هل بالإمكان أن يدع الإنسان الأشياء وشأنها؟ هل يمكنك أن تتعامل مع الكثير من الأشياء وكأنها غير موجودة؟ وهل من الممكن أن يظل محافظاً على ما اعتاده... أم أنّ الإنسان يتحرك وفقاً للمتغيرات حوله؟ هناك مقولة شهيرة تعكس ما يقوم به الممثل أو ما هو مطلوب منه "المخرج عاوز كده" هذا ينطبق على الأفلام والمسلسلات والمسرحيات حيث يتحرك الممثل وفقاً لتعليمات المخرج... هذه المقولة تنطبق على الحياة أيضاً ويتناغم معها البعض سابقاً ولكن الكثيرين حالياً فكل ما يفعله الآخرون يفعله غيرهم.. وكل شخص يسعى بكل ما أوتي من قوة وإمكانات أن يقلد الآخر فيما يفعله وتحولت مقولة المخرج عاوز كده إلى "الناس عاوزة كده"....! تسألني إحدى المعارف: ما شفت في سنابك خروف العيد ولا صورة اللحم وأنتم تقطعونه... وقبلها الخروف قبل أن يذبح... وقبل أن أجيب... أكملت... طيب حطي سناب بالمحشوش الجيزاني خلينا نشوفكم كيف تطبخونه...؟ قريبة لي اختصرت عليّ الإجابة بضحكة... وهي أنني لا أحب نشر خصوصياتي أو خصوصيات أهلي... فماذا يعني الناس أننا ذبحنا للعيد فكل الناس تذبح...؟ وماذا يعنيهم أننا طبخنا محشوش أو أكلنا اللحم بطريقتنا؟ هذه خصوصيات العائلة... وفي العيد أغلب الناس تمارس الطقوس نفسها وبالتالي أنت تقوم بعرض المعروض أصلاً وتغرق السوق منه...! الناس لا تدع الأشياء وشأنها اعتادت أن تتدخل في حياة الآخر وكأنه هو الأصل... ولا يتوقف هذا التدخل عند ذلك.. بل تحاول أيضاً أن تجعل الآخر صورة كربونية منها... بحيث يتحول الجميع إلى نسخ متعددة ولكنها بمحتوى واحد... هذا الحرص على الكربنة أو النسخ من الآخر ومحاولة نسخ الآخر أيضاً تسيء للفكر إن تبقى هناك فكر... لأن الجميع أصبح يركض ولا يسير في المسار الواحد... ما يفعله غيري ينبغي أن أقوم به... وعلى غيري القيام به أيضاً... طفلة صغيرة في العائلة ذات عشر سنوات تقول لأمها لماذا لا نسافر إلى الخارج وحددت دولا عديدة...؟ هل تعرفون لماذا تريد أن تسافر؟ قالت: أريد أن أسافر من أجل أن أصور للسناب.. طفلة لا تريد السفر للمتعة والتجول ولكن للسناب فقط... هي تريد أن تسافر من أجل أن تنقل يومياتها للآخرين...! من الصعب أن تصادر حرية أحد أو تتوقف عند ما يفعله فهو حرّ فما يمتعه قد لا يمتعك... وما يحبه هو أنت لا يتواءم مع مزاجك. له مطلق الحرية أن يفعل ما يشاء.. ولك مطلق الحرية في أن تفعل ما تشاء... في أن تبقى في مكانك.. في أن تحتفظ بخصوصياتك... في أن لا تخبر أحدا أين ذهبت أو أين أنت من دول العالم... أن تسافر بصمت وتعود بصمت... ولا تبدد استمتاعك بالسفر من أجل أن يعرف الآخر أنك مسافر... أو تنقل للناس كل يوم سفرة طعامك.. أو تشتري مخصوصا للتصوير... أو تتجمع العائلة للتصوير.. الطريف أن البعض أصبح يغيض الآخر بما ينشره ويتعمد أن يغضب اللي ما يتسموا... ينشر وبعد شوية يقول فلان أو فلانة المقصود شاف الصور... أو شاف المقطع... وأكيد الآن يغلي... هذه هي صورة الحياة الحديثة... التي تشابكت مع حياة الآخرين... وفقدت خصوصيتها... ليس بفعل الآخر ولكن لأن المخرج عاوز كده..! يقول جبران خليل جبران "سافر ولا تخبر أحداً... عش قصة حب صادقة ولا تخبر أحداً... عش سعيداً ولا تخبر أحداً... الناس يفسدون الأشياء الجميلة..."..!!
مشاركة :