لقد أصيب الجميع بعقدة تفوق قائمة على وهم لا يصمد أمام حقيقة أن هناك في العالم آلاف الرسامين المنسيين، هم بمستوى رسامينا المكرسين وقد يكونون أفضل منهم.العرب فاروق يوسف [نُشر في 2017/08/28، العدد: 10736، ص(16)] هناك ملايين الرسامين في العالم، تلك حقيقة لا يمكن القفز عليها، وليس هناك ما يدعو إلى الإحباط بسبب تلك المعلومة، إلاّ إذا اعتقد الرسامون العرب أنهم ورثة الرسم الوحيدون في الأرض، واقعيا فإن الرسم الذي نعرفه هو صناعة أوروبية. رسامونا هم في حقيقتهم مجرد صناع في معمل كبير اسمه الرسم الغربي، حين يتعلق بالمؤسسين والفاتحين الكبار لذلك المعمل لا يمكننا أن نزج باسم فنان عربي بينهم. هناك رامبرانت وفيلاسكز وانغر ومونيه وسيزان وفنسنت وغوغان وكليمت وبيكاسو ودي كوننغ وجاسير جونز وماغريت وبولوك وكارل آبل وتابيز، هل يمكننا أن نزج بينهم اسما عربيا؟ في أرقى ما فعلناه كنا منفذين لخطط وضعها مَن سبقنا من الأوروبيين، وكان علينا أن نشيد بذلك الوفاء، غير أننا احتلنا عليه حين توهمنا بأن رسامينا كانوا فاتحين، ضحكنا على أنفسنا وعلى فنانينا حين صورناهم بهيأة لم تكن لهم ولن يكونوا قريبين منها، أما كان علينا أن نتواضع قليلا؟ ليس التواضع من صفاتنا للأسف، وهو ما جعلنا ننسى الحقائق الجوهرية التي تشكل قاعدة المشهد الفني عبر العصور، أن يكون لدينا رسامون جيدون فذلك خبر سعيد، ولكن ليس من الضروري أن يكون أولئك الرسامون فاتحين. الفتوحات الكبيرة وقعت قبل أن يصل الرسم إلى العالم العربي، لذلك فإن الحديث عن عظمة عدد من رسامينا فيه الكثير من المبالغة التي تنم عن جهل مصحوب بغرور فارغ، وهو ما أصاب بعض الرسامين بخيلاء ألحقت الضرر بالمشهد الفني برمته. لقد أصيب الجميع بعقدة تفوق قائمة على وهم لا يصمد أمام حقيقة أن هناك في العالم آلاف الرسامين المنسيين، هم بمستوى رسامينا المكرسين وقد يكونون أفضل منهم. هناك مجانية في استعمال صفات تشير إلى العظمة صارت تدفع بالكثيرين إلى التعصب الأعمى الذي يقف بيننا وبين فهم التحولات الكبيرة التي يعيشها الرسم العالمي، ولهذا يفشل الرسام العربي في أن يجد له موضع قدم تناسبه على أرض الواقع. كاتب عراقيفاروق يوسف
مشاركة :