حكومة الحريري «كيس ملاكمة» بين عون وبري - خارجيات

  • 9/27/2017
  • 00:00
  • 7
  • 0
  • 0
news-picture

لم تُعِر بيروت، التي يحوم فوقها «النموذج اليوناني»، أيّ اهتمامٍ لملامح حربٍ جديدة في المنطقة، ترتسم فوق خطوط تماس «دولة» كردستان مع بغداد وأنقرة وطهران. فلبنان، الذي يضجّ منذ ثلاثة أيام بـ «صراخٍ» على وقع المأزق المالي الناجم عن الارتجالية في إدارة شؤون البلاد، «يعاند» الانزلاق الى ما يشبه «الفوضى السياسية» مع تَزايُد التحديات بوجه صمود الصفقة الرئاسية التي أفضتْ قبل نحو عامٍ إلى انتخاب العماد ميشال عون رئيساً للجمهورية وعودة سعد الحريري رئيساً لحكومةٍ ائتلافية في إطار تَفاهُم على تحييد لبنان عن أزمات المنطقة، وفي مقدّمها الصراع في سورية. ففي اللحظة التي يتم تحويل الحكومة ورئيسها سعد الحريري «كيس ملاكمة» في الحرب السياسية المفتوحة بين الرئاستين الأولى والثانية (عون ونبيه بري) وآخر فصولها المأزق المالي، تنصاع البلاد لـ «أمرِ العمليات» الذي كان جاء على وهج التحولات في الميدان السوري والذي قضى باستعجال تطبيع العلاقة مع نظام الرئيس بشار الأسد، فاقتُلعت آخر جيوب الجماعات الإرهابية من على الحدود بين البلدين ووُضع ملف النازحين السوريين على الطاولة، وبوشرت زياراتٌ لوزراء موالين للنظام الى دمشق، الى ان طلب وزير الخارجية جبران باسيل لقاءً عقده مع نظيره السوري وليد المعلّم في نيويورك. وبدا أن هذا المسار جاء معاكِساً لحركةٍ استيعابية كان قام بها الحريري لرسْم دورٍ للبنان كـ «لاعبٍ» على الطاولة، فقَصد واشنطن لتجنيب لبنان أضرار العقوبات الأميركية على «حزب الله»، وموسكو لتفادي أثمان تَقاسُم النفوذ في سورية، وباريس لضمان شراكةٍ في رسم مستقبل المنطقة، في الوقت الذي ذهب عون وفريقه الى مكان آخر من خلال إعلان رئيس الجمهورية دعمه لدور «حزب الله» وسلاحه، وعزمه التنسيق مع نظام الأسد لإعادة النازحين، وإطلاق اشارة متقدمة في تطبيع العلاقات مع دمشق عبر لقاء باسيل - المعلّم. ورغم ان عون سمع كلاماً واضحاً من الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون عن ان عودة النازحين مرتبطة بحلّ سياسي في سورية، وان تَمسُّك الحكومة اللبنانية بسياسة النأي بالنفس هو أفضل طريق للحفاظ على الاستقرار وان حماية المسيحيين في الشرق لا تعني الدفاع عن بشار الأسد، فإن المؤشرات تشي بأن الرئيس اللبناني سيمضي قدماً في الخروج من المنطقة الرمادية التي أَمْلتها الصفقة الرئاسية الى خياراتٍ أكثر وضوحاً في ملاقاة «حزب الله» والتطبيع مع نظام الأسد، رغم «النقزة» التي أثارتْها مواقفه والتململ الداخلي حيالها. وفي تقدير دوائر مراقبة في بيروت أن لبنان لن يكون بمعزل عن «شظايا» الاندفاعة الكردية في شمال العراق، التي يتعاطى معها «محور الممانعة» على أنها فوز بـ«النقاط» للآخرين، وفي مقدمهم الولايات المتحدة وحلفائها في المنطقة، وانها تنطوي على إشاراتٍ واضحة بأن الولايات المتحدة وحلفاءها ماضون قدماً في هجومهم المعاكس، والذي سيكون «حزب الله» الهدف التالي له. ولم تستبعد تلك الدوائر ان يؤدي المناخ الأكثر حماوة، ربطاً بالتطورات في شمال العراق، الى رفْع «حزب الله» من وتيرة ضغوطه لاستعجال عملية التطبيع مع نظام الأسد لإعادة النازحين، استباقاً لأي محاولات استثمارٍ في ملف النزوح ولضمان عودتهم الى «بيت الطاعة» قبل اي انتخاباتٍ قد تمليها التسوية السياسية في سورية. وتعتقد الدوائر عيْنها ان عون، الذي يَطْمَئن «حزب الله» لأدائه في الداخل والخارج، سيؤازر الحزب في خياراته على النحو الذي من شأنه مفاقمة مأزق شركائه في الصفقة الرئاسية، وخصوصاً في ضوء ما اعتبره وزير الداخلية نهاد المشنوق «تَحوُّلاً سياسياً ليس جزءاً من التسوية التي اتفقنا عليها» بعدما كان وصف لقاء باسيل - المعلّم بـ «الاعتداء السياسي» على رئاسة الحكومة. ورغم الإشارات التي برزت امس وأوحت بأن الأفق القريب لا يحمل بوادر هزّات سياسية دراماتيكية، إلا أن محاولة جرّ لبنان الى المحور الإيراني رسمياً ودفْعه للتطبيع مع النظام السوري وما استدعتْه من عودة الاستقطاب السياسي حول هذه العناوين، تزيد المخاوف من مرحلة «كباش» قاسية دخلتها البلاد في ظل «فتائل» مالية - اجتماعية أبرزها ملف سلسلة الرتب والرواتب والبحث المضني عن مَخارج لدفْعها نهاية هذا الشهر بعدما أبطل المجلس الدستوري قانون الضرائب لتمويلها، وهو الملف الذي يعقّده الخلاف المستشري بين الرئيسي عون وبري والذي استوجب إرجاء مجلس الوزراء اتخاذ قرار في شأن المخرج من يوم امس الى الغد بانتظار عودة عون وسط غليان في الشارع وتمديد الإضراب في المؤسسات العامة والقطاع التربوي ليومين.

مشاركة :