تجّار آخر الزمان - مقالات

  • 9/2/2017
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

قد تكون التجارة خاسرة أو رابحة؛ إلا التجارة بالدين فإن نهايتها المحتمة هي الخسارة؛ فكثير من يتخذ الدين مهنة لمصالح دنيوية ومصدراً للمنفعة الخاصة؛ والتي بها يشوه الدين وصورة البلاد؛ وبالفعل قد رأينا من يطالب بتحقيق شعائر الدين لأجل الظهور والسُلطة؛ فقد نسي هؤلاء أن هذا علو موقت يرفع صاحبه قليلاً ثم يسقطه ويحطمه، فإن الممثل المنافق مهما كان دقيقاً في أداء دوره فسرعان ما ينكشف ويسقط إلى أسفل سافلين. فتلك تجارة تربح بها ثمناً قليلاً عاجلاً وآخرتها الخسران وهذا واقع ولا يمكن إنكاره، وهو مصير من أوّل الحق أو كتمه لأجل مكسب دنيوي، مالاً أو جاهاً أو سلطاناً؛ فإن التجارة بالدين مصطلح لا يختلف عن طلب الدنيا بالدين، ويطلق غالباً على بعض الوعاظ أو العلماء الذين ليس لهم غرض من وعظهم أو علمهم إلا تحصيل حطام الدنيا الفاني، وتبوؤ المناصب العلمية أو السياسية؛ فكم تاجر بالدين قد تقلد منصباً، وكم حاكم حكم باسم الدين وهو لا يفقه شيئاً في دينه، وكم من مروّجين لشعارات وهم لا يطبقون، كما في قول الفقيه ابن رشد: «التجارة بالأديان هي التجارة الرائجة في المجتمعات التي ينتشر فيها الجهل». فهذه تجارة رائجة منبوذة؛ لأن الدين ليس وسيلة إلى حطام الدنيا الفاني، فلا تكون الرفعة والتجارة الناجحة بالتنازل عن مبادئ أو ليقال عنك عالم، أو لتنتصر في جدال، ولا لشهرة أو مال وجاه فهذا هو الربح المذموم. فإن أخَذت العلم اجعله في محله واجعل تجارتك رابحة لأجل الدين لا به، كما في الآية الكريمة: (يرجون تجارة لن تبور ليوفيهم أجورهم ويزيدهم من فضله)، ففيها الفضل العظيم الذي يبقى في الدنيا والآخرة. فإنها تجارة ناجحة لأنها ليست بالدين وإنما للدين بصورته الصحيحة ولأجل الصالح العام واستقامة أحوال البلد ومنفعة الجميع، لا غش فيها ولا تنازل فيها عن المبادئ للحصول على ربح وثمن موقت باستغلال الناس، وأخذ منصب لا يحل له بالغش والتمثيل الذي ازداد حتى أصبح اليوم صفة ملازمة في نظر الكثير من الناس ،إن رأوا من ظهروا بلباس وأقوال تتناقض مع أفعالهم، ولا نلوم الناس على هذه النظرة؛ وإنما اللوم على من ساند تجّار الدين الذين أتقنوا فن التمثيل، ونلوم كل من تعلّم ولم يُعلّم ولم يبلغ رسالته. aalsenan@hotmail.com aaalsenan @

مشاركة :