سعياً منه لوقف التصعيد، ووضع النقاط على الحروف، حسم ديوان الخدمة المدنية يوم الخميس الجدل المثار، والحرب التي يقودها عدد من النواب على وجود الوافدين في الكويت، في ظاهرة لم تكن معهودة في الكويت بهذا الشكل الصارخ من النفس العنصري، على الرغم من نفي كل من خاض تلك الحرب أن يكون يخوضها بدافع عنصري. فقد أصدر الديوان بياناً صحافياً مدعما بالأرقام والرسوم البيانية، ليؤكد أن عملية التكويت تجري وفق جدولها الزمني وقد حققت أرقاما لافتة من جهة، وأن المكافآت التي يحصل عليها الوافدون تصرف وفق قوانين وتشريعات ولوائح رسمية لا مخالفات فيها. إذا ديوان الخدمة سحب البساط من تحت مجموعة من النواب اتخذوا من قضية الوافدين وسيلة لتسجيل نقاط شعبية وانتخابية، حتى لو كان ذلك على حساب الواقع، وساهموا بتصريحاتهم التي تسابقوا على إصدارها في حرب إلكترونية شهدتها مواقع التواصل الاجتماعي بصورة لا تعكس صورة الكويت الحضارية مطلقاً، فكان الهجوم على الوافدين في الكويت، والرد على هذا الهجوم، ما يستدعي تدخل العقلاء من أعضاء مجلس الأمة لإنهاء السجال لاسيما أن الواقع اتضح من خلال ما جاء في بيان ديوان الخدمة المدنية. الديوان أكد أن تعيين الوافدين تقلص في القطاع الحكومي في شكل كبير، حتى وصل إلى 6 في المئة فقط. فلم يشهد العام الحالي سوى تعيين 790 وافداً، وأن أغلب التعيينات تكون للوظائف التي لا يوجد لها شواغر كويتية، لاسيما في قطاعي الصحة والتعليم، وأن أي كويتي يتقدم بطلب توظيف لهذين القطاعين يتم توظيفه في اليوم التالي لتقديم الطلب، ما يؤكد أن تعيين الوافدين يتم وفق الحاجة الماسة فقط، حيث نشر معلومات تفصيلية يقول فيها إن تعيين الوافدين يتركز في قطاع الصحة بواقع 44 في المئة، يليه التعليم بنسبة 40 في المئة، فيما تتوزع نسبة 16 في المئة الباقية في بقية الجهات الحكومية. وذكر أن عدد الوافدين في القطاع الحكومي لا يتجاوز 78.7 ألف موظف، فيما يستوعب القطاع الخاص نحو 1.5 مليون عامل. وهو أمر يؤكد سياسة الإحلال التي تتبعها الحكومة، وسيرها وفق الجدول الزمني المخطط لها، هذا من جهة. ومن جهة ثانية، وردا على الهجمة النيابية على ما نشر عن تلقي أحد الموظفين الوافدين مكافأة وصفت بأنها كبيرة جدا، ذكر الديوان في بيانه أن كل ما يصدر من قرارات في شأن تحديد المستحقات المالية للموظفين الوافدين، يتم وفق القرارات واللوائح الموضوعة وفي ضوء الخبرات العملية التخصصية المطلوبة. وهذه المعلومات واضحة وكافية لتوقف الحرب التي تقاد ضد الوافدين، ولتؤكد أن المشكلة ليست في الوافدين الذين يأتون للكويت بطلب وعقد عمل رسمي، وتصرف لهم المكافآت حسب اللوائح والنظم المعمول بها، وإنما المشكلة في تلك اللوائح والنظم، التي وضعها مشرعون كويتيون، فإذا كانت مبالغها كبيرة وأدت إلى حدوث أزمة في المكافأة الأخيرة، فليس ذنب الوافد الذي صرفت له، وإنما ذنب مَنْ وضع اللوائح والأرقام، فلماذا نهاجم الوافد ونحن مَنْ شرّعنا المكافآت التي وضعت له؟ إذا نوابنا الأفاضل الذين يهاجمون الوافدين، أضاعوا البوصلة وضلّوا الطريق نحو الهدف، فليس من المقبول أن نتهمهم بعدم الإخلاص أو أن فئة معينة هي أكثر إخلاصاً منهم. وليس مقبولا كذلك التسرع في اقتراح قوانين وتعديلات على قوانين تستهدف الوافدين بدلاً من تعديل القوانين التي تنظم عملهم ومكافآتهم. لذلك نقول لمَنْ انبرى في رفع لواء مهاجمة الوافدين من النواب الأفاضل، ابحثوا عن العلة في القضية، فليس ذنب مَنْ يعمل بعقد عمل رسمي أن ينال المكافآت المقررة له، ولكن ذنب الأنظمة والقوانين التي أقرت تلك المكافآت. فالحكومة برّأت ساحتها وأكدت بالأرقام سيرها في سياسة الإحلال، وليس هناك ما يدينها في الملف، ويبقى على النواب أن يعيدوا حساباتهم في الأزمة ويوجهوا بوصلتهم نحو القوانين التي يرون أنها تستنزف المال العام لتعديلها أو حتى إلغائها، عندها سنصفق لهم وندعمهم. h.alasidan@hotmail.com @Dr_alasidan
مشاركة :