماعة، وليست دولة فردية تهتم بالحرية الفردية المطلقة، بحيث يتحول فيها الفرد إلى شخص أناني يهتم بمصالحه الخاصة حتى لو أضرت بمصلحة الدولة. في ظل هذا الإطار الاجتماعي، تربى المرحوم فنان الكويت والخليج والعرب. وقد أدرك في فترة طفولته ملامح الكويت القديمة الفقيرة، قبل أن تجتاحها التغيرات السريعة الثقافية والعمرانية والاقتصادية، التي اجتاحت الكويت بعد تدفق الثروة النفطية، وعبّر عن ذلك في مسلسله الرائع والخالد «درب الزلق». حيث صور لنا في ذلك المسلسل البيوت والأحياء القديمة التي كان يسكنها الكويتيون قبل النفط. ثم التغيرات العمرانية والثقافية الهائلة التي شهدتها الدولة بعد تدفق البترول، وأثر ذلك التغير السريع والمفاجئ في تفكير الناس وعاداتهم وأخلاقهم. ولقد شاهدت هذا المسلسل أثناء سفري في هذا الصيف من الكويت إلى روما لمدة خمس ساعات لم أشعر بها بتعب وإرهاق السفر. وفي مسرحية فرسان المناخ، انتقد بأسلوب فكاهي راق تصرفات بعض الشباب، الذين دخلوا الأسواق المالية بروح المغامرة والمجازفة، من دون وعي بالمسؤولية. وغير مدركين للأخطار التي ستنجم عن تلك التصرفات. كما انتقد الموقف السلبي للحكومة، التي لم تتدخل لوقف ذلك العبث، وكيف أدى ذلك إلى ظهور أزمة اقتصادية كبيرة عرفت بأزمة المناخ ولا تزال الدولة تعاني منها. وكان يعالج ذلك بأسلوب فكاهي راق. فهو ينتقد المشاكل بأسلوب مضحك، فكما يقول المثل شر البلية ما يضحك، أو كما قال المتنبي: مضحكات كالبكاء. وفي مسرحية «سيف العرب» صوّر مأساة الغزو وحياة الكويتيين في تلك الفترة. وفي مسرحية باي باي لندن انتقد سلوك السياح العرب وتصرفاتهم السيئة. لهذا ودع الكويتيون حكومة وشعبا فنانهم الراحل توديعا يليق بمكانته. وكان صاحب السمو أول المهتمين بهذا الأمر، حيث أرسل طائرة أميرية لنقل الفقيد. وكذلك ساهم تلفزيون الكويت بالحديث عن الفقيد. وقد استمعت لحوار تلفزيوني سابق، يسأل فيه المذيع الفقيد، هل تؤيد الاعتقالات؟ أجاب بعفوية، «أؤيدها وكأنها العيد. إذا كان الشخص يهدد أمن وطنه، ومن يعتقل سيعرض على قضاء عادل والكويت لا تظلم أحدا». رحمك الله يا أبا عدنان.   د. عبد المحسن حمادةD_hamadah@hotmail.com

مشاركة :