القاهرة - وكالات: يوماً بعد يوم، تبدو الأمور في مصر والعلاقة بين السلطات أكثر تشابكاً وتداخلاً، فيما يبدو الحديث عن حياة سياسية حقيقية بالبلد العريق بعيداً الواقع، في ظل مواجهة الحكومة لتهم استهدافها أي محاولة تعيد السياسة إلى مصر. وفي بلد يفاخر بأنه أول من عرف وأنشأ الدولة ذات الجيش النظامي، والحدود المعروفة، والحياة السياسة المنظمة، لم تعد حكومة مصر تعتقد أن كل من يسعى لإحياء المعارضة التي دُفنت تحت أنقاض الثالث من يوليو 2013، خارجاً عن القانون وحسب، وإنما تعتبره لا يستحق حمل جنسية البلاد. ووافقت حكومة شريف إسماعيل، على مشروع قانون يقضي بسحب الجنسية ممن ينضم إلى جماعة أو حركة أو تيار أو أي كيان يسعى لـ «المساس» بالدولة أو بنظامها الاجتماعي أو الاقتصادي أو السياسي بـ «القوة» . ويشترط القانون الجديد استخدام «القوة» وسيلة للمساس بأي من الأنظمة التي حددها، وجعل إسقاط الجنسية مرهوناً بحكم قضائي يثبت التهمة السالفة عليه، غير أن واقع الحال في مصر، أمناً وقضاءً، يجعل التعويل على عدالة المؤسسات المنوط بها توجيه الاتهام وإثباته أمراً غير وارد، كما أن القانون تحدّث عن «القوة» حديثاً عاماً غير مفصّل. ووفقاً لبيان للحكومة، فإن القانون الجديد ينص على «إسقاط الجنسية عن كل من ثبت، بحكم قضائي، انضمامه لجماعة أو جمعية أو جهة أو منظمة أو عصابة أو أيّ كيان، أياً كانت طبيعته أو شكله القانوني أو الفعلي، يهدف للمساس بالنظام العام للدولة، أو تقويض نظامها الاجتماعي أو الاقتصادي أو السياسي، بالقوة أو بأيّة وسيلة من الوسائل غير المشروعة». ولا يختلف الأمر سواء كانت هذه الجماعة أو هذا الكيان موجوداً داخل البلاد أو خارجها، كما يشمل التعديل سحب الجنسية من كل من اكتسبها عن طريق الغش أو شهادة كاذبة. يضاف إلى ذلك حالة أخرى لحالات إسقاط الجنسية تتعلق بـ «صدور حكم بالإدانة في جريمة مضرة بأمن الدولة من جهة بالخارج أو الداخل» . اللافت أن إقرار القانون تزامن مع إعلان سياسيين مصريين عزمهم تأسيس جبهة معارضة جديدة لإحياء الحياة السياسية بالبلاد، وهو ما يراه البعض محاولة لتهديد هؤلاء وثنيهم عما يفكرون فيه، كما أنه يعكس- برأي آخرين- ما يمكن وصفه بـ «صراع الجبهات» داخل النظام نفسه. وقالت مصادر داخل الجبهة المعارضة التي ما تزال قيد التأسيس، «إن ثمة صراعاً في أروقة الدولة بدأ يظهر للعلن، غير أن أسباب الخلاف ليست واضحة حتى الآن، وغالباً هي أسباب شخصية وليست سياسية، حسب قولهم. ووصفت الناشطة الحقوقية نيفين ملك هذه المصطلحات (تقويض الدولة) بأنها «سيئة السمعة»؛ لأنها تستخدم كمطيّة وعصا ضد كل صوت معارض في منظومة يغلب عليها الصوت الواحد، حسب قولها. وتتابع الناشطة الحقوقية: «أخشى أن تتورط أجهزة الدولة، ومنها القضاء، في هذه الأفعال التي تمس بالحقوق الأساسية والدستورية لمواطنين لا ذنب لهم إلا أنهم معارضون سلميون». وعن احتمالية رفض البرلمان لمشروع القانون، تقول ملك: «للأسف الشديد مجريات الأمور تؤكد غياب دور البرلمان الرقابي على التشريعات، بل إن وسائل الإعلام الغربية تصفه بأنه برلمان العرائس الجاهز للتمرير». وبالطبع -تضيف الناشطة المصرية- حال الموافقة وإقرار مشروع القانون، ومن خلال الجو العام يُخشى من استخدامه كوسيلة للانتقام من المعارضين في الداخل أو الخارج. وتنص المادة 15 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، على أن لكل فرد حق التمتع بجنسية ما، لا يجوز، تعسُّفاً، حرمانُه منها ولا من حقِّه في تغييرها. ومن ثم، -وفق ملك- فإن مجرّد الشروع من قبل السلطة في مناقشة مشروع لسحب الجنسية هو «سيف مسلط» على رقاب أي معارض للسلطة وتهديد دائم له؛ بل هي جريمة في حق جميع المصريين.
مشاركة :