أكد محللون سياسيون أن زيارة حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى رسالة قوية لدول الحصار والعالم، مفادها أن دولة قطر استطاعت تجاوز أزمة الحصار، وتؤكد كذلك على الأمن الداخلي الذي تتمتع به قطر حتى في ظل الأزمة. وأكدوا أن الشراكات بين قطر وتركيا تدل على أن العودة إلى ما قبل الحصار لم تعد واردة، وأن أية تسوية مقبلة ينبغي أن تأخذ في الاعتبار موازين القوى الجديدة، وهي إصرار قطر على أن تكون لها سياسة خارجية ودفاعية مستقلة، كما تفعل باقي دول الحصار. تقية: شراكة استراتيجية مع تركيا.. وتقدير لألمانيا قال حواس تقية -الباحث في مركز الجزيرة للدراسات السياسية- أن زيارة حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى إلى تركيا تحمل عدداً من المعاني، يتصدرها أولاً الجانب المعنوي، فهي أول زيارة للأمير خارج البلد، منذ بداية الحصار الذي بلغ 100 يوم، للتأكيد على أن القيادة القطرية انتهت من تسوية الإجراءات الخاصة بالجبهة الداخلية، وأن إدارتها روتينية، ولا تحتاج إلى حضور دائم للأمير، بل يمكن لمساعديه أن يتولوها، ما يبعث بإشارة إيجابية للعالم أن قطر واثقة من نفسها، بخلاف ما يشيعه إعلام دول الحصار، وعدد من دبلوماسييها. وأضاف أن المعنى الثاني هو أن هذه الزيارة الأولى تكون لتركيا، كرسالة شكر من القيادة القطرية للقيادة التركية على موقفها المتضامن مع قطر، والمساند لها على مختلف المستويات الاقتصادية والعسكرية والدبلوماسية، وتأكيد على أن قطر تشكر الصديق الذي تضامن معه أولاً. وأوضح أن المعنى الآخر هو أن زيارة سمو الأمير لتركيا جاءت قبل زيارته التي أعلنت عنها وسائل الإعلام إلى ألمانيا، التي ساندت أيضاً قطر، ومن المعلوم أن تركيا وألمانيا متخاصمتان، فقدمت القيادة القطرية زيارة تركيا على زيارة ألمانيا للفارق بين نوع ومقدار تضامن البلدين معها، وإن كانت حريصة على توجيه الشكر لهم جميعاً. الوساطة الكويتية كما لفت تقية إلى أن الأبعاد الأخرى للزيارة تأتي متزامنة مع زيارة يقوم بها رئيس الوزراء الكويتي لتركيا، في إطار الوساطة الكويت، وهي فرصة لبحث حصيلة جهود الوساطة الكويتية، والأدوار التي يمكن أن تلعبها تركيا، بما تملكه من وزن دولي وإسلامي في دعمها وإنجاحها، وقد يتمخض النقاش مجموعة من الأفكار، تستعين بها الكويت في إنضاج مقترحاتها لتسوية الأزمة. وأكد تقية أن هذه الزيارة تدل على خيارات قطر المستقبلية، وهي الشراكة الاستراتيجية مستقبلاً مع تركيا في جوانب حيوية، وهي الجوانب العسكرية، بعد الأشواط التي أنجزت في إنشاء القاعدة العسكرية التركية بالدوحة، والاقتصادية، بعد الشراكات الكبرى في مجالات عديدة، مثل البنية التحتية، والصناعات الغذائية، والطاقة. خاصة أن سمو الأمير تميم أشرف على الشروع في توسيع ميناء حمد، وقد تكون زيارته لتركيا فرصة لبحث إمكانيات إسهام تركيا -بما تملك من خبرات وموارد- في إنجاز المشاريع المقررة لتوسيع الميناء، خاصة أن تركيا دولة بحرية ولها موانئ كبيرة، ودراية واسعة بالتجارة البحرية وتأمينها. وأشار الى أن البعد الآخر هو أن الزيارة قد تكون فرصة أيضاً للقيادتين القطرية والتركية لبحث الوضع في سوريا، بعد التطورات الأخيرة، ولعل من بينها، التقارب التركي الروسي الإيراني من جهة، وانهيار التنسيق الخليجي في الملف السوري بعد الحصار على قطر، وتراجع أهمية سوريا في أولويات السياسية السعودي. لذلك، قد تبحث القيادتان -القطرية والتركية- سبل التعاون في هذا الملف، على ضوء التحولات الجديدة، ما يدعم موقف المعارضة السورية في الترتيبات الجارية. عبد الله باعبود: رغبة قطرية لخلق مزيد من الشراكات وصف الدكتور عبدالله باعبود مدير مركز دراسات الخليج بجامعة قطر الجولة الخارجية لحضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى بأنها جولة نوعية، لأن توقيتها يأتي في ظل استمرار أزمة الحصار على دولة قطر. وأكد باعبود على أهمية هذه الزيارة، والتي يستهلها حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى إلى تركيا، مما يشير للدور القوي الذي لعبته الأخيرة خلال الأزمة بالوقوف إلى جانب قطر؛ أولاً تفعيل الاتفاقية العسكرية في بداية الأزمة. وثانياً دور تركيا في دعم قطر من النواحي الاقتصادية وتوفير السلع الغذائية، بالإضافة إلى الدعم السياسي والمعنوي. وأضاف أن هناك رغبة مشتركة بين البلدين في خلق مزيد من الشراكات، وتوطيد العلاقات الثنائية بين البلدين في جميع المجالات كالاستثمار والتعاون العسكري، ولفت باعبود إلى أن قطر اعتادت على خلق صداقات إقليمية بين العديد من الدول. حمزة المصطفى: فشل لمساعي المحاصرين قال حمزة المصطفى -الباحث في المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات- أن الجولة الخارجية لجولة حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى -والتي يستهل محطتها الأولى في العاصمة أنقرة- لها معانٍ ودلالات عدة، أولها وأبرزها أن بلاده استطاعت تجاوز الأزمة، ولم يعد ثمة ما يهدد الأمن والاستقرار الداخلي، التي حاولت دول الحصار العبث به خلال الشهور الماضية. وثانيها، إضفاء صفة «الاستراتيجية» على علاقات بلاده مع تركيا، بعد الدور المحوري والمساند الذي لعبته تركيا في دعمها للدوحة بداية الأزمة والحصار من جهة، والتأكيد من جهة ثانية على الشراكة في مختلف المجالات السياسيّة، والاقتصادية، والتنمويّة. وثالثها، تتحضر تركيا -بعد تفاهمات أجرتها مع روسيا وإيران وتركيا- إلى نتائج مؤتمر «أستانة» حول المسألة السوريّة، ولا شك وجود صاحب السمو في أنقرة هو جزء من مشهد هذه التفاعلات، بحكم الدور الهام الذي لعبته قطر في الملف السوري خلال السنوات الماضية، وهو ما يبعث بدوره رسائل لدول الحصار بفشل مساعيهم لعزل قطر على الصعيد الإقليمي والدولي.;
مشاركة :