قَبل أيَّام جَلستُ مَع مُطربٍ أَصيل، وفنَّانٍ جَميل، ومُغنٍّ لَه صَوت كَأنَّه الهَديل، وهو مُطرب مَعروف.. جَلستُ مَعه ودَار بَيني وبينه حِوار، وحِين استَأذنتُه بنَشر مَا دَار بَيننَا، قَال: (انشره، ولَكن لا تَذكر اسمي).. احتَرمتُ رَغبته، وقدّرت ثَقته بِي، لذَلك أنشُر مَا دَار مِن غَير ذِكر الاسم..! كَان الحوَار يَدور حول شرَاء النّصوص، بمعنَى أن يَشتري أحد الأثريَاء نصًّا شِعريًّا مِن شَاعِرٍ فَقير، ثُمَّ يَدفع بِهِ إلَى المُلحّن، ويَدفع لَه لكي يُلحّنه، ثُمَّ يَأخذ النَّص واللّحن، ويَذهب بِهما إلَى مَن يُغنّيهما، فإذَا وَجَد مَن يُغنّي دَفَع لَه لكَي يُغنّي، بَعدَها يَأخذ الثَّلاثة: النّص واللّحن والصّوت، ويَذهب بِهم إلَى المُنتج، ويَدفع لَه ليُنتج كُلّ ذَلك.. هَذا مَا يَحدث الآن -في غالِب الأحيَان-..! طَرحتُ هَذه الإجرَاءات الطَّويلة عَلى صَديقنا الفنَّان القَدير، ثُمَّ سَألتُه: هَل هو موَافق عَليها؟ فقَال: "إنَّ طَريق الأُغنية وتَكوينها تَغيّر مِن زَمنٍ إلَى زَمن -يَا أَخي أحمد-، ولَم يَعد الفنّان بمَقدوره أنْ يَفعل كُلّ شَيء، كَمَا أنَّ المَسألة أصبَحت بالتَّخصُّص، وأصبَح الطَّرَب حِرفة يَسترزق مِنها النَّاس، ويَسترزق مِنها أصحَابها كبَقية المِهن، لذَلك لا تَعجب، ولا تَستغرب مِن هَذه الخُطوَات التي ذَكرتَها"..! بَعد كَلامه قُلتُ لَه: تَأكّد يَا صَاحبي أنَّني مُوافق عَلَى هَذه الإجرَاءات، وقَد كَتبتُ قَبل سنوَات مُؤيِّدًا بيع الشِّعر وشرَائه، ولَكن في ذَات الوَقت طَالبتُ بشَيئين، أوّلهما: إنشَاء بورصة لتَسعير الشِّعر؛ حتَّى لا يَتسلّل إليه الغشّ والتضخُّم وغسيل الأموَال، كَمَا يَحدث في أمورٍ أخرَى.. والأمر الثَّاني: تَشكيل لَجنة مِن قِبَل حِمَاية أُذن المُستهلك، مُهمّتها مُكافحة القصَائِد الرَّديئة، التي تُسيء إلَى الذَّائِقة، وتُسَاهم في انحدَار الشِّعر أكثَر ممَّا هو مُنحَدِر..! حَسنًا.. مَاذا بَقي؟! بَقي القَول: إنَّني أُشفق عَلى أُولَئك الشُّعراء المُبدعين المَسَاكين، الذين لا يَستطيعون أنْ يَدفعوا بقصَائدهم لسَاحة الغِنَاء، وفي نَفس الوَقت ضَمائرهم ومَبادئهم تَمنعهم مِن بيع الشِّعر..!! تويتر: Arfaj1 Arfaj555@yahoo.com للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS تبدأ بالرمز (20) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى 88591 - Stc 635031 - Mobily 737221 - Zain
مشاركة :