تتعدد التحديات التي تواجهها المشاريع التي يُعلن عنها لدى دول المنطقة، كما يتأثر حجم هذه المشاريع وعددها بمستوى الموازنات وسرعة إقرارها ومدى تبنيها لكل المشاريع، وبالتغيرات والتطورات المالية والاقتصادية العالمية ومدى ارتباطها بالوضع المالي والاقتصادي لتلك الدول. وأشار التقرير الأسبوعي لشركة «المزايا القابضة» إلى أن «لتداعيات الأزمة المالية تأثيرات مباشرة على قطاع المقاولات ساهمت في تأجيل أو إلغاء عدد كبير من المشاريع التي وصلت إلى مراحل ما بعد ترسية العقود»، لافتاً إلى أن «قطاع المقاولات يعتبر المحرك الرئيس لكل النشاطات المالية والاقتصادية لدى دول المنطقة، ومن خلاله يجري قياس مؤشرات التعافي وتقويمها». وأشار إلى «تباين في التحديات والمعوقات التي يواجهها قطاع المقاولات ما بعد الأزمة من بلد إلى آخر، فمنها السياسية التي تعمل على تعطيل طرح المشاريع، فيما يكون للاختلاف الكبير بين المواصفات المطروحة والمواصفات المقدمة من الشركات واختلاف الكلفة التقديرية الموضوعة من الجهات صاحبة العطاء أثر كبير في سرعة الترسية واختصار مراحل النقاش والتأجيل، بينما يكون لموضوع المنافسة وتضارب المصالح بين المتنافسين للفوز بالمناقصات أثراً مضافاً إلى حزمة التحديات ويساهم في تأخير ترسية بعض المشاريع». منافسة شرسة وشدد التقرير على أن «المنافسة الشرسة بين الشركات التي تتقدم للفوز بالمناقصات تعتبر أحد أهم التحديات التي تواجه قطاع الإنشاءات والمقاولات في المنطقة، ويمتد تأثيرها إلى ما يسمى بعملية حرق الأسعار للفوز بالمناقصات، إذ تستهدف الشركات من خلال ذلك الحفاظ على وجودها ونشاطها لأطول فترة ممكنة». وأكد أن «مع امتداد تأثيرات الأزمة المالية على قطاع الإنشاءات والمقاولات، وتوفر فرصة كبيرة للجهات المقدمة للعطاءات بالحصول على أسعار منخفضة للتنفيذ، انعكس ذلك على حجم وعدد الشركات المتواجدة في السوق إذ أن العديد منها يعاني ضعفاً في المراكز المالية وارتفاع الديون، ما يحد من قدرتها على الاستمرار ضمن هذه المعطيات». وبيّن أن «التأثير السلبي الآخر يتمثل في طول فترة انتظار الترسية وارتفاع الكلف والأخطار المصاحبة لعملية التأجيل وإلغاء الكثير من المشاريع من دون أي تعويض للشركات التي استعدت للتنفيذ، كما تتأثر الشركات قدرتها على الحصول على التمويل المصرفي مع استمرار حالات التأخير في الدفع للشركات المنفذة وضعف الضمانات المتوافرة». وتطرق تقرير إلى دور شركات المقاولات في التأخير الحاصل في إنجاز المشاريع بعد الترسية وتوقيع العقود اللازمة واستلام الدفعات النقدية المتفق عليها، وفي أحيان كثيرة يمكن أن تؤدي إلى تعثر المشروع بالكامل، ويتلخص هذا الدور بقيام المقاول الرئيس بالتصرف بأموال المشروع لتغطية وتمويل مشاريع أخرى، إضافة إلى إمكان استثمارها في مجالات وقطاعات لا علاقة لها بعمل الشركة واستثماراتها المحلية والخارجية». تطوير آليات الترسية ولفتت «المزايا» إلى «ضرورة إيجاد آليات للترسية والتعاقد تشمل الشركات المتوسطة الحجم والتي تتمتع بالقوة والنزاهة في تنفيذ المشاريع والتي يخلو سجلها من المخالفات والمشاكل، إذ أن ليس بالضرورة الاتجاه نحو الشركات الكبيرة دائماً نظراً إلى علاقة ذلك بقدرتها على تنفيذ كم كبير من المشاريع في حال جرت ترسية المشاريع المطروحة عليها، والحديث يدور هنا عن القدرة على التنفيذ بالوقت المحدد وبالمقاييس والمواصفات المحددة في العقود وبالكلف المتفق عليها من دون تسجيل مخالفات تذكر». وأكد ضرورة «توسيع دائرة الترسية للمشاريع وفق مفاهيم وأطر تضمن الإنجاز الكامل وفق ما هو متفق عليه وتضمن أيضاً إنعاش قطاع المقاولات بتوسيع نطاقات الترسية والتعاقد ليشمل الشركات التي تستحق ذلك بغض النظر عن حجمها والمشاريع التي أنجزتها». وأضاف أن «الشركات الوطنية المحلية لم تكن صاحبة الحظ الأوفر في المشاريع التي يُعلن عنها أو تلك الجاري الإعلان عنها في ظل الانتعاش العمراني الذي يجتاح دول المنطقة من جديد، ويشعر المقاولون والاستشاريون في هذه الدول أن الأمور تذهب في غير صالحهم نتيجة المنافسة القوية التي تظهرها شركات المقاولات الأجنبية التي تتمتع بحصص سوقية جيدة»، عازياً «هذا الاتجاه في بعض الأحيان إلى عدم الثقة من الجهات الطارحة للمشاريع بالمقاول الوطني على رغم قيام الشركات الأجنبية بالتعاقد مع الشركات المحلية لإنجاز العديد من المشاريع التي رست عليها». تقويم الأسعار ولفت إلى أن «من أبرز المواضيع التي تحتاج إلى إعادة تقويم ودراسة من قبل الجهات المختصة هي إعطاء الشركات التي تتقدم إلى المناقصات فرصة لإعادة تقويم الأسعار التي عرضتها في حال كانت الفترة الزمنية طويلة بين التقدم إلى المناقصة والوقت الخاص بالترسية والبدء بالتنفيذ، وذلك بهدف تفادي أي فروقات واختلافات على الأسعار بين الفترتين، كما أن عمل اللجان المختصة بترسية المناقصات يتطلب قوانين متطورة وحديثة تدعم عملها وتسهل آليات اتخاذ القرارات بشفافية وكفاءة عالية، إضافة إلى الحاجة إلى كوادر بشرية وطنية مؤهلة ومدربة تنسجم والمتطلبات الخاصة بمشاريع التنمية التي تطرحها دول المنطقة». وبيّن التقرير أن «من الحلول المطروحة تقسيم المشاريع الكبيرة على أكثر من شركة وطنية لإنجازه، على أن تقوم هذه الشركات بتوزيع المسؤوليات والمهام خلال فترة التنفيذ وتقاسم العوائد وفقاً لذلك، أما على صعيد المنافسة مع الشركات الأجنبية، فما من أحد يستطيع تجاهل أهمية وجودها في أسواق المنطقة نظراً لإمكاناتها وخبراتها الطويلة في كثير من المجالات، ولذلك على دول المنطقة الفصل بين المشاريع التي تستطيع الشركات المحلية تنفيذها وتلك التي تتطلب خبرات وشركات عالمية».
مشاركة :