أدرك مثل غيري لماذا يغالي وكلاء السيارات الثمينة بأسعار بضاعتهم وخدماتهم. فهم يعلمون أن من يحكم الثمين والمترف لا يعاني من العوز المادي، فهو سيشتري المركبة التي راقت له ويقبل أسعار الصيانة والخدمات دون نقاش وإذا حصلوا على عملاء كهؤلاء فأمورهم جيدة ومدخولهم يُغطي مصاريف المعرص والجهاز الإداري، ثم ينالون الكثير الذي يجعل مستواهم المادي يصل بهم إلى مصاف الكبار والأثرياء. ووكلاء السيارات في بلادنا مثل غيرهم من التجار وطالبي الربح ولا أرجو لهم إلا المزيد من الخير والنعمة. لكن الغريب أنهم يفاجئون الناس برفع الأسعار..مع العلم بأن لديهم أرباحاً غير محدودة من أعمالهم الأخرى، ومع ذلك ورغم تقديم الحجج بغلاء الإدارة فإن أسعارهم مبالغ فيها خاصة وأنه ليس هناك مواصفات ومقاييس للسيارات المستوردة من قبلهم، ليس ذلك فحسب إنما أسعار قطع الغيار المفجعة لديهم، وكذا تكاليف الصيانه، الأغرب من هذا وذاك وجود وكالات للسيارات المترفة جدا، رغم أن الطرقات في نواحي وأطراف مدننا لاتتناسب واستخدام هذه السيارات. فنزوة اقتناء المركبات الغريبة الأشكال والألوان ماهي إلا رغبة في التمتع وليست لغرض المواصلات من وإلى العمل أو طلب الرزق. ويحرص المؤهلون من الرسميين على اقتناء السيارات الفاخرة لأن الحكومة تدفع ثمن واحدة كل ثلاث سنوات. كذلك يحرص كبار رجال الأعمال على اقتناء نوع فاخر من السيارات، لإشهار مكانته أمام ضيوفه وضيوف أهل بيته. السيارة في عرف مجتمعنا " كارت تعريف "، وحتما رأى كبار القوم الحالة في دول غربية، حيث لا تكون السيارة عامل وجاهة. والملاحظ أن أساتذة كبارا في جامعات أمريكا وكندا لا يملكون إلا مركبات عادية، وتصطف بجانب سيارة تلميذ سعودي فيها من الرفاهية الكثير فرشا وملحقات. ويُفترض بأولئك التلاميذ أن يأخذوا من أساتذتهم ذلك السلوك الاقتصادي- الحضاري. ونظرة إلى كبار أهل العلم والأدب نجد أن أكثرهم -رغم شهرته- لا يجد إلا التواضع ليفخر به. فقد كان حافظ ابراهيم رغم اسمه الكبير فقيراً كأغلب الشعراء، وذات يوم اشترى ثوباً جديداً فلاحظ أن الناس - كثيراً منهم- يتعامل معه باحترام أكبر فقال مخاطباً ثوبه الجديد: يا ردائي جعلتني عند قومي فوق ما أشتهي وفوق الرجا ءِإن قومي تروقهم جِدّةُ الثو بِ ولا يُعشَقُونَ غير الرِداءِ قيمة المرءِ عندهم بين ثوبٍ باهر لونهُ وبين الحذاءِ
مشاركة :