حماس تهادن عباس بقبول مصالحة معنوية وحل لجنة غزة تبدو سياسات حماس في التعاطي مع الشأنين الداخلي والإقليمي متخبطة، وليس أدل على ذلك من موقفها الأخير تجاه المصالحة مع حركة فتح، ويقول البعض إن خطوات الحركة المتناقضة تدخل في لعبة المناورة التي تحذقها والتي ترمي من ورائها إلى تحقيق مكاسب من الجميع، دون أن تقدم على أي تنازلات قد تراها مؤلمة.العرب [نُشر في 2017/09/13، العدد: 10750، ص(2)]مع الجميع وضد الجميع القاهرة – خطت حركة حماس خطوة تكتيكية، عندما أبلغت مصر موافقتها على حل اللجنة الإدارية التي أنشئت مؤخرا لإدارة قطاع غزة، والقبول بمصالحة مع فتح وتشكيل حكومة وطنية. وكانت القاهرة تقدمت بطرح حل اللجنة الإدارية وتشكيل حكومة وحدة مهمتها حل الأزمات الداخلية والتمهيد لإجراء انتخابات رئاسية وتشريعية، كبادرة للحوار مع حركة فتح بقيادة الرئيس محمود عباس، وفتح الطريق أمام المصالحة الفلسطينية. وبهذا التطور بدت التفاهمات الأمنية والسياسية التي توصلت لها حماس مع التيار الفلسطيني الإصلاحي بقيادة محمد حلان، على المحك، وفهمت بعض الدوائر أن الحوار مع عباس سيكون على حساب ما تم التوصل إليه مع تيار دحلان الأسابيع الماضية. وقال أيمن الرقب العضو بالتيار الإصلاحي لـ”العرب” إن تياره يقف مع المصالحة الفلسطينية وليس ضد أي اتفاق بين حماس وأبومازن، وهم (التيار الإصلاحي) أول من حركوا المياه باتجاه الحوار والمصالحة. وكان محمد دحلان وصل القاهرة في وقت متزامن مع زيارة لوفد حماس الذي يرأسه إسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي للحركة، ثم غادرها بعد يومين، دون أن يلتقي وفد الحركة. وألمح مصدر أمني لـ”العرب” إلى أن عدم حدوث لقاء بين دحلان ووفد حماس، يرجع إلى تجنب القاهرة استفزاز رئيس السلطة الفلسطينية الذي يخشى زيادة نفوذ التيار الإصلاحي، لأن دحلان منافس قوي له، وبدا على أبومازن الامتعاض من الوساطة المصرية بين حماس ودحلان، وما أسفر عنها من تقارب بين الجانبين. ومعروف أن القيادي الفلسطيني محمد دحلان يتنقل بين أبوظبي والقاهرة بصفة دائمة، ويباشر عمله من العاصمتين، ومتوقع أن يعود مرة أخرى إلى مصر الأيام المقبلة. وعلمت “العرب” من مصادر سياسية أن إعلان حماس موقفا إيجابيا من أبومازن والمصالحة معه، لن يكونا على حساب التيار الإصلاحي، وأن القاهرة ليست منحازة لتيار بعينه، وحريصة على لم الشمل الفلسطيني بشتى أطيافه. وقالت حماس في بيان الثلاثاء إنها على “استعداد لعقد جلسات حوار مع حركة فتح في القاهرة فورا لإبرام اتفاق وتحديد آليات تنفيذه”. وأعلنت حماس في مارس الماضي تشكيل لجنة إدارية خاصة لإدارة شؤون قطاع غزة مؤلفة من سبعة أعضاء، وهو ما دفع أبومازن إلى اتخاذ تدابير، بينها إحالة أكثر من ستة آلاف من موظفي الحكومة بغزة إلى التقاعد المبكر، وخفض رواتب عدد كبير من الموظفين، وعدم دفع فاتورة الكهرباء التي تؤمنها إسرائيل لتغذية القطاع. وأشارت السلطة الفلسطينية في وقت سابق إلى أن وقف إجراءاتها حيال غزة مرتبط بحل اللجنة الإدارية وتمكين حكومة التوافق من القيام بمسؤولياتها في القطاع. ودعا بيان حماس إلى “تمكين حكومة الوفاق الوطني من ممارسة مهامها وإجراء الانتخابات، على أن يعقب ذلك عقد مؤتمر موسع للفصائل بالقاهرة، بهدف تشكيل حكومة وحدة وطنية”. وقال مصدر مصري يتابع الملف الفلسطيني لـ”العرب”، إن ما أقدمت عليه حماس خلال زيارة وفدها للقاهرة لا يحمل جديدا، فالحركة وافقت أكثر من مرة على المصالحة الفلسطينية ثم تنصلت منها. وأضاف المصدر أن الحركة أعلنت أيضا التزامها بكل الإجراءات التي تصب في صالح الحفاظ على الأمن القومي المصري، ومع ذلك لا تزال العمليات الإرهابية مستمرة في سيناء. وقال حازم أبوشنب القيادي بحركة فتح إن ما أعلنته حماس مجرد مناورة لتسهيل انعقاد اجتماعاتها في القاهرة، لأنها أدركت أن هذه الخطوة لا بد وأن يقابلها موقف لافت، مشددا على “صعوبة تصديق نوايا حماس سوى بإجراءات حقيقية على الأرض”. ◄ اقرأ أيضا: حماس.. الانتهازية السياسية في نقطة الحرج المطلق
مشاركة :