وزير الشؤون الاجتماعية، في تصريحات لـ"العرب"، أن "أطراف الحوار لم تتوصل إلى اتفاق لإصلاح الصناديق الاجتماعية لكن قطعنا خطوات مهمة في هذا الاتجاه". وتتولى لجنة ثلاثية متكونة من اتحاد الشغل ومنظمة أصحاب المؤسسات والحكومة، الممثلة بأربع وزارات، متابعة وضعية الصناديق الاجتماعية والإصلاحات الضرورية لإنقاذها. وتعيش الصناديق الاجتماعية عجزا ماليا منذ سنوات بلغ أقصاه في خضم الأزمة الاقتصادية التي تعصف بالبلاد منذ الإطاحة بنظام الرئيس الأسبق زين العابدين بن علي عام 2011.محمد الطرابلسي: نأمل أن نتوصل في أقرب الآجال إلى مشروع متكامل توافقي بين الجميع ولفت الطرابلسي إلى أن "اللجنة بصدد اتخاذ إجراءات من شأنها أن تعيد التوازن إلى الصناديق الاجتماعية". وأضاف أن "ما تم الاتفاق عليه هو تشخيص الواقع الحالي للصناديق والأسباب التي أدت إلى العجز". وأردف قائلا "إلى الآن ليس هناك اتفاق حول مشروع للإصلاح لكنّ هناك توافقا حول محاور الإصلاح والمبادئ التي سيتركز عليها”. وتابع “نأمل أن نتوصل في أقرب الآجال إلى مشروع متكامل توافقي لتقديم مشروع قانون للحكومة يتعلق بإصلاح الصناديق الاجتماعية". وأكد الطرابلسي أن تعدد محاور الإصلاح راجع إلى قناعة كل الأطراف بأن إصلاح الصناديق الاجتماعية وتحقيق انتعاشة مالية ضرورة قصوى للحفاظ على المنظومة الاجتماعية المتوازنة في تونس. وتشمل محاور الإصلاح الاتجاه نحو تنويع مصادر التمويل للصناديق ومراجعة سن الإحالة على التقاعد والضغط على الإنفاق وإرساء آليات جديدة من أجل حسن استخلاص ديون الصناديق الاجتماعية. كما تشمل الإصلاحات، أيضا، مراجعة المساهمات الاجتماعية لما يمكن أن يؤدي إلى الرفع فيها وتوسيع قاعدة الضمان الاجتماعي وإدماج القطاع غير المنظم في منظومة القطاع الاجتماعي. لكن النقطة الأخيرة أثارت استياء المنظمة العمالية، التي انتقدت رؤية الحكومة لإنقاذ الصناديق الاجتماعية. وعبر نورالدين الطبوبي، الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل، عن رفض الاتحاد لعدد من “القرارات الأحادية للحكومة ومنها القرار المتعلق بالرفع في المساهمات الاجتماعية". ولفت إلى أن “المنظمة العمالية لها رؤية للإصلاح تختلف عن رؤية الحكومة". وأكد الطبوبي، في تصريحات لـ”العرب”، أن “المنظمة العمالية استكملت تحديد المعوقات التي أدت إلى خلل في التوازنات المالية للصناديق الاجتماعية وشرعت في البحث عن إيجاد الحلول والبدائل المتعددة”. وأوضح الطبوبي قائلا “لدينا العديد من المقترحات التي تقدمت بها اللجنة الاجتماعية للتفاوض لمعالجة الخلل".نورالدين الطبوبي: سنستكمل الحوار وسنخرج بحلول عملية لإصلاح ملف الصناديق الاجتماعية وتوقع مراقبون أن تجدد الإجراءات الحكومية القاسية للنهوض بالاقتصاد والتسريع في عجلة التنمية صداما مع الشركاء في حكومة الوحدة الوطنية وستكون مهمة صعبة للتركيبة الحكومية الجديدة. وتشكل الإصلاحات الاقتصادية المعلن عنها تحديات جديدة ستكون بمثابة الاختبار للوزراء الجدد على المستوى السياسي والشعبي. وقال الطبوبي "نحن منفتحون على كل الخيارات ومستعدون للتضحية شرط أن تتحقق العدالة بين كل فئات المجتمع وبين مختلف الأصناف المهنية". وأردف قائلا “نريد نظرة استشرافية لإصلاح الصناديق الاجتماعية تقوم على إصلاح جذري خاصة في ما يتعلق بصندوق التأمين على المرض لما له من تداعيات سلبية على قطاع الصحة العمومية". وأشار إلى أنه “قبل نهاية السنة الحالية سنستكمل الحوار وسنخرج بحلول عملية لإصلاح ملف الصناديق الاجتماعية لكن دون أن تكون على حساب الطبقة العاملة دون غيرها". وشهدت العلاقة بين اتحاد الشغل والحكومة الحالية تجاذبات بسبب ملفات ساخنة كمطالبة الحكومة بالاستجابة للدعوات النقابية لإقالة وزير التربية السابق ناجي جلول وحفاظ الاتحاد على موقفه الرافض لتأجيل الزيادة في الأجور. لكن هذه المسائل تعد مجرد نقاط خلافية لم يتخل فيها الاتحاد عن دعمه للحكومة وحرصه على الحوار التوافقي والتشاركي للخروج من الأزمة الاقتصادية والاجتماعية التي تعصف بالبلاد. ويرى المحلل السياسي بشير الجويني، في تصريحات لـ”العرب”، أنه “في كل الحالات يتعين على الحكومة المضي قدما في الإصلاحات الموجعة وتحمل مسؤوليتها في ذلك أمام التونسيين جميعا ممن يساندها وممن لا يوافق على قراراتها". وأشار الجويني إلى أن “واقع الصناديق الاجتماعية يحتم التدخل لمعالجة التوازنات المالية المختلة". وأضاف “يجب على كل الأطراف الاجتماعية مراعاة الواقع الحساس والفترة الحرجة وتفضيل المصلحة العامة متى لم تتعارض مع مصلحة العمال والموظفين والطبقات محدودة الدخل".
مشاركة :