اهتمت بعض الصحف العربية، بنسختيها الورقية والإلكترونية بالتبعات المحتملة لنتائج الاستفتاء الذي أجراه إقليم كردستان بعد إعلان النتائج الرسمية بتصويت 92 بالمائة لصالح الانفصال عن العراق. ودعا بعض المعلقين للحوار بين الأكراد والدول المجاورة للوصول لتفاهم تفادياً لأخطار محتملة على المنطقة. "الحل ليس بقمع الأكراد" في موقع رووداو الكردي الناطق بالعربية تدعو سوسن مهنا الدول العربية إلى "التبصر ومحاولة استيعاب الهبة الكردية والدعوة للحوار مع الاقليم من اجل الحرص على وحدة العراق". وتضيف الكاتبة: "القضية الكردية معضلة في المنطقة ويجب ان يوضع لها حل، والحل ليس بقمع الأكراد مرة اخرى وبمذابح كما حصل في حلبجة وسانجاق وباهدينان وليسير عام 1988، ذلك ان المنطقة لا تحتمل بحراً جديداً من الدماء، يريدون حقهم هذا حقهم التاريخي". و يقول جودت هوشيار في موقع شفق الكردي: "يعتقد عدد كبير من المؤرخين و الباحثين و المفكرين من جنسيات مختلفة أن خارطة الشرق الأوسط الحالية بحاجة الى تصحيح وأن الأحداث العاصفة التي شهدتها المنطقة في السنوات الأخيرة وتداعياتها المتسارعة قد تؤدى الى أعادة رسمها من جديد، بما يرفع الظلم الذى وقع على الشعب الكردي". ويضيف الكاتب: "الواقع الجديد يفتح الأبواب على مصراعها، لتهب منها رياح التغيير التي لن يستطيع أحد بعد اليوم الوقوف أمام تيارها الجارف، وقد حان الوقت لإعادة النظر في خريطة الشرق الأوسط حسب مصلحة شعوبها وليس الاستعمار الذي لم يعد له وجود". في السياق ذاته، يرى جمال عبد الجواد في الأهرام المصرية أنه "لم يعد من الممكن تجنب جولة جديدة من الصراع حول مصير كردستان، لكن مازال لنا أن نتمنى أن تكون جولة الصراع الجديدة قصيرة وغير دامية، ومازال بإمكاننا التعلم من دروس جولات الصراع السابقة". و يضيف الكاتب: "على العرب التوقف عن حديث الأحقية والأفضلية التاريخية، وعليهم بالمقابل تأكيد أن العرب والكرد فرض عليهم العيش معاً في أوطان لم يختاروا حدودها، وإنما رسمتها اتفاقات سايكس بيكو الاستعمارية. لقد خسرنا الكثير عندما تم تعيين حدود بلادنا عشوائيا واستعماريا، وليس من العدل أن نخسر مرة أخرى عندما يحاول بعضنا إعادة ترسيم الحدود بشكل منفرد أو بالقوة". "مفاهيم أفرغت من محتواها"مصدر الصورةEPA في المقابل، يتهم أحمد حمادة في الثورة السورية أمريكا بتحريك استفتاء كردستان العراق لتحقيق مصالح لواشنطن في المنطقة، قائلاً: "ما أن ظهر للعالم أن فزاعة داعش المتطرف التي اخترعتها أمريكا آيلة للسقوط والانهيار وأنها تشهد موتها السريري حتى خرجت مشكلة استفتاء إقليم كردستان العراق". و يضيف الكاتب: "المثير للاشمئزاز والسخرية في آن واحد أن أمريكا مازالت تكذب بكل وقاحة فتقول إنها أوقفت برنامج تسليح الإرهابيين في الوقت الذي تزيد فيه جرعة دعمها لهم، وتعلن على الملأ رفضها لاستفتاء كردستان العراق لكنها أيدت وحمت وباركت الخطوة من تحت الطاولة، وتصرح أنها مع حل أزمات المنطقة بالطرق السلمية في الوقت الذي تعصف فيه خططها التقسيمية خرائطها واستفتاء الإقليم العراقي خير شاهد". ويتخوف صالح القلاب في الشرق الأوسط اللندنية من امتداد النزعات الانفصالية في المنطقة بعد اجراء الاستفتاء، قائلاً: "أخطر ما يمكن أن يترتب على خطوة الاستفتاء هذه التي أقدم عليها أكراد كردستان العراق هو أن عدواها قد تنتقل إلى العرب السنة، وهذا احتمال وارد جداً إذا بقيت الأمور تسير وفقاً لما ترتب على معادلة ما بعد الغزو الأمريكي في عام 2003 وإذا استمرت الهيمنة الإيرانية على هذا البلد العربي التي لا يستطيع كائن من كان إنكارها". في الصباح الجديد العراقية يؤيد طارق حرب الإجراءات التي اتخذتها الحكومة المركزية في بغداد ومجلس النواب ضد الحكومة الكردية بعد رفض الأخيرة إلغاء أو إرجاء الاستفتاء، قائلاً: "إن الدولة تتجنب إصابة أي مواطن كردي بأي ضرر خاصة وان تركيا وايران زادا من رفضهما للاستفتاء على الصعيد الاقتصادي والعسكري ولكن في جميع الاحوال ان هذه الاجراءات اعادت الثقة للمواطن في حكومته على الرغم من الظروف والأحوال المحيطة بالعراق". وفي الصحيفة ذاتها، يدعو جمال جصاني الحكومتين إلى التعامل مع الموقف بدون تصعيد الاتهامات، قائلاً: "كل منهما يدعي الدفاع والإخلاص لقيم الديمقراطية والتعددية والحداثة والحريات وما تضمنه الدستور من خلطات تشريعية ترضي ذائقة الجميع، مفاهيم أفرغت من محتواها، إذ لا تنسجم هذه المنظومة الحضارية والعقائد الشوفينية والطائفية والعشائرية المعتمدة لديهما. لا أحد منهما يمتلك مقداراً كافياً من المسؤولية والشجاعة كي يقر ما ألحقته سياساتهما وسلوكهما من أضرار بما كان يفترض أن يكون مرحلة للعدالة الانتقالية".
مشاركة :