قد قرأت شكوى من أحد الزملاء من أن المستشفيات الكبيرة في بلادنا حكومية أو أهلية لا تزال تستقدم المتقاعدات في بلدانهن من أجل أداء الأعمال الرئيسية في التمريض لا لشيء إلا لكونهن يجدن الإنجليزية ويعرفن التخاطب مع الطاقم الطبي. وحتما سيحرمن السعوديات من المعرفة والبراعة والصفات الحرفيّة للعمل، ومن ثم الترقية. نتفق على أنهن يشاركن الأطباء، ولهن دور رئيس في علاج المرضى وعناية ما بعد العمليات. ويتفق معنا أهل الطب على أن الاستثمار في التدريب على التمريض للفتيات له أهميته في واقعنا المعاصر. إلا أننا نرى الممرضات يواجهن العديد من الصعاب وحالتهن لا تسر. فالممرضة السعودية ضحت بأعصابها عندما تجاوزت صيت العائلة وشهرة العائلة ومكانة العائلة وقررت إما أمام القناعة أو الحاجة أن تصبح ممرضة في مجتمع شرقي لا يزال ينظر إلى المهنة وهو منخفض العنق. وتحمل مسؤولية المريض أثناء التنويم وبعد العمليات هو بيد الممرضة.. وهذا أمر متعارف عليه ومحسوم ولا جدال فيه. وكما نرى فلا تزال الظروف غير مواتية لبلوغ الهدف المنشود للممرضة ولرئيسات التمريض في بلادنا. نعم، فلقد حجبت التقاليد والعادات والعرف بناتنا من أن يصلن مبكراً إلى تلك المهنة. وكانت النتيجة كما نرى ونقرأ أن نسبة كبيرة ممن يقمن بدور مساعدة الطبيب والأخصائي والاستشاري كلهن من خارج الوطن. وربما قيل بان أجورهن المطلوبة أقل مما تطلبه السعودية – هذا لو اعتزمت ممارسة المهنة - . لكن تاريخ الخدمات الصحية في بلادنا قديم جداً، ولو أننا من ذلك العهد تبنينا التدريب والتخريج لكان لدينا الوفر. بداية الخدمات الصحية في الغرب واجهت شيئاً مثل هذا. لكن المعاهد والجامعات صارت تُعطي البكالوريوس والدبلوم وتُسجّل كممرضة معتمدة من الدولة، ومن هذا تتلقى الراتب المجزي والحوافز والإجازات والضمان الاجتماعي عند بلوغ السن القانونية. فإذا كان العائد قليلاً بالنسبة للممرضة السعودية. وإذا كان باب الترقي موصداً أمامها فمن أين لمعاهد التمريض وكليات الطب المساعدة أن تضع الحوافز الكافية لتخريج ما يحتاجه الوطن من أجهزة تمريض. الممرضة هي المنفِّذ الفعلي لعلاج المريض، خاصة مرضى المستشفيات. ولذا فالمهنة تبحث عمن يخلصها من معوقاتها وأحد هذه المعوقات نقص الإمكانيات التدريبية.
مشاركة :