خفض التصعيد على الحدود السورية الأردنية لإبعاد الميليشيات الإيرانية.العرب [نُشر في 2017/09/06، العدد: 10743، ص(2)]بلوغ الهدف دمشق - شهدت الساحة السورية تطورين مهمين، وهما نجاح الجيش السوري وحلفائه في فك الحصار عن مدينة دير الزور (شرقا)، وقرار فصائل من المعارضة المعتدلة الانسحاب من مخيم الحدلات (جنوب شرق سوريا) إلى داخل الأردن، تمهيدا لإعلان المنطقة الحدودية مع المملكة منطقة خفض تصعيد. ويرى خبراء أن التطورين يكرسان واقع تغير موازين القوى لفائدة النظام السوري، وأن هناك قناعة دولية وإقليمية وحتى لدى فصائل المعارضة بهذا الأمر. وتمكن الجيش السوري وحلفاؤه الروس والميليشيات الإيرانية الثلاثاء من كسر الحصار المفروض على مدينة دير الزور منذ 3 سنوات من قبل تنظيم داعش، وذلك بعد معارك شرسة استخدمت فيها مختلف الأسلحة ومنها صواريخ كاليبر التي أطلقتها السفن الروسية على تمركزات التنظيم بالقرب من المدينة. وفور كسر الحصار، عمّت الاحتفالات في صفوف وحدات الجيش التي التقت في قاعدة اللواء 137 المحاذية لأحياء دير الزور الغربية، وتجمع الأهالي ابتهاجا بكسر الحصار على وقع تحليق الطائرات السورية والروسية. ويشكل تقدم الجيش نحو دير الزور وفق محللين هزيمة كبرى لتنظيم الدولة الإسلامية الذي مُني في الأشهر الأخيرة بسلسلة خسائر ميدانية في سوريا والعراق المجاور. وأعلنت قيادة الجيش السوري في بيان الثلاثاء أن وحداتها “بالتعاون مع القوات الرديفة والحليفة وبإسناد جوي من الطيران الحربي السوري والروسي، تمكنت من فك الطوق عن أهلنا المحاصرين”. واعتبرت أن “أهمية هذا الإنجاز الكبير من كونه يشكل تحولا استراتيجيا في الحرب على الإرهاب”. وهنأ الرئيس السوري بشار الأسد خلال اتصال أجراه مع قادة الوحدات التي كانت محاصرة في المدينة، بالإنجاز الذي تحقق، فيما أشاد الكرملين بما أسماه “النصر الاستراتيجي” في دير الزور. وفي القاعدة العسكرية حيث التقت وحدات الجيش، نقل شهود عيان مبادرة الضباط من الجهتين إلى تبادل العناق، على وقع هتافات “بالروح بالدم نفديكِ يا سوريا”. ورفع العسكريون علامات النصر وأطلقوا النار في الهواء ابتهاجا. وشوهد ضباط روس في عداد القوات المتقدمة. وفور التقاء القوات من الجهتين، قامت طائرات حربية روسية وسورية بعرض جوي في سماء المدينة. وقال مصدر عسكري رفيع في دير الزور الثلاثاء “نقطة الالتقاء هذه هي بداية النهاية لتنظيم داعش الإرهابي”. ويسيطر التنظيم المتطرف منذ صيف 2014 على أجزاء واسعة من محافظة دير الزور النفطية والحدودية مع العراق وعلى نحو ستين في المئة من مساحة مدينة دير الزور. ومنذ مطلع العام 2015، تمكن التنظيم من محاصرة أحياء عدة في المدينة ومطارها العسكري لتصبح المدينة الوحيدة التي يحاصر فيها التنظيم الجيش. وشدد التنظيم المتطرف مطلع العام الحالي حصاره على المدينة، بعد تمكنه من فصل مناطق سيطرة القوات النظامية في غربها إلى قسم شمالي وآخر جنوبي يضم المطار. وبدأ الجيش السوري منذ أسابيع عدة عملية عسكرية واسعة باتجاه محافظة دير الزور، وتمكن من دخولها من ثلاثة محاور رئيسية هي جنوب محافظة الرقة، والبادية جنوبا من محور مدينة السخنة في ريف حمص الشرقي، فضلا عن المنطقة الحدودية مع العراق من الجهة الجنوبية الغربية. ودخلت القوات المتقدمة من محور الرقة إلى قاعدة اللواء 137. وتتواجد تلك المتقدمة من جبهة السخنة على بعد نحو 12 كيلومترا من المطار العسكري الذي يطوقه التنظيم المتطرف مع عدد من الأحياء المحاذية له. ومن المتوقع أن يخوض الجيش مواجهات شرسة في الأيام المقبلة لطرد الجهاديين من الـ60 في المئة التي يسيطرون عليها في المدينة. ورأى الباحث في الشأن السوري آرون لوند أن تقدم الجيش “يشكل من الناحية السياسية انتصارا نوعيا لبشار الأسد ومؤيدي الحكومة السورية وهزيمة كبرى لتنظيم داعش”. واعتبر لوند أن ما جرى يبدو وكأنه “نقطة تحول محتملة في الحرب في شرق سوريا، حيث سيصبح الأسد حاليا في وضع جيد يمكنه من تحسين موقعه في وقت يتلاشى فيه تنظيم الدولة الإسلامية”. ويقول خبراء استراتيجيون إن النظام وحلفاءه أفقدوا قوات سوريا الديمقراطية المدعومة أميركيا عنصر المبادرة للتقدم صوب دير الزور. وكانت قوات سوريا الديمقراطية قد أعلنت أنها تستعد للتوجه إلى المحافظة لطرد تنظيم داعش منها، لافتة إلى أنه ليس بالضرورة أن يتم ذلك بعد تحرير الرقة. ولا يستبعد الخبراء وجود تغير في الخطط الأميركية العسكرية في المنطقة الشرقية، وذلك بعد توصلها إلى تفاهمات مع الجانب الروسي. وربما تشمل هذه التفاهمات جنوب شرقي سوريا وتحديدا الحدود السورية الأردنية، حيث يدور اليوم حديث عن إقامة منطقة آمنة تأخذ بعين الاعتبار إبعاد الميليشيات الإيرانية، فضلا عن درء مخاطر لجوء الآلاف من النازحين الموجودين في مخيمي الحدلات والرقبان صوب الأراضي الأردنية في ظل تقدم الجيش السوري في هذه المنطقة. ويتوقع أن يتم وضع اللمسات الأخيرة على هذه المنطقة الجديدة لخفض التوتر خلال الزيارة المرتقبة لوزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف إلى عمان هذا الأسبوع. وأعلن فصيل “الشهيد أحمد العبدو” المعارض، الثلاثاء، البدء في إخلاء مخيم الحدلات للنازحين السوريين، ونقل المقيمين فيه إلى مخيّم الرقبان استجابة لطلب “غرفة الموك”، وتحضيرا لانسحاب قواته نحو الأردن. وسبق أن قام فصيل جيش العشائر قبل أسابيع قليلة بإخلاء مواقعه على الحدود السورية والأردنية والتوجه إلى داخل المملكة. وكان الجيش تمكن مؤخرا من التمدد في المنطقة الحدودية مع الأردن، والتي تسيطر عليها 4 فصائل وهي جيش أسود الشرقية وقوات الشهيد أحمد العبدو ولواء شهداء القريتين وجيش أحرار العشائر، وبات على مشارف مناطق قريبة من مخيم الحدلات.
مشاركة :