ركزت جلسات الحوار السياسي المنعقدة في تونس لليوم الثالث على التوالي على إعادة تشكيل المجلس الأعلى للرئاسة، وطرحت فكرة انتخاب رئيس ونائبين له، وعلاقة حكومة الوفاق بالمجلس الرئاسي، الذي سيبقي على صلاحية موسعة للقائد الأعلى للجيش الليبي المتنازع عليها مع مجلس النواب (البرلمان)، شرق ليبيا.وأخفت النقاشات السياسية خلال اليوم الثالث من جلسات الحوار صراعاً سياسياً مبكراً حول من سيشغل رئاسة المجلس الأعلى للرئاسة، وعضوية هذا المجلس في شكله الجديد، حال الاتفاق على تشكيله.كما طرح مقترح بقاء فايز السراج، رئيس المجلس الرئاسي، في منصبه، شريطة بقاء نائبين من المجلس الرئاسي الحالي بالمؤسسة نفسها؛ أحدهما من الشرق وآخر من الجنوب، فيما طرحت كذلك فكرة تمكين شخصية توافقية من جنوب ليبيا من رئاسة المجلس الرئاسي، على أن يتولى عقيلة صالح، رئيس مجلس النواب (البرلمان)، منصب نائب أول للمجلس، وعبد الرحمن السويحلي، رئيس مجلس الدولة، منصب نائب ثان.وخلال اجتماعات أمس، اختفت لغة الحوار بين الأطراف الليبية، حسب عدد من المتابعين لجلسات الحوار الليبي، ووجهت عدة أطراف سياسية رسائل إلى لجنتي الحوار الممثلتين للبرلمان ومجلس الدولة، هدف بعضها التموقع السياسي، والبعض الآخر يعمل على فرض شروطه السياسية بصفة مبكرة قبل المرور إلى المحطات الانتخابية المقبلة.وبعد يوم أول طغت عليه لغة التفاؤل بالتوصل إلى حل سياسي ينهي الأزمة في ليبيا، برزت خلافات خلال يوم أمس، تمثلت في عدة شروط أملتها عدة أطراف سياسية، من بينها المجلس الأعلى للدولة، والمجلس الأعلى للقبائل والمدن الليبية، للقبول بالتعديل المزمع إدخاله على اتفاق الصخيرات المبرم في ديسمبر (كانون الأول) عام 2017 في المغرب.ولم تخف الأطراف التي حضرت جلسات أمس تمسكها بشروطها وعرضها على لجنتي الحوار السياسي، الذي سيتواصل وفق مصادر ليبية مطلعة إلى غاية يوم الاثنين المقبل، وفي هذا السياق اشترط عبد الرحمن السويحلي، رئيس المجلس الأعلى للدولة، على بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا «منح صلاحيات تشريعية لمجلس الدولة، مناصفة مع مجلس النواب (البرلمان)، مقابل موافقته على الإبقاء على المادة الثامنة المتعلقة بالمناصب القيادية، والمحددة لصلاحيات القائد الأعلى للجيش الليبي، وكذلك الإبقاء على تبعية قيادة الجيش لرئيس مجلس النواب (البرلمان)».كما رفض السويحلي مبدأ السماح بعودة أعضاء كتلة 94 المستقلين من المؤتمر الوطني الليبي العام إلى المجلس الأعلى للدولة، وبرر ذلك باختيارهم الاستقالة الطوعية من عضوية المؤتمر العام.وفي السياق ذاته، أصدر خالد رمضان أبو عميد، المتحدث باسم المجلس الأعلى للقبائل والمدن الليبية، بياناً أعلن فيه ترحيبه بمبادرة غسان سلامة، مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى ليبيا، وما جاء في خريطة الطريق المعلنة، ووصف ما توصل إليه سلامة بأنه «الحقيقة»، على حد تعبيره، وقدم 7 شروط للانخراط الكامل في خريطة الطريق الأممية، وهي أن يكون الحوار السياسي بين أبناء الشعب الواحد دون تدخل خارجي، وإطلاق سراح كل السجناء المحسوبين على النظام الليبي السابق دون قيد أو شرط، معتبراً هذا الشرط بادرة حسن نية، ورفع كل القيود الأمنية والعدلية ومذكرات الجنايات الدولية على المطلوبين دولياً، الذين شملهم العفو العام من رموز النظام السابق، والاعتراف بأن جميع الليبيين شركاء في الوطن دون إقصاء أو تهميش، وأن الكلمة للشعب لينتخب ويختار من يقوده، وعودة المهجرين والنازحين قسراً، ورد اعتبارهم، بالإضافة إلى تعويض المناطق والقبائل التي تعرضت لحروب ممنهجة من أجل أجندات داخلية أو خارجية. وأخيراً، وقف التدخل الخارجي بكل أشكاله، ورفع بند الوصاية التي تنتهجها أطراف إقليميه ودولية.وفي سياق متصل، أكد رئيس بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، خلال مؤتمر صحافي أمس، أن الاتفاق السياسي الليبي سيحال إلى مجلس النواب (البرلمان)، بعد الانتهاء من تعديله وصياغته للتصويت عليه، وهو ما يتطلب تنازلات مشتركة للقبول به، وإضفاء الشرعية عليه.وأضاف سلامة، موضحاً: «إننا على يقين بأن الاتفاق السياسي سيتم اعتماده، خصوصاً أن عقيلة صالح رئيس مجلس النواب (البرلمان الليبي) وعدني عندما التقيته بإعطاء الأولوية للتصويت على الاتفاق السياسي».وأكد المصدر ذاته أن المؤتمر الوطني يشمل جميع الأطراف السياسية الليبية لتوسيع رقعة المشاركة في العملية السياسية، مبرزاً أن الاتفاق السياسي سيظل ساري المفعول خلال الفترة المقبلة حتى حلول موعد انعقاد المؤتمر الوطني الوارد ضمن خطة العمل من أجل ليبيا.يذكر أن «خطة العمل الجديدة من أجل ليبيا»، أو «خريطة الطريق الأممية» تعتمد 3 مراحل، بدأت أولاها في تونس بالعمل على تعديل «الاتفاق السياسي» الذي وُقّع في منتجع الصخيرات. أما المرحلة الثانية، فتدعو إلى عقد مؤتمر وطني برعاية أممية لدمج «المنبوذين». في حين تهدف المرحلة الثالثة والأخيرة إلى تنظيم استفتاء على الدستور في غضون سنة، وفتح الباب أمام انتخابات رئاسية وبرلمانية.
مشاركة :