ليت زماني يجود بمثل الوهراني | أحمد عبد الرحمن العرفج

  • 2/11/2015
  • 00:00
  • 13
  • 0
  • 0
news-picture

مِن الكُتب التي «كَوّشْتُ» عَليها، وغَفَل عَنها أكثَر أربَاب المَعرفة وأصحَاب الأَدَب، كِتَاب يُسمَّى: «مَنَامات الشّيخ الوهرَاني وحكَايَاته».. والشّيخ «الوهرَاني» شيخ هَاجر مِن مَدينة وهرَان بالجزَائر؛ ليَستوطن دمشق ومِصر، وهَذا الأديب الأريب انتَهج طَريقًا فَريدًا في النَّقد والتَّوجيه، لَا يُشابهه فِيهِ أَحَد، ولقَد قَال عَنه «ابن خلّكان» في كِتَابه «وفيّات الأعيَان»: (الوهرَاني أَحد الفُضلَاء الظُّرفَاء، عَدل عَن طَريق الجِدّ، وسَلك طَريق الهَزل، وعَمَل المَنَامَات والرسَائل المَشهورة بِهِ، وفِيهَا دَلالة عَلى خفّة روحه، ورقّة حَاشيته، وكَمال ظُرفه، ولَو لَم يَكن لَه فِيها إلاَّ المَنَام الكَبير لكَفَاه، فإنَّه أَتَى فِيه بكُلِّ حَلَاوَة)..! كَما قَال عَنه «الصفدي» في كِتَابه «فَوَات الوفيّات»: (الوهرَاني أَحَد ظُرَفَاء العَالَم وأُدبَائهم، سَلَك ذَاك المَنهج الحلو، والأنمُوذج الظَّريف، وعَمَل المَنَام المَشهور، وعَلى الجُملة؛ فمَا كَاد يَسلم مِن شَرّ لِسَانه أَحَد ممَّن عَاصره، ومَن طَالَع ترسُّله وَقَف عَلى العَجَائب والغَرائب)..! إنَّ الشّيخ «الوهرَاني» أَعطَانا صورة عَصره، وعَلّمنا كَيف كَان يَنهب مُشرفو الأوقَاف -آنذَاك- أوقَاف النَّاس، كَمَا أنَّه وَصف لَنَا المُتَاجرين بالدّين، وآكلِي أموَال النَّاس بالبَاطِل، وشَمل نَقده أَيضًا أطبّاء عَصره، واتّهمهم بالجَهْل، بَل بقَتل المَرْضَى، حَيثُ قَال: (إنَّهم كَانوا يُسهّلون عَمَل عَزرَائيل).. حتَّى المُتصوِّفة لَم يَسلموا مِن لِسَانه اللاذِع، فقَد شبّههم بـ(الخرْوِع في البُسْتَان، يشرب المَاء ويُضايق المَكَان)..! باختَصار: إنَّه مِن الحَمَاقَة أنْ أُلخّص كِتَاب «الوهرَاني»؛ في هَذه المسَاحة الضيّقة، ولَكن أُشير إليهِ، مِثل اللّوحَة التي تُشير إلى المَدينة؛ دُون أنْ تَدخُل إليهَا، لأنَّ «الوهرَاني» عَالَم مِن الحكوَاتيّة المَبثوثَة عَلى الوَرق، يَكتب أحيانًا حِكَايَاته، وكأنَّه رَآها في المَنَام، وهو يُرسل رسَالة إصلاحيّة مِنها، وأحيَانًا يَكتبها عَلى لِسَان الحيوَانَات، مِثل مَوضوع كَتَبَه بعنوَان: «رِسَالة الكَلب»، أو عَلى لِسَان الجَمَادَات، مِثل المَقَالة التي كَتَبَها بعنوَان: «خطبة مئذنة»..! حَسنًا.. مَاذا بَقي؟! بَقي أنَّنا بحَاجَة إلَى كِتَاب مِثل «مَنَامَات الوهرَاني»، مُردِّدًا عِبَارة صَديقي الذي قَال: «اللهمّ كَثّر الوهرَانيين بَيننا»..!! تويتر: Arfaj1 Arfaj555@yahoo.com

مشاركة :