السياسة الخارجية الكويتية - مقالات

  • 9/22/2017
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

في العقود التي تلت التحرر الوطني واستقلال الدول العربية من الاستعمار في منتصف القرن الماضي، ظهرت بينها خلافات عدة، أحياناً بسبب الخلاف على الحدود، وأحياناً بدعوى التآمر والعمالة وغيرها العديد. ونستدعي في هذا الصدد الخلافات بين مصر والسعودية، وبين مصر واليمن، وبين مصر والعراق، وبين مصر وسورية، وبين الدول العربية ومصر بعد معاهدة كامب ديفيد، وكذلك الخلافات بين دول المغرب العربي، والخلافات العراقية - الكويتية، وبلغت تفاهة بعض الخلافات أنها كانت بسبب مباراة كرة قدم، مثلما حصل بين مصر والجزائر. ولكن هذه الخلافات لا تستمر طويلاً، وكانت تحل بالحكمة والديبلوماسية وانطلاقاً من المصلحة العربية المشتركة، والتضامن العربي ضد المخططات والاعتداءات الاستعمارية والصهيونية. لكن خلال تلك العقود ومنذ إعلان استقلال الكويت في بداية ستينات القرن الماضي، كانت السياسة الكويتية الخارجية تتميز بالتوازن، ولم تدخل في مهاترات وملاسنات ومفردات سوقية، رغم أن ذلك كلفها ونالها الكثير من الآخرين. ونتذكر في ثمانينات القرن الماضي، التشهير الإعلامي المصري ضد الكويت، والهجوم الشخصي على أمير الكويت الراحل الشيخ جابر الأحمد رحمه الله، في حين أنه قال لمن طلب منه ضرورة أن يرد الإعلام الكويتي على الإساءة «أن مصر أختنا الكبيرة ولا يجب الرد، وستهدأ الأمور»، وبالفعل مرت هذه السحابة القاتمة بين الأخوة. وما زالت الكويت تنهج نفس النهج الديبلوماسي المتوازن والهادئ، واحتملت الكثير من الإساءة من الدول الشقيقة والصديقة، فهي لم تدخل في صراع مع إيران، ولم تتدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى، كما أن دستورها يحظر عليها شن حرب سوى الحرب الدفاعية، وحتى في الساحات المضطربة مثل سورية والعراق واليمن وغيرها، لم تكن طرفاً ضد طرف، ولكنها كانت تلعب دوماً دور «حمامة السلام». فلم تتصرف الكويت أكبر من حجمها وقدراتها، وكانت واقعية في تعاملها مع الأحداث، بينما تعامل بعض السياسيين ونواب مجلس الأمة والصحافيين، على أن الكويت دولة عظمى، عبر الخطاب الاستفزازي وإطلاق عبارات الوعيد، وهذا لا يعني أن الحكومة تملك نفس الحكمة في السياسة الداخلية، فقد أصبح المواطن لا يثق بها، على حد تعبير الشيخ محمد العبدلله وزير الإعلام بالوكالة. وما نشهده الآن على الساحة الخليجية، أمر مؤسف للغاية، إذ لم تقتصر الخلافات على الحكومات والأنظمة، بل تم إدخال الشعوب الشقيقة لتكون طرفاً في الخلاف، رغم أن هذه الشعوب يُخفى عليها الكثير من أسباب الخلاف، ووصل التراشق بالكلام المسيء والبذيء، إلى الكويت في محاولة لإرغامها كي تكون طرفاً في الخلاف، لكن السياسة الخارجية الكويتية ظلت على نهجها المستمر، ودورها في رأب الصدع بين الأشقاء. osbohatw@gmail.com

مشاركة :